{myadvertisements[zone_1]}
كنت أعمى والآن أبصر ..
Abanoob غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,567
الانضمام: Apr 2004
مشاركة: #63
كنت أعمى والآن أبصر ..
كنت أعمى والآن أبصر :

الحلقة الخامسة :


مؤسس الإسلام والشوكة النسطورية في الحلق المسيحي !!!

كل ما يزرعه الله فهو زهور ، وكل ما يزرعه إبليس فهو حسك .

الله زرع الحنطة ، وإبليس زرع الزوان ، هذا الأمر نراه بأكثر وضوح منذ أيام أبينا إبراهيم .

كان أبونا إبراهيم قد تلقّى وعدا من الله بأن يعطيه نسلاً مباركاً. لكنه تعجل وأخذ بالمشورة البشرية الناقصة فسمع لكلام زوجته سارة التي طلبت منه أن يدخل على جاريتها ليأتي منها بنسل يحمل اسمه ويرثه من بعده. ولم تكن أمنا سارة تدري أنها بهذا العمل سوف تضع شوكة في حلق أبنائها من نسلها. جاء إسماعيل من هاجر وحمل معه شعورا بالنقص والكراهية نظراً لمنبته الوضيع باعتباره أبن الجارية. فظل يكره ويضطهد ابن الحرة ، أي ابن الموعد الإلهي .

تعجلت سيدتنا سارة وتعجل معها أبونا إبراهيم، ولم ينتظرا تحقيق وعد الله لهما، فسارا بمشورتهما البشرية الخاصة وكان الثمن باهظاً جداً. ورغم ذلك عاد الله وحقق لهما وعده فأنجبا إسحاق ابن البركة وابن الموعد ، فماذا حدث ؟

حدث أن إسماعيل كان يحقد على إسحاق. وظنّت أمه أنها صارت سيدة حرة شريفة ونسيت أنها مجرد جارية. فكان الحل هو عزل الجارية وأبنها عن الحرة وأبنها. ورغم هذا العزل، إلا أن أبناء الجارية ظلوا يحاربون ويضطهدون أبناء الحرة. وكانت سارة ترى ذلك فتندم لتسرّعها وموافقتها على إعطاء جاريتها لزوجها لينجب منها. ويقيني أن هذا الخطأ هو من أكبر خطأ وقع فيه أبونا إبراهيم طوال حياته. وهو الآن حياً في السماء ويرى ما يفعله أبناء إسماعيل ، هذا النسل البشري المتوحش الذي جاء بحسب مشيئة البشر ، بأبناء النسل المبارك الذي جاء بحسب مشيئة الله . ومما يؤسف له أن نفس هذا الخطأ الذي وقع فيه إبراهيم وسارة ، كرره النساطرة ، ولكن بطريقة مختلفة ، وذلك بعدما تضافرت جهودهم لصنع الإسلام ونبيه وقرآنه نكاية في غرمائهم المسيحيين الأسوياء . فهؤلاء النساطرة ( كما تمدنا المصادر السريانية القديمة عنهم ) كانوا في بداية عهدهم مسيحيين أرثوذكس أسوياء تابعين لكرسي إنطاكية السرياني الأرثوذكسي العظيم . وكان يُطلَق عليهم تسمية ( السريان الشرقيين )، وهي تسمية عامة كانت تشكل كل المسيحيين القاطنين في المشرق ، ثم انحرفوا عن التعاليم المسيحية وأتبعوا النسطورية التي أنكرت ألوهية المسيح. وهي العقيدة التي أجمع عليها غالبية المسيحيين في كل أنحاء الأرض. وحمل هؤلاء النساطرة حقداً دفيناً على أشقائهم المسيحيين الأسوياء منذ مجمع أفسس سنة 431 م الذي تم فيه تجريد رئيسهم نسطور من رتبته البطريركية ، وتم نفيه عن البلاد لمحاولته إفساد أذهان المسيحيين بأفكاره الشيطانية ، حتى مات في منفاه غير مأسوف عليه .

وحدث بعد موته أن قام أتباعه ومؤيدوه من أساقفة المشرق ، وأعلنوا تحدّيهم السافر للعالم المسيحي بأجمعه بخروجهم عليه ، وتأسيسهم فرقة دينية خاصة بهم ، بعد انسلاخهم عن كنيستهم السريانية الأرثوذكسية وقيامهم بتكوين كنيسة غير شرعية عُرفت في التاريخ باسم ( كنيسة الفرس النسطورية ) . وأعلنوا اتحادهم مع عبدة النار والكواكب من الفرس الوثنيين ، ضد أشقائهم المسيحيين في إنطاكية والإسكندرية وروما والقسطنطنية . ومن هؤلاء النساطرة الأوائل برز شخص سفاح يدعى : برصوم النصيبيني ( أسقف نصبيبن ) الذي شرّع السيف في رقاب المسيحيين العراقيين لنشر مذهبه النسطوري بالقوة في البلاد ، بادئاً بقتل جاثليق المشرق الشهيد القديس باباي . ثم التفت إلى الشعب المسيحي وقتل بوحشية شديدة زهاء سبعة آلاف نفس ، حتى أرغم بقية الشعب على إتباع الهرطقة النسطورية بدعم من ملوك الفرس الوثنيين الذين كانوا في حرب شرسة ضد ملوك المسيحيين فاستخدموا النساطرة مخلب لهم ضد أشقائهم المسيحيين . وبعدما أفل نجم الفرس ، اتجه النساطرة إلى العرب وتحالفوا معهم ضد المسيحيين .ومن يتأمل الطريقة التي أتبعها محمد في نشر دينه ، ويقارنها بما فعله برصوم أسقف النساطرة ، يتأكد لديه امتداد الزرع الشيطاني الشائك ، ويخيل إليه بأن محمد هذا ما هو إلا تلميذ نجيب في مدرسة برصوم النسطوري .فلقد قام محمد بتقليد منهج برصوم في نشر دينه بحد السيف . لذلك فأنا لا ألوم محمد بقدر ما ألوم أرباب النساطرة الذين صنعوه نكاية في المسيحيين الأسوياء وجعلوه بمثابة الشوكة في حلقهم 225.

