تعالوا اولا نتفق على نقطة هامة وهي: ان (الجرّة) كُسرت تماما بين لبنان وسوريا شعبا وحكومات ، ولا أظن أن الزمن قادر على اعادة (تجبيصها) ثانية لأسباب عدة :الخلاف السوري اللبناني ليس وليد دخول الجيش السوري الى لبنان (لحماية المسيحيين أو لوقف الحرب الاهلية أو للقضاء على المقاومة الفلسطينية أو لتهريب المرتديلا والمارلبورو) أيا كان سبب الدخول . الحساسية السورية اللبنانية المعلن منها والغير معلن عمره مئة 88 سنة بالتمام والكمال أي من لحظة سلخ هذا الجزء عن سوريا وتكوين دولة اسمها لبنان .
الثقافة المارونية المستمده من الفكر الفرنسي استطاعت أن تنتشر بقوة في كل الاوساط اللبنانية ،الى أن برزت بعض الشخصيات (الوطنية والعروبية) على الساحة ونشأت الاحزاب المناهضة للفكر الماروني (الحزب القومي السوري الاجتماعي ، الحزب التقدمي الاشتراكي ، الناصريون ...) .
بعد الدخول السوري الى لبنان ، كان هناك سياستان لحافظ الاسد في لبنان : سياسة تخدم سوريا وهي خلق توازن طائفي في لبنان وسياسة تخدم سوريا ولبنان وهي اخراج اللبنانيين من حلم عاشوه على مدى سنوات بأن فرنسا وحدها مصدر الثقافة والتشريع والسلوك و(الفانتازيا) . قسم غير قليل من اللبنانيين استوعبوا الموقف وتعا ملوا مع الموقف بمنتهى الوطنية والقومية (وطبعا اتهمهم مخالفيهم بالعمالة لسوريا) وهذا ليس غريبا على الشعب العربي فنحن دائما اما أن نكون مع أو عملاء ، لايوجد خيار ثالث في الثقافة العربية .
الطرف الاخر لم يعجبه طبعا مايحصل وأخص هنا البطرك صفير و(آل الجميل) ، طبعا العماد عون خارج المعادلة نهائيا فهو لايعدو كونه (العنصر الحيادي كما يقال في التحليل الرياضي )اي يدخل ويخرج من المعادلة ولايترك أثرا .
المهم : المتضررين من (عروبة لبنان) بدؤوا نشاطهم منذ فترة ليست بالقصيرة (ولا أدري هنا لماذا غابت عن ذهن الغالبية منا زيارة البطرك صفير لواشنطن قبل اغتيال الحريري بأشهر قليلة ) . ولماذا لم يحاول أحد الربط بين الموقفين؟ .
عموما لن أطيل :هذه القوى باختصار لعبت لعبتها بشطارة وذكاء ، والضباط السوريون ملتهون بقضايا أخرى منها الشخصية ومنها مايظنون أنها أهم وان كنت أيضا أشك بأن معلوماتهم لقيادتهم لم تكن تصل دائما دقيقة . فوصل لبنان الى مارُسم له .
ما اريد ان اخلص اليه : دعونا نفكر بشيئ واحد فقط : اللبنانيون راضون عن واقعهم الحالي والمستقبل الذي ينتظرهم فلم لا ندعهم وشأنهم؟؟ فقط أرى أن من واجب أي سوري معارضا كان أو مواليا أن يقف الان مع سوريا كوطن ، فسوريا بحاجة الان للجميع لعقول الجميع وأيادي الجميع وحرص الجميع ضد مايُرسم لها عبر لبنان وقضية الحريري.

هامش بسيط : أمس كنت في سوبرماركت وكان أمامي عائلة تشتري خضار ، أخذ الرجل صندوق (بطاطا) ووضعه في العربة ، انتبهت زوجته للصندوق فقالت له بطاطا سعودية ؟ قال لا لبنانية قالت لااريدها اعدها الى مكانها لا اريد أي شي لبناني .