يا جماعة ، مسألة مصداقية الديمقراطية في ايران لا تهمنا، ايران دولة لها ثقل اقليمي ، دولة قوية ومن مصلحتنا كسب صداقتها، هناك ايرانيين انتقدوا نجاد على أساس أن عليه أن يهتم باستعادة الأراضي الإيرانية المحتلة من قبل دول الجوار أولا قبل أن يفكر بتحرير فلسطين، أن يقبل نجاد يد خامنئي لن يختلف بشيء عن أن يقبل بلير يد ملكة بريطانيا مثلا، لم يقل أحد أن ايران تمثل نموذج الديمقراطية الغربية، انها ديموقراطية اسلامية تسمح بالاختلاف في تفسير القران والفقه الإسلامي، وبالتالي لن تسمح لحزب لاديني بالمشاركة، لقد بنيت الجمهورية الإسلامية على أنقاض حكم علماني تابع لأمريكا، واليمين الديني له عيوبه التي لا ينكرها أحد، لو كانت ايران بلدا علمانيا لكانت هويتها الفارسية قد غلبت كل شيء آخر، وما كانت لتهتم بدعم القضايا الإسلامية مثل قضية تحرير فلسطين، لابد أن قضية فلسطين تهم من يفكر بها من منظور اسلامي أكثر مما تهم من يفكر بها من منظور انساني بحت، فهي في الحالة الأولى تكون قضية ذاتية وتهم صاحبها بشكل شخصي، أما في الحالة الثانية فلن تتجاوز التعاطف مع "آخر " وليس مع عضو آخر من أعضاء الجسد الواحد الذي "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ، لو كان رئيس الصين أو ماليزيا هو الذي قال تصريحا مماثلا هل سنحاكمه حول مصداقية ديموقراطية بلده؟ الأم تريزا كانت توزع منشورات تبشيرية نصرانية مع معوناتها للفقراء، من حق المحسن أن يترك إمضاءه على الأقل على احسانه، يصبغ هذا الإحسان بهويته الخاصة، نحن نتكلم عن الفرس بنوع من الاستعلاء حين نصفهم بالعجم، مع أن العجمي في اللغة العربية هو كل غير عربي، وليست صفة محصورة في الفارسي ، والفرس يستسلمون كثيرا لهذه النظرة محترمين كون العربية هي لغة القران وأن بلاد العرب هي التي نزل فيها القران، إن العلمانيين في ايران لا يهتمون بتعلم اللغة العربية ولا يحترمون العرب، ومعروفة قصة الملك النعمان بن المنذر حين أرسل وفدا إلى الملك كسرى الذي أتته الوفود الهندية والرومانية ..الخ فأنشدوه من أدبهم وتراثهم، وأنه قال أن العرب لا يملكون حضارة وأنهم مجرد بدو رحل، حتى استأذنه العرب بتواضع فأنشدوه بعض ما عندهم، إن بلاد فارس ذات حضارة قديمة وعريقة تسبق المذهبين السني والشيعي لأنها تسبق الإسلام نفسه، وليس من مصلحة العرب بالذات أن تتخلى ايران عن تدينها على الرغم من عيوب هذا التدين، ثم من قال أن الولي الفقيه غير قابل للتغيير؟ إن المرجعية الدينية عند الشيعة هي مرجعية قابلة للإنتخاب مثل المرجعية السياسية ويمكن لكل شخص أن يختار مرجعه، ولسيت مرجعية تابعة للدولة على طريقة مفتي الدولة العربي الذي لا هم له إلا تذكير الناس بوجوب طاعة أولي الأمر، صحيح أن الحرية والديموقراطية في ايران تتحركان ببطء كأنما تخوضان في ماء لزج ولكنهما تتحركان، هناك ضغط من السلطة الدينية ولكن الناس يعيشون حياتهم، المرأة تمارس الرماية وركوب الخيل وتفعل كل شيء وهي مرتدية الحجاب! وكثير من المتابعين لشؤون إيران السياسية شعروا بالإحباط حين فاز أحمدي نجاد "المحافظ" في الانتخابات وكانوا يريدون خاتمي الذي أيضا فرح الكثيرين حين فاز من قبل في الانتخابات لأنهم يعلمون أن من يصل إلى السلطة يستطيع أن يحدث فرقا، وليس مجرد ورقة في يد الولي الفقيه، رغم أن أحدا لا ينكر تأثير الولي الفقيه، ثم من قال أن أي دولة في العالم ليس فيها لوبي ضاغط فاعل أكثر من غيره يسبب خللا ما في الديموقراطية وانتهاكا لحقوق فئات أخرى وتمييزا لصالح أخرى؟ هناك أساتذة جامعات في أمريكا طردوا لأنهم شككوا في المحرقة النازية ضد اليهود، مثلما وقعت ضغوط من ايران على المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله ذات مرة لأنه حاول مراجعة بعض الوقائع التي يحكيها التراث الشيعي حول تاريخ خلافات فاطمة بنت محمد مع أبو بكر وعمر، نعم ربما كان على ايران أن تتخذ اجراءات اصلاحية أو/و تدافع عن نفسها فيما يتعلق بحقوق المسلمين السنة فيها الأمر الذي تملك فيه سلطة وقدرة على التغيير أكثر من مسألة تحرير القدس، ولكن هذا لا يمنع أن التهجم على ايران والتشكيك في اخلاصها لقضايا الأمة الإسلامية في مناسبة كهذه هو سلوك وقح ووضيع، يا ريت أحد حكام الدول العربية يجرؤ على التفوه بتصريح مماثل وإن لم يسع في تحسين وضع الأقباط أو الشيعة عنده، من المعروف جدا أن الدول الإسلامية غير العربية عموما هي أكثر ديموقراطية وتقدما من الدول العربية، وأكثر وحدة واستقلالية أيضا ، ايران أو غير ايران ، فأنا لم آت بشيء جديد .