وكان هؤلاء المسيحيون الأسوياء يشكلون خطراً كبيراً على صاحب الدعوة الإسلامية أو كما أحب أن أدعوها ( الدعوة النسطومحمدية )!!! فكان لوجود المسيحية العربية الأرثوذكسية في قلب الجزيرة العربية ، العقبة أمام مؤسس الإسلام والتي تحول دون انتشار دينه الجديد الذي ابتدعه لنفسه بعد استقلاله عن النسطورية . نعم كان محمد في بداية عهده مسيحيا نسطورياً. وظل نسطورياً حتى وفاة معلمه النسطوري ورقة ابن نوفل وعندما مات ورقة كان محمد في الرابعة والاربعين من عمره ، وكان قد مضى على المجاهرة بدينه الجديد 4 سنوات ..وبعد موت معلمه ورقة قام ( بأسلمة ) نسطوريته، فصار دينه ( إسلام نسطوري ) مطعم بتعاليم بقية الفرق المنحرفة الأخرى التي اقتبس تعاليمها وقام بخلطها بتعاليمه في كوكتيل ديني عجيب جمع بين التعاليم المسيحية السوية ، وبين التعاليم النسطورية والأبيونية والأريوسية واليهودية والحنفية والصابئية والوثنية ‍‍‍!!! حتى أنك عندما تطالع القرآن تجد ظلال هذه التعاليم المتناقضة المشوهة غير المترابطة .

وعندما قويت شوكة محمد ، أسرع بالتخلص من كل أعوانه النساطرة الذين يعرفون سره وسر وحي .كما أنه أراد التخلص من المسيحيين الأسوياء الرافضين لدعوته لعلمهم التام أنها مجرد دعوة هرطوقية. فظل يتحيّن الفرصة المناسبة لتصفية الفريقين معاً، وتصفية كل إنسان أطّلع على بدايته ويعرف تماماً القصة الحقيقية لوحيه المزعوم .

كانت بداية التصفية بموت معلمه ورقة ، وزوجته خديجة ، ثم هجرته من مكة إلى المدينة ، وهناك حانت له الفرصة لإعلان الانقلاب على كل ما له صلة بالمسيحية التي تلقاها وظل عليها حتى بلوغه الرابعة والأربعين من عمره . والدارس المسيحي يلاحظ أن تعاليم محمد الجديدة التي ظهرت في ( يثرب ) بعد هجرته ، راعي فيها محاربتها ومقاومتها لكل تعاليم المسيح ، ابتداء من سفك الدم إلى تعدد الزوجات. ونظراً لأن وجود القبائل المسيحية العربية تشكّل مانعا قويا لتنفيذ انقلابه على المسيحية ، لذلك قرر محاربة هذه القبائل وإذلالها. وبدأ في محاربتهم منطلقاً من يثرب والتي استأصل وجودهم منها ، ومعهم اليهود .

وكان لليهود أيضاً دور ملحوظ جداً في وحيه المزعوم. وقد ساهموا فيه بطريقة خبيثة بقصد الانتقام منه وإظهار كذبه أمام الآخرين ، فدسوا له أمورا مضحكة أوهموه أنها وحيا سماويا ! !! بينما هم أفضل من يعرفون أنها مجرد أساطير وخرافات موجودة في كتب الوثنيين وكتب الأساطير الأولين. ومرّروا عليه خديعتهم.

لذلك حوى القرآن الجانب الكبير من تلك الأساطير والخرافات .

وعندما توافرت القوة الحربية اللازمة لمحمد، شرع في التخلص منهم جميعاً. ثم بدأ يتجه للقبائل المسيحية العربية. فأمر بتجهيز جيشه لغزو – مؤتة – لكنه هزم هناك هزيمة ساحقة ، فأعد جيشا أكبر وأكثر عددا وعدة ، وقام بقيادته وذهب إلى – تبوك – وتمكن من غزوها. وبعد أن كسرهم ضرب عليهم الجزية 226

وأستمر عداء المسلمين العرب لإخوانهم المسيحيين العرب. فلم تمضِ سنوات قلائل حتى تمكنت الجيوش المحمدية من تدمير بلدان وممالك المسيحيين العرب .

وكان الإسلام صريحا جدا في تصفية أهل الكتاب وعدم السماح لوجود ( دين أخر للعرب غير الإسلام ).

وحديث النبي في هذا الخصوص مشهور جد، وهو – [ لا يجتمع بجزيرة العرب دينان ] –

وهو رد بليغ على مسلمي اليوم المتشدقين بمعسول الكلام من كون أن الإسلام لم يحارب أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين ، وكان متسامحا وكريما معهما إلى أبعد الحدود!!! وهل هناك كرم أكثر من ذبحهم وإجلاءهم عن ديارهم ونهب ممتلكاتهم ؟؟

أفيقوا أيها السادة وكفاكم تزييفا وتشويها للتاريخ .



مؤسس الإسلام وجذوره النسطورية

قلنا أن أول من قام بتلقين محمد التعاليم النسطورية هو قريبه ورقة ابن نوفل ابن أسد القرشي ..

لكن هنا يطرح علينا سؤال هام وهو :

ومن الذي نقل التعاليم النسطورية لورقة العربي القح ؟

تفيد المصادر التاريخية على وجود شخص خطير يدعى ( بحيرا الراهب ) التي قالت المصادر الإسلامية أنه عالم دين كبير وانتهى إليه علم النصرانية 226 واسم بحيرا هذا ليس أسمه الحقيقي ، بل هي لفظة سريانية تطلق على الشخص المتبحّر في العلوم الدينية. أما أسمه الحقيقي فهو ( يوحنا )، وكان نسطورياً قحاً آريوسي الأصل. وكان يقيم في أحد أديرة الحيرة بالعراق. وكانت مملكة الحيرة هي المركز الرئيسي للنسطورية في المنطقة العربية منذ عهد الملك النعمان ابن المنذر الذي تحول للنصرانية النسطورية سنة 495 وسرعان ما تحول كل شعبه معه. وحتى ظهور الإسلام كانت الغالبية العظمى في الحيرة من النساطرة . وفيما يبدو أن بحيرا أراد التبشير بالمذهب النسطوري الآريوسي ، فذهب إلى سيناء ولكن المسيحيين قاموا بطرده. فاتجه إلى العقبة، فهاج ضده المسيحيون وقاموا بطرده بسبب تعاليمه الخطرة. فتوجه إلى سوريا وأنشأ هناك ديرا أطلق عليه أسمه ( دير بحيراء ). وتم طرده من سوريا بعد اكتشاف أمره ، حتى قيل عنه الراهب الملعون المطرود من المسيحيين .وأخيراً توجه بحيرا إلى قلب الجزيرة العربية وبداخله رغبة عارمة من الانتقام من المسيحيين الذين طردوه وحذروا الناس من تعاليمه. وداخل مكة التقى بورقة ابن نوفل ابن أسد الذي كان في بداية عهده وثنياً ، ثم اعتزل الأصنام وأتّبع فرقة الحنفاء الموحدين. فقام بحيرا بتلقينه التعاليم النسطورية. وكان مع بحيرا راهب آخر مطرود يدعي (عيصا) الذي تقول المصادر الإسلامية عنه ( أن الله أتاه علماً كثيراً ) 227

وكانت الكنيسة النسطورية في الحيرة قد أرسلت راهبا آخر للمساهمة في نشر النسطورية وسط العرب يُدعى (عدّاس )، الذي أقام المسلمون مسجدا باسمه لا يزال قائماً حتى الآن بالقرب من الطائف 228 . ثم بعد فترة فوجئنا ببحيرا يتعرض لحادث اغتيال اكتنفه الغموض ، فدُفن ومعه سره الكبير. وقيل أن الذين اغتالوه هم اليهود نكاية في محمد الذي كان يستعين ببحيرا وعلومه في الوحي القرآني. وبعد قتل بحيرا أصبح تلميذه ورقة ابن نوفل قائد النساطرة في مكة بلا منازع .

لم يكن محمد - في بداية الدعوة الإسلامية وطوال العهد المكي والذي دام 13 سنة من بدء دعوته - قد ابتدع بعد شريعة ( قتال المخالفين له )، بل كان يعتمد فقط على الجدال الديني مع المخالفين بأسلوب المجادلة بـ ( التي هي أحسن ) .وكان يعتمد أيضاً على الموعظة الحسنة.

وهو العهد المسيحي بحسب الفكر النسطوري ، والمعروف بالعهد " المكي "، أي قبل هجرة محمد إلى ( المدينة ). وهناك بدأ ( العهد المدني ) ، وهو عهد يتسم بإباحة القتال وينسخ كل ما قيل في العهد المكي من تعاليم تنادي بالسلم والمحبة والغفران .

وكان محمد طوال عهده المكي يتبع التعاليم الأخلاقية الواردة في الإنجيل ، ولم يكن له جيوشا عسكرية بعد ، فلذلك أتصف في هذه المرحلة بالمسالمة .

وكان بجانب تأثره بالتعاليم النسطورية ، تأثر أيضاً ببقية التعاليم الهرطوقية الأخرى المنتشرة في الجزيرة مثل تأثره ببقايا تعاليم الأبيونيين والأريوسيين وغيرهم من الهراطقة القدامى. وكان هؤلاء الهراطقة قد خرجوا عن الإيمان المسيحي السوي. ولما لم تجد بدعتهم قبولا من جانب عموم المسيحيين ، ولم يجدوا لهم مكاناً بينهم بعد لفظهم ، نزحوا من المدن المسيحية المعروفة ، ووفدوا على الجزيرة العربية واستوطنوا بها .

وعنهم أخذ محمد الكثير من عقائدهم الباطلة ظنا منه بأن هؤلاء النصارى الخوارج المنشقين عن الدين المسيحي ، يمثلون الدين المسيحي التوحيدي كما أُنزل على عيسى ابن مريم. بينما هم في واقع الأمر كانوا غرباء عن الدين المسيحي ومن أشد معانديه ومقاوميه .

ونتعجب كثيراً عندما نعرف أن واحداً من هؤلاء الرهبان الخوارج الذين التقى بهم محمد ، كان يدعى : نسطور !! اعتزازاً وتقديراً لشخصية نسطوريوس ، رغم أنه كما هو معروف أسم قبيح لا يشرّف أي مسيحي أن يُطلقه على نفسه لما يحمله من رموز ومعانٍ مضادة للمسيحية ، ولا يرحب بحمله إلا من كان يعتبر نفسه نسطورياً قحاً ليتسمّى باسم مؤسس الهرطقة النسطورية بعد موته بنحو 150 سنة !!

وتمدنا كتب السيرة النبوية ، وكتب المؤرخين المسلمين بالكثير من علاقات النبي بأمثال هؤلاء الرهبان النساطرة الذين كانوا يسمونهم ( نصارى ).

ولهذه العلاقات قصص شيقة مثيرة ويكتنفها الغموض ، بادئا بقصته مع – بحيرا 229 وعداس ، وعيصا 230، مرورا بقصته المدهشة والعجيبة جداً مع أسقف مكة النسطوري العربي القح : ورقة أبن نوفل بن أسد . وهي أهم قصص محمد مع رجال الدين النصارى على الإطلاق ، لاسيما لو عرفنا ما الذي صنعه ورقة أبن نوفل معه ، ومن ثمة مع الإسلام ذاته . ولو عرفنا أيضا من هو ( ورقة ) وما هي صلته بالنبي وبالوحي ؟

أنه ( ورقة أبن نوفل ابن أسد أبن عبد العزى أبن قصي ) وقصي هذا هو سيد قبيلة قريش ، وأول من أعزها ، وكان يتولى العناية بالكعبة231 وهو أيضاً جد محمد . أي أن ( ورقة ) و( محمد ) لهما جد واحد هو قصي بن كلاب . ويعتبر ( ورقة ) أول شخص عربي قرشي من عائلة محمد يهجر الوثن ويعتنق المسيحية النسطورية .

فلم يكن وثنيا مثل بقية عائلات قصي بما فيهم عائلة محمد نفسه ! الذي كان جده وثنيا وهو عبد المطلب ، وكذلك جميع أعمامه ، ووالديه ، وكل أقاربه . وإذا كان المسلمون يتباهون بنسب محمد وان قصي بن كلاب هو جده ، فيعتبر ورقة ابن نوفل أرفع منه نسبا لأنه الأقرب إلى قصي بن كلاب من قرابة محمد إليه ، فهو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . بينما ورقة يتقدم عنه في النسب ، فهو : ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى بن قصي . أي أن – قصي – هو الجد الرابع لورقة بن نوفل ، بينما هو الجد الخامس لمحمد . وكان ورقة أول من سخر من عبادة الأوثان ، وأول من أنكر الطواف حول حجر الكعبة وقال :

-ما حجر نطوف به ولا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ؟ 232 –

أصبت يا ورقة ، فما هو حجر الكعبة الأصم والأبكم والأعمى والذي لا ينفع شيئا بل ويضر ؟ للأسف يا ورقة فما زال أبناء قومك يطوفون بهذا الحجر. وبعد ذلك صار ورقة مسيحيا ، ثم أتبع المذهب النسطوري وبرع فيه ، وكان العرب يظنون أن هؤلاء النساطرة هم المسيحيون الحقيقيون ، لذلك عدّوا ( ورقة ) من أعلام المسيحية في المنطقة ، وفي ذلك تقول المصادر الإسلامية :- فأما ورقة بن نوفل – فأستحكم – في النصرانية وأتبع الكتب من أهلها حتى صار علما من علماء أهل الكتاب 233 وتقول أيضا :- كان ورقة يكتب "الكتاب العربي"!

ويكتب من "الإنجيل بالعربية" ما شاء الله أن يكتب234 نلاحظ هنا وجود كتابين كانا في حوزة ورقة : الكتاب العربي والإنجيل . فكتاب الإنجيل وعرفناه ، وعرفنا أيضاً أنه كان يستعمل النسخة العبرانية منه ويترجمه إلى نصوص عربية لأبناء قومه العرب .

لكن السؤال الذي يحير عقولنا هو : ماذا يا ترى يكون هذا الكتاب العربي ؟
هل يكون حاوياً لتعاليم نسطور بعد نقلها للغة العربية ؟

أم أنه كتاب ديني آخر من كتب ( الأبوكريفا ) والتي تم تحويرها فيما بعد لتصبح هي الأساس الذي تم بموجبه كتابة القرآن ؟

خاصة وفي القرآن أحداث كثيرة منقولة من كتب الأبوكريفا المسيحية المنحولة ، مثل إقامة المسيح لميت وهو طفل ، ومثل حديثه في المهد ، ومثل الغراب المذكور في قصة هابيل وقايين ، ومثل قصص سليمان مع النمل والجن ؟

أنها أسئلة تضع علامات استفهام عريضة نرجو من الرب أن يكشفها لنا ، واللغز كله يدور حول شخص ورقة ابن نوفل والذي عمد المسلمون الأوائل إلى إخفاء آثاره ، شأنه شأن معظم الرهبان النساطرة الذين كان لهم دورا في مسألة الوحي حتى لا يقدر أحد على التوصل لكشف سر نشأة الإسلام. ومن بين ما أعدمه المسلمون أيضاً النسخ القرآنية الكثيرة التي كانت متواجدة ثم أُحرقت جميعها ولم يبقوا منها إلا على النسخة الحالية المعروفة بقرآن عثمان .

نعود لورقة ابن نوفل الذي قال محمد عنه بعد موته : رأيت "القس" – ورقة – في الجنة عليه ثياب خضر235

هذه المكانة الرفيعة التي بلغها القس / ورقة / أسقف مكة ، والعالم المتبحر في العلوم الدينية والتاريخية والضليع في اللغات القديمة لدرجة انه يترجم من الإنجيل العبراني إلى العربية. نقول أن هذه المكانة المرموقة التي كانت لورقة في صدر الإسلام جعلت بعض المسلمين الجدد يهذي ويقول : ورقة هذا لم يُدعَ إلى النصرانية في يوم من الأيام !! أليست هذه نكتة مبكية ومضحكة في آن واحد ؟! إنه يقول ذلك علي عالم من علماء الإنجيل العرب وأول من قام بترجمة الإنجيل داخل مكة ، وهو "القس" ، رغم كل ذلك يقول عنه أنه لم يُدعَ إلى النصرانية في يوم من الأيام!!! فإلى هذا الحد يبلغ السخف بالعقول ؟؟ أإلى هذا الحد يقلبون حقائق التاريخ ؟

إن هذا الكاتب بمقولته الخطيرة هذه يلغي كل الأحاديث المروية عن محمد والتي تتحدث عن ورقة. كما انه يلغي كل المراجع الإسلامية من بينها كتب السيرة التي تناولت هذا الموضوع. لقد فعل كل هذا لكي يوهم نفسه ، والمسلمين من بعده ، بأن ورقة هذا لم يكن مسيحيا وذلك كله حتى يبعد شبهة علاقته بالوحي ؟

وللأسف فمؤلف هذا الكتاب الذي امتلأ بهذه المغالطات هو رجل متعلم حاصل على درجة الدكتوراه ! لكن إذا كان هذا حال علماء الإسلام ، فكم وكم يكون حال عامة المسلمين؟ إنه السيد الدكتور / عويد بن عايد الكحيلي ، وكتابه هو [ورقة أبن نوفل في بطان الجنة!] وهو من إصدار رابطة العالم الإسلامي. وهذه الأخيرة في غنى عن التعريف في تبنّيها لمثل هذه النوعية من الكتب التي يشرف عليها – مكتب الإرشاد الديني ومناهضة الأفكار الهدامة – التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة . والأفكار الهدامة المقصودة هنا هي : ( الكتب المسيحية الجريئة التي تتناول المقارنة بين المسيحية والإسلام ) ! ويتولى هذا المكتب مهمة الرد على تلك الكتب بعدما يدفع بسخاء لبعض المؤلفين الإسلاميين من الحاقدين على المسيحية. وللأسف الشديد أنا كنت من بين هؤلاء في فترة سوداء من عمري !!!!!!

وكنت أُعدّ كتابا مثل هذه النوعية من الكتب الرديئة – - لقاء – مبلغ معلوم – وحمل عنوان مثير هو : ( الرد الكافي والبيان الشافي لادعاءات أهل الكتاب )!!!!

وهو الأمر الذي أعتبره وصمة عار في حياتي. وأحاول منذ إيماني بالمسيح ومن خلال كتاباتي الدفاعية عن المسيحية ، التكفير عن هذا الجرم. وأعتبر أنني بهذا الكتاب أرد به على نفسي في أيام الضياع ، فالمبشر المسيحي : صموئيل عبد المسيح يقوم بالرد الآن على نفسه أبان ضلالته الأولى ، أي أنه يرد على الشيخ المسلم المتطرف : محمد النجار ! أي أن الحاضر الجميل يرد على الماضي القبيح ..

ونعود إلى – ورقة – الذي كان يطمح في تحويل أهل مكة كلها وأطراف الجزيرة من الوثنية إلى المسيحية بحسب فكره النسطوري الذي تلقاه من بحيرا. وكان يحركه في ذلك دافعان أساسيان :

الأول : ربح العرب الوثنيين للدين المسيحي بحسب تفسيره الخاص للمسيحية .

الثاني : نكاية في الكنائس المسيحية الرسولية الكبرى التي كان يكرهها ويحقد عليها بشدة لا سيما كنيسة إنطاكية وكنيسة الإسكندرية وكنيسة روما . وكأنه أراد أن يضع شوكة في حلق هؤلاء انتقاماً منهم لرفضهم الحاسم ولمقاومتهم الشديدة لشيعته النسطورية البغيضة .

ووقع اختيار ورقة على محمد للقيام بهذه المهمة! وقام بإعداده لذلك إعداداً دقيقاً. وتوجد مصادر مسيحية (سريانية وقبطية ورمانية وبيزنطية) تشرح هذا الأمر بأكثر تفاصيل ، ومنها مصادر رومانية كاثوليكية في غاية الأهمية تشير إلى وجود راهب كاثوليكي مشرقي عالم في اللغات الشرقية وأراد سيامته أسقفا عاما على العرب ، لكن البابا الروماني رفض لمعرفته أنه ذو ميول نسطورية واضحة ، وله علاقات قوية بأساقفة النساطرة في فارس ، وأنه حقود ومتطلع للجاه والسلطان. فأختلف مع البابا وأعلن انشقاقه عن الكنيسة الكاثوليكية ، وفكر في الانتقام من الكنيسة ، فذهب إلى العرب وأقام عندهم.

وساعده في ذلك معرفته الكبيرة باللغات العربية والسريانية واليونانية ، وأنه هو نفسه بحيرا الذي تولى تبشير ( ورقة ابن نوفل ) بالتعاليم النسطورية والتي تلقاها منه محمد فيما بعد . ومنها مصادر سريانية خطيرة تتحدث عن ( بحيرا ) و ( عداس ) و ( عيصا ) و(ورقة بن نوفل) وتوضح صلتهم بكنيسة الفرس النسطورية المعروفة بالكنيسة السريانية الشرقية ، وتوضح أيضاً مدى علاقتهم بمحمد وبالقرآن من جهة ، ومدى علاقتهم مع ملوك لخم النساطرة من جهة أخرى ، مروراً بعلاقتهم بأرباب النساطرة من أساقفة بين النهرين وفارس والعراق ويثرب والحيرة والبحرين وعُمان. كما تُلقي هذه المصادر الضوء على بطريرك النساطرة ايشوعاب الأول وعلاقته السرية بمحمد نفسه ، والتنسيق المريب الذي تم بينهما ، والذي امتد من بعده حتى العصر العباسي وفي عهد البطريرك النسطوري ايشوعاب الثاني.

وقيل أن السريان يملكون وثائق تاريخية بالغة الأهمية تكشف سر الإسلام ، بعضها فُقد ، والبعض الآخر محبوس في الخزائن ، ونأمل أن ننشر ما يتيسر لنا من هذه المصادر التاريخية الهامة مع التعقيب عليها في كتاب آخر مستقل. لكننا هنا سوف نقتصر فقط على المصادر الإسلامية نفسها والتي لا يستطيع المسلمون إنكارها .

وتمدنا هذه المصادر الإسلامية بمعلومات تفيد بأن محمد كان يتعبد داخل مغارة، كما يفعل الرهبان المسيحيون الشرقيون منذ ذاك العصر وحتى اليوم. وهذه المغارة كانت تسمى غار حرّاء 236 و هي نفس المغارة التي كان يتعبد بداخلها معلمه النسطوري ورقة بن نوفل والذي كان يقيم فيها بالأيام الطوال .

كان محمد يعاني من الحرمان المعنوي والمادي ، فقد نشأ يتيم الأبوين. كما أنه فقير لا يملك شيئا. وكان قد تعرض لصدمة نفسية عنيفة آثر تقدمه للزواج من بنت عمه أبي طالب ( أم هانىء )، ولكن عمه رفض مطلبه بسبب فقره ، وقام بتزويجها من شخص ثري هو ( هبيرة بن عمرو المخزومي ). فشعر محمد بجرح في كرامته ، وتملكه الحزن بسبب بؤس حاله .

ولاحظ معلمه ( ورقة ) كل هذا الحزن البادي على تلميذه ، فاستفسر منه عن السبب. فقص عليه محمد بدموع وانكسار أمر رفض عمه أن يزوجه أبنته أم هانيء بسبب فقره. فواساه ورقة وقام بتهدئته ووعده بأنه سيجعل منه شخصا عظيما تتنافس عليه شريفات مكة !!

وفكر ورقة بن نوفل بن أسد في طريقة ما لمساعدة تلميذه النجيب ، وكيفية تأمين مصدر مادي ليحقق له العيش الكريم بدون عوز حتى يتفرغ لتقبل الإعداد الديني المطلوب ليصير نبي هذه الأمة. فهداه تفكيره إلى ابنة عمه ( خديجة بنت خويلد بن أسد ) وطلب مقابلتها سراً وعرض عليها أن تُلحق تلميذه محمدا في تجارتها ، وأفهمها بأنه يُعدّه ليكون نبيا ، وليدافع عن الكرامة النسطورية المهدرة في أفسس !!! وبأنه يتمتع بذكاء خارق جداً

وتنطبق عليه كل مواصفات قيادة النسطورية في الجزيرة العربية ، وأن هناك مستقبل باهر ينتظره ..الخ

فاستجابت خديجة لرغبة ابن عمها ( ورقة ) خاصة وهو بمقام مرشدها الروحي ويتولى قيادة النساطرة العرب بالتنسيق مع رئاسة كنيسته النسطورية في فارس والتي كان دائم التردد عليها في شبابه .

وكانت خديجة على جانب كبير من الجمال ، وسبق لها الزواج من قبل أكثر من مرة ، واختبرت الرجال. لكنها الآن صارت أرملة في أوائل الأربعينات ، ومحمد شاب صغير في العشرينات من عمره ويمتلئ رجولة وحيوية فضلا عن كونه فقيرا معدما لا يملك نفقات زواجه من أية فتاة صغيرة تناسب عمره .

كل هذا كان يدور في ذهن ورقة ، وهو يعرض مشروعه بتلمذة محمد على ابنة أخيه خديجة. واستطاع إقناعها بالصفقة الرابحة. وبالفعل قامت خديجة على الفور بإلحاق محمد في تجارتها ، وكانت عبارة عن قوافل ترسلها إلى الشام لشراء المنتجات وإعادة بيعها في مكة ، وبالعكس .

ووجدها ورقة فرصة ذهبية لنقل معلومات تلميذه بواسطة الرهبان النساطرة المنتشرين على طول الطريق البري من مكة إلى الشام مروراً بالعراق. فأرسل إليهم مع محمد توصية ليهتموا به. وكانت الرحلة التجارية تستغرق وقتا طويلا في السفر بالجمال قد تمتد لشهور ، وهي فرصة جيدة ليتولى هؤلاء الرهبان تعليم محمد المسيحية بحسب الفكر النسطوري ، وذلك خلال استراحة القافلة في الطريق والتي كانت غالباً ما تختار الاستراحة بجوار الأماكن المأهولة بالرهبان من أديرة ومغائر، بل وحتى أثناء تواجد القافلة داخل الشام والتي كانت بدورها تعج بالآلاف من النساطرة . فكان محمد يواصل لقاءاته مع هؤلاء الرهبان لتلقّي العلوم الدينية. وكانت هذه الأخبار تصل إلى مسامع خديجة فتفرح وتسر237 !!! ولم لا ؟! فهي مسيحية نسطورية عربية قرشية ، ويسعدها كثيراً أن يتحول إنسان عربي قرشي مثلها من شرك ووثنية الجاهلية إلى المسيحية ، حيث الإيمان بوجود الله وتوحيده المطلق بحسب المنهج النسطوري .. ثم جاءت الخطوة التالية والهامة والخطرة في آن واحد ، ونعني خطوة الزواج منه . وكان هذا الزواج صفقة مربحة لكليهما : فهي تملك المال بينما لا تملك الشباب . وهو يملك الشباب ولا يملك المال.

إذن فليقترن المال بالشباب ، وتكتب صفحة جديدة في كتاب ( كيف تصنع نبيا )!!

كان محمد يرى نفسه الرابح الأكبر من وراء إتمام هذه الصفقة ، فلقد أمّن مستقبله المعيشي، ولم يعد ذاك الشريد المفلس ، بل صار غنيا ، وفي ذلك يقول القرآن :-

ألم يجدك يتيما فآوى ، ووجدك ضالا ! فهدى ؟ ووجدك عائلا فأغنى ؟238

وبعدما صار محمد غنيا بسبب زواجه من بنت عم معلمه ، طالبه معلمه بتنفيذ باقي بنود الاتفاق بينهما: وهو أن يتفرغ تماماً للإعداد الديني القيادي حتى يستطيع قيادة شعب مكة إلى المسيحية النسطورية. وبذلك تتحطم أخر قلاع الوثنية في الجزيرة ، بعدما تحول الجنوب والشمال وصارا مسيحيين تابعين للأرثوذكس. ولابد من إيجاد توازن بينهم وبين النساطرة. وحتى ينجح محمد في ذلك كان لابد من تلقّي المزيد من العلوم والمعرفة ، ولاسيما وهو الآن توقف عن العمل بعدما آمّن معيشته بزواجه من خديجة . ثم أن / خديجة / نفسها صارت تشجعه على ذلك التعبد بقصد الإعداد للمهمة العتيد أن يقوم بها ، ولم لا؟ أليست هي شريكة أبن عمها ورقة في الاتفاق السري بينهما بخصوص محمد ؟ في ذلك يقول الشيخ / محمد موسى رمضان :

( لقد تفرست خديجة في محمد الخير ، وتفرست فيه "المستقبل الوضّاء ، وتفرست فيه جلائل الأعمال وتفرست فيه "أحداثا جساما يكون فيها سيدا وقائدا وعظيما ؛ فأحبت أن تشارك هذا الفتى القرشي في كل ذلك وكان لها ما أرادت فتزوجت منه، وأحاطته بكل ما لديها من حنان ورقّة ورعاية، وهيأت له كل أسباب السعادة والطمأنينة ، وشجعته بأخلاقها الرفيعة وسلوكها النبيل على "التعبد ! والتبتل ! والتفكير في خلق الله ) 239

وتقول المصادر الإسلامية : وقد لعبت السيدة / خديجة / " دورا كبيرا في حياة النبي. فالاستقرار المادي " هيأ " للنبي الظروف الملائمة "للتأمل"و"التعبد" في غار حرّاء. حتى إذا تلقّى الدعوة، كانت هي أول من آمن به ؟240

كان محمد شابا صغيرا في الثالثة والعشرين من عمره حين تعرّف على خديجة. وقد تقدم في تلقي العلوم الدينية على يد أستاذه وصاحب الفضل عليه ( ورقة ابن نوفل )، سواء في إلحاقه بالعمل عند خديجة أو بتزويجه منها ليغنيه من مالها. وقد أهتم هذا (الورقة) النسطوري اهتماما كبيرا بتعليم تلميذه الواعد. حتى أنه لم تمضِ سوى عشرة سنوات من إعداده حتى صار محمد متشبعا بتلك التعاليم النسطورية البغيضة .

وكما كان متوقعا، فلقد كان من الضروري على ورقة صبغ تعاليمه بصبغة إنجيلية من حيث الوصايا الأخلاقية لتعاليم المسيح الحقيقية. فالنساطرة يعترفون بتعاليم المسيح ولا يختلفون مع المسيحيين إلا في إنكارهم لألوهيته وتجسده وتأنسه ، مدعين أنه كان مجرد إنسان صالح فحسب ، ولم يكن إلها متجسدا.

وكانوا يسمّون أتباع مجمع أفسس بالأحزاب التي اختلفت حول المسيح، في إشارة إلى رفضهم لنسطور والمشايعين له. وهذا التعبير ( الأحزاب ) نقله محمد واستخدمه وهو يصب لعناته على هؤلاء المسيحيين الأسوياء الذين قاوموا نسطور . وبعدما تأكد ورقة من أن تلميذه محمد قد تشرّب بمبادئه النسطورية ، بدأ يلقّنه بعضاً من التعاليم المسيحية السوية، وخاصة تلك التي ألقاها المسيح في موعظة الجبل. الأمر الذي انعكس مؤقتاً بالإيجاب على سلوك محمد العام في بداية عهده ، بالرغم من أنه كان في وقت ما وثنياً. إلا أنه بفضل تعاليم الإنجيل التي لقنها له ورقة رأيناه يصير مهذباً وهادئاً ورزيناً في تعاملاته مع الآخرين ، مما جعل أهل مكة يطلقون عليه لقب الصادق الأمين .وهكذا كان متأثرا بتعاليم الإنجيل الرفيعة ، مما جعله يتمتع بمكانة طيبة داخل مكة. وكان حتى هذا الوقت فخر شباب قريش. وعندما شرع أهل قريش في هدم الكعبة لإعادة بنائها بشكل جيد ، اختلفوا فمن فيهم ينال حظوة شرف وضع الحجر الأسود مكانه !!! وكاد أن يحدث بينهم حربا !!! لكنهم اتفقوا فيما بينهم ( حقناً للدماء ) على أن يتقبلوا حُكما بينهم ينطق به أول شخص يتصادق دخوله للكعبة !!! ثم جلسوا مترقبين .. وكان ورقة يترقب هذا الأمر من بعيد. وكان منزل بنت عمه خديجة زوجة محمد ملاصقا للكعبة. فأسرع ورقة لمقابلة محمد وأوعز إليه بان يُسرع حالاً بدخول الكعبة متظاهرا بأنه لا يعرف ما يدور بداخلها بسبب خلاف عشيرته حول من يضع الحجر الأسود مكانه ، حتى يبدو الأمر وكأنه تدبير إلهي !!!!

ألعاب نسطورية تنشئ ديناً !!!

وأطاع محمد معلمه وأسرع بدخول الكعبة. فلما شاهده المختلفون يدخل، هتفوا بصوت واحد قائلين :

هذا الأمين ! رضينا حكمه. هذا محمد241 ووجدها ابن نوفل فرصة ذهبية ليشيع في الجزيرة كلها بواسطة تلاميذه الرهبان عن قرب ظهور نبي جديد. فأنتشر هذا الخبر حتى صار معروفا وسط كل العرب242

( أنظر أيضاً : الجزء الأول من سيرة ابن هشام ، وطبقات ابن سعد ، والشفا (للقاضي عياض)، والجزء 16 من نهاية الأرب (للنويري)، والجزء الأول من عيون الأثر )الخ ..

ولعب الرهبان النساطرة من تلاميذ ورقة المنتشرون في جميع أنحاء الجزيرة العربية دوراً كبيراً في شيوع قرب ظهور نبي. وعملوا على تهيئة هذا الظهور بتنسيق تام فيما بينهم. وأخيراً، لم يعد أمام ورقة شيئا آخر ليفعله سوى أن يعجل بأسلوب عملي في إظهار تلميذه ، أي أن يجد حلاً ومخرجاً لتدبير مسألة الوحي المزمع نزوله. وهنا يكمن اللغز كله في هذه المرحلة الحساسة والحرجة ، لأنه من هنا يصمت التاريخ ولا يبوح لنا بحقيقة ما حدث في غار حراء ، وحقيقة ما قيل عن نزول الوحي لأول مرة بواسطة الملاك جبرائيل. وهناك ثلاثة احتمالات :

الأول : إن الشيطان نفسه انتحل شخصية جبرائيل وأدعى أنه ملاك مرسل من عند الله ليوحي لنبيه الجديد

والثاني : إن ورقة أتفق مع محمد على الإدعاء بمسألة الوحي .

الثالث : إن ورقة استعان بحيل النساطرة المعروفة ، فلجأ إلى حيلة خبيثة ونفذها مع تلميذه داخل الغار ، حتى ظن محمد إنما هذا ما هو إلا وحي من السماء !!

ولربما تكون هذه الحيلة كالآتي :

يدّعي ورقة أمام تلميذه محمد بأنه مريض، ثم يعتذر له عن عدم مرافقته اليوم لغار حراء. ويطالبه بالذهاب إليها بمفرده لأن الله مزمع أن يختاره نبيا لهذه الأمة ! وأنه مزمع أن يوحي إليه عن طريق أصوات تأتيه من السماء ! ثم يسبقه إلى الغار ويختبأ في مكان مظلم بداخلها. ومجرد أن يسمع صوت محمد وهو قادم، حتى يبدأ بالتحدث بأصوات غريبة. ويكون معه جرس صغير من صلصال في يده ، ويجعله يصدح ويرن تمهيداً للتحدث من داخل الكهف وهو مختبئ خلف الصخور. ويختار اللغة العبرانية أو السريانية في الحديث الأول معه. ثم يتبع معه باللغة العربية الفصحى. فيوهم محمدا بأن الذي يحادثه هو ملاك نازل من السماء. وأنه هذا هو الوحي الذي كان يأتي أنبياء العهد القديم !!!

ويكون ورقه قد اتفق مع خديجة على أن تأتي بمحمد إليه بمجرد أن يخبرها بما سمعه في الغار من أصوات .. ولربما يكون ورقة قد أراد تقليد طريقة الوحي في العهد القديم. فهو كان عالما بالكتاب ويعرف تماما طرق تنزيل الوحي. ولربما أراد تقليد ما سبق حدوثه عندما أنزل الله الوحي على صموئيل النبي داخل بيت عالي الكاهن ! مع إدخال تعديل طفيف يحتم عليه طبيعة الموقف الحالي :

فبينما خاف صموئيل النبي وأسرع إلى عالي الكاهن وقص عليه ما حدث له من رؤيا ...

يخاف محمد ويسرع عائداً إلى بيته ليقص على زوجته خديجة بما سمعه في غار حراء !!!

لربما يكون هذا هو ما حدث بالفعل.. وما يدعم هذا الاحتمال ، هو أن محمدا بالفعل خاف وارتعد وقفل راجعاً إلى بيته سريعاً وهو ينتفض من شدة البرد ويقول : زملوني .. زملوني ، أي غطوني .. غطوني .

لأنه كان يعاني من حمى شديدة ويتصبب عرقاً. لربما يكون ذلك من تأثير ظهور الشيطان له في الغار ، أو لربما يكون من تأثير ما اعتقد خطأ أنه وحي .

وتخبرنا الأحاديث أن محمدا بعدما قصّ على زوجته ما سمعه في الغار ، قالت له خديجة بدهاء نسطوري : أبشر يا ابن عم ، فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة؟!!!243

لقد طال انتظار خديجة لهذه اللحظة .. فهي ترجو له أن يكون نبي هذه الأمة ؟!

ولأن أفضل الطرق لتليين الحديد يكون بالطرق عليه وهو ساخن ، لذلك فلقد انتهزت خديجة فرصة شدة انفعاله وأسرعت به إلى ابن عمها ورقة – كما كان الاتفاق المسبق بينهما. ومجرد أن رآهما ورقة ابن نوفل واستمع من محمد ما حدث له حتى هتف بنفاق نسطوري واضح وقال :-

- قدوس ! ، قدوس ! والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتِني يا خديجة ؟! ،لقد جاءه الناموس الأكبر ! الذي كان يأتي موسى !! وأنه لنبي هذه الأمة244

ويروي ابن سيد الناس245 جانبا طويلا عن هذه المقابلة ، نوجزها بالآتي :-

فانطلقت خديجة بمحمد حتى أتت به إلى ورقة ابن نوفل وهو ابن عم خديجة أخو أبيها، وكان امرؤاً تنصر في الجاهلية.

وكان يكتب (الكتاب العربي)246 ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب. وكان شيخا كبيرا، فقالت له خديجة :

أي عم أسمع من محمد ابن أخيك(!!!) فقال ورقة : يا ابن أخي ! ، ماذا ترى؟! فأخبره محمد ما رأى.

فقال ورقة : هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، يا ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك.

قال محمد : أومخرجي هم ؟!

قال ورقة : نعم لأنه لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وأن يدركني يومك فسوف أنصرك نصرا مؤزراً ؟



عزيزي القارئ :

ترى ماذا كان يقصد ورقة بن نوفل بهذه العبارة: ( لأنه لم يأت رجل قط بما جئت به إلا وعودي )؟؟؟ !!!

ألا ترى معