"أبو غريب" جديدة بأيد عراقية

بغداد- سمير حداد- رويترز- إ16-11-2005

طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي يعرض صورا لمعتقلين تعرضوا للتعذيب

بعد عام ونصف العام على تكشف فضيحة تعذيب المعتقلين السياسيين على أيدي القوات الأمريكية في سجن "أبو غريب"، تكشفت قضية تعذيب أخرى لـ176 معتقلا عراقيا في قبو تابع لوزارة الداخلية العراقية وسط العاصمة بغداد. وأثارت هذه القضية الجديدة استياء وسخط قوى عربية سنية في العراق طالبت بفتح تحقيق دولي في هذه الانتهاكات الجديدة.

وفي بيان طالب الحزب الإسلامي العراقي الأربعاء 16-11-2005 "منظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ومنظمات حقوق الإنسان في العالم باستنكار هذه الخروقات الفاضحة لحقوق الإنسان"، وطالبها بإجراء "تحقيق دولي عادل لينال كل المتورطين بهذه الجرائم جزاءهم العادل".

وأكد البيان وجود أماكن أخرى يمارس فيها التعذيب، لم يتم الكشف عنها بعد. كما شدد على أنه "لم توجه أي تهمة لهؤلاء المعتقلين".

وفي مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، اتهم طارق الهاشمي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي وزارة الداخلية العراقية بالتورط في هذه القضية. وقال: "قناعاتنا قد تواترت بأن وزارة الداخلية العراقية ناشطة وضليعة فيما يجري لنا من أذى".

وأضاف: "لن نسكت عن هذه الجرائم التي وقعت علينا، وإذا ثبت تورط وزارة الداخلية فإنه لا بد من إقالة وزير الداخلية وحجبه عن هذا المنصب مع السيطرة الكاملة على وحدات وزارة الداخلية ومنعها من أن تقوم بمثل تلك الممارسات التي يشهدها الشارع العراقي وتبدأ بالاعتقالات التي تجري في ساعات الليل المتأخرة".

كما طالب طارق الهاشمي المرجعيات الشيعية وخص منها بالذكر المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني باستنكار وإدانة هذه الأعمال الإجرامية التي تمارسها الحكومة العراقية، وطالبهم برفع الغطاء عن المسيئين.

"كلهم من السنة"

إحدى صور فضيحة أبو غريب

من جانبها دعت أيضا هيئة علماء المسلمين في بيان الأربعاء 16-11-2005 إلى التحقيق بوقوع هذه الانتهاكات، وقالت: "إن كثيرا من المعتقلين، وكلهم من السنة، تعرضوا للضرب والتعذيب، ومنهم من يعاني سوء التغذية".

وتواصل السلطات العراقية التحقيق في القضية التي تفجرت مساء الثلاثاء 15-11-2005 إثر اكتشاف القوات الأمريكية "بالصدفة" للمحتجزين في قبو أسفل قصر بالقرب من مجمع وزارة الداخلية بمنطقة الجادرية وسط بغداد، وتقف عليه قوة حراسة من الشرطة العراقية.

وكانت القوات حينها تداهم القصر بحثا عن صبي في الخامسة عشرة، بحسب مصادر عسكرية أمريكية ومسئولين عراقيين.

وذكرت المصادر نفسها أن كثيرا من المحتجزين بدا عليهم علامات سوء التغذية وآثار الضرب والتعذيب.

شهود عيان

من ناحية أخرى نقلت وكالة رويترز للأنباء عن سيف سعد (18 عاما) الذي كان يرتدى زي شرطة القوات الخاصة الذي يشبه زي ميليشيات شيعية وكان يشارك في اعتقال من عثر عليهم في القبو، أنه "تم نقل هؤلاء المعتقلين إلى هذا المكان، لاستجوابهم بشأن التفجيرات"، وأضاف: "بعضهم أفرج عنه وآخرون احتجزوا أو سجنوا".

ونقلت رويترز عن سيف: "وضعنا أكياسا على رءوسهم وقيدنا أياديهم وراء ظهورهم".

وأشار إلى أن الشرطة لا تعتقل السنة فقط قائلا: "إنهم ليسوا فقط سنة.. سيتم إحضار شيعة وأكراد أيضا إذا كان يشتبه في صلتهم بالإرهاب"، مضيفا أن قوات الأمن العراقية لا تميز بين الطوائف عندما يتعلق الأمر بالحملات الأمنية.

كما أفاد سيف بأن معظم السجناء المحتجزين في المبنى عراقيون، مشيرا إلى وجود قلة من السوريين والمصريين أيضا.

وفي السياق نفسه قال أحد حراس القصر الذي يعتقد أنه كان في وقت سابق ملكا لواحدة من بنات الرئيس السابق صدام حسين: إنه كثيرا ما شاهد عربات وزارة الداخلية وهي تجلب سجناء إلى القبو. وأضاف: "كان هذا يحدث دائما أثناء النهار ثم لا نراهم بعد ذلك".

كما قال "رجل دين" آخر لرويترز زار القبو الذي استخدم كمخبأ من القنابل أثناء حكم النظام السابق: إنه عثر على أكثر من 40 رجلا في زنزانة واحدة أبعادها أربعة أمتار في خمسة أمتار.

وكان حسين كمال نائب وزير الداخلية العراقي قد أقر في وقت سابق بأن المحتجزين جرى اعتقالهم للاشتباه بأنهم يؤيدون الجماعات المسلحة السنية.

كما أقر بأن السجناء كانوا يتعرضون لمعاملة غير لائقة. وأردف: "لم أرَ مثل هذه الحالة قط خلال العامين الماضيين في بغداد.. هذه أسوأ حالة".

وتابع: "رأيت آثار انتهاكات جسدية عن طريق الضرب الوحشي.. كان هناك معتقل أو اثنان مصابين بالشلل، وبعضهم جلده مقشر في أكثر من موضع".

توترات طائفية

ويمثل اكتشاف هؤلاء المعتقلين مصدر إحراج كبيرا للحكومة المدعومة من الولايات المتحدة التي وعدت باحترام حقوق الإنسان بعد عدة عقود من الدكتاتورية في عهد صدام حسين.

ويرجح مراقبون أن تؤدي فضيحة القبو التي جاءت قبل وقت قصير من الانتخابات في ديسمبر 2005، إلى تعميق الشكوك وتذكية التوترات الطائفية التي أعرب سياسيون عن أملهم في أن تخفف من حدتها الانتخابات المق