التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي
و التفسير اما بالماثور و هو الذي روي ان النبي صلى الله عليه و سلم نفسه او صحابته الذين اخذوا عنه و تعلموا منه , قد صرحوا به في بيان معنى القران و دلالته , و تكاد كل كتب السنة الكبيرة تشتمل على باب فيما روي عن النبي (ص) في تفسير القران , و يلحق بذلك ما نقل عن اصحابه في وجوه التفسير. و يعتبر تفسير اين جرير الطبري نموذجا للتفسير بالماثور , و قد استطاع العلامة السيوطي ان يجمع اكثر من عشرة الاف حديث في التفسير بالماثور و له كتاب في ستة اجزاء يسمى ( الدر المنثور في التفسير بالماثور).
و ما صح من التفسير الماثور المرفوع الى النبي(ص) لا يقدم عليه شئ, و يليه ما صح عن اصحابه , على ان الصحيح من هذا و ذاك قليل جدا.
و اكثر التفسير بالماثور قد سرى الى الرواة من زنادقة اليهود و الفرس و مسلمة اهل الكتاب, كما قال الحافظ ابن كثير . و جل ذلك في قصص الرسل مع اقوامهم , و ما يتعلق بكتبهم و معجزاتهم . و في تاريخ غيرهم كاصحاب الكهف و مدينة ارم ذات العماد و سحر بابل , و عوج بن عنق , و في امور الغيب من اشراط الساعة و قيامها , و ما يكون فيها و ما بعدها . و جل ذلك خرافات و مفتريات . و لذلك قال الامام احمد بن حنبل : ثلاثة لا اصل لها: التفسير و الملاحم و المغازي.
و اما بالراي.
و الادلة على جواز التفسير بالراي و الاجتهاد في فهم القران كثيرة قال تعالى من سورة النساء:
{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (83) سورة النساء
و قال تعالى من سورة محمد :
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد
و قال تعالى من سورة ص :
{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص
و من حديث ابن عباس : القران ذلول ذو وجوه فاحملوه على احسن وجوهه.
و قد دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم لابن عباس فقال: اللهم فقهه في الدين و علمه التاويل.
و قد روي عن على انه سئل: هل خصكم رسول الله بشئ؟ فقال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة, او فهم يؤتاه الرجل في كتاب الله.