مساء الفل
الزميل أدونيس
اقتباس:وأفترض أنه يزيد الملحد عذابا.
مش فاهم، هل تقول أننا نتعذب غصب عن مشاركاتنا التي أوضحنا فيها أننا نتعزى؟
أخشى أن يكون الموضوع من النوع الجدلي.
اقتباس:هل سأسلو عن عذاب الفقد الأبدي لأنني ذات يوم ومن فقدتُ سنتحول إلى أشكال أخرى قد تدب فيها حياة، فتنتفع بنا البشرية والطبيعة؟ ماذا لو لم يعنني أن ينتفع أحد؟ ماذا لو لم ينتفع أحد أساسا؟ ماذا لو عناني أن ينتفعوا فانتفعوا.. فما شأن هذا كله بعذاباتي الخاصة جراء الفقد الأبدي؟
أنت تنسى أنك بالفعل مجموعة من الكائنات الحيّة ولم توجد في الدنيا إلى عندما تضافرت العديد من الكائنات الميتة التي سبقتك في الحياة لتكون لك هذا الجسد الذي تعيش فيه الآن. وهذه الكائنات تدخلت فيها مكونات بشرية من الأم وربما بشكل غير مباشر آدميون أخر ساهموا في تكوين المواد العضوية التي تتغذى عليها وتغذيت عليها في بداية تكوينك، ولم يعنيهم أن تكون أنت الآن كما لا يعنيك أن تسهم أنت فيما بعد في تكوين كائنات أخرى ، وكانت لها حياتها في يوم من الأيام أيضا.
شأن هذا بعذاباتي أنّه يعرفني ما نحن صائرون إليه ويعطيني الفهم أنني لن "أموت" بمعنى التحول إلى عدم تام طالما أن الحياة مستمرة على الأرض وأن ما سيحصل لي هو نوع من فقدان الذاكرة عن هويتي وحياتي الحالية وتشتت جسدي لحيوات أخرى كثيرة ، تحظى كل منها ببداية جديدة.
بلغة أخرى أن فهم قانون الحياة يعطي قبولا لها كما هي، كيف تقبلت فكرة الموت في بداية معرفتك بها رغم صعوبتها؟
هكذا أيضا يمكن أن أتقبل أنا فكرة التحلل رغم تمسكي بجسدي الحالي وهويتي الحالية رغم صعوبة هذه الفكرة. لقد قلت إن الموضوع صعب في البداية كما كان تقبل فكرة موت " بابا وماما وأحبائي " صعب في بداية حياتي عندما كنت طفلا. والآن ليس صعبا ، وهكذا أيضا هذه الفكرة تمر بنفس المراحل حتى يعتاد الإنسان عليها.
وكما لا يعنيك أن تسهم في تكوين حيوات جديدة ، فأنا كذلك لا يعنيني أن أتقابل مع ذاك الشخص العزيز علي بعد خمسمائة مليار مليار مليار عام في مكان نغدو فيه كالأشباح وتكون كل وظيفتنا هي الترنيم للإله الذي فصلنا عن بعضنا بقسوة في الدنيا ، ونغدو مجرد آلات عازفة لمجده للأبد. هذه هي الأبدية المسيحية وهي فكرة غير معزية على الإطلاق بالنسبة لي بل فكرة سخيفة.
ولا يعنيني أن ألتقي مع الشخص العزيز علي ولنا أجساد طولها ستون ذراعا وفي يد كل منا سبعين حسناء يرتدين الخلاليل وتكون كل وظيفتنا هي الطعام والشراب والجماع ، ويكون موعد لقائنا في سوق الجمعة فقط لمدة ساعة ، أو عن طريق الغلمان المراسيل ، وعلى أمل أن يتحقق هذا بعد خمسمائة مليار مليار مليار عام ، فكرة سخيفة بالنسبة لي.
وكلاهما لا يعيد الأيام الجميلة التي عشناها معا. بل سنكون نلتقي وكأننا للمرة الأولى نتعرف على بعضنا البعض، ونبدأ من جديد، بعد انتظار يكفيه طولا أن ينسينا بعضنا البعض من أساسه.
وأخيرا أنت تقول للزميل طارق :
اقتباس:ما طرحته أيها الكريم جزء من أبجديات مواساة النفس لدى المؤمنين،
هو جزء من أبجديات مواساة النفس لدى
الإنسان سواء كان مؤمنا أم ملحدا.
وهذا ما كان كلانا يحاول شرحه.
تحياتي لك
أراكم بعد حين
:bye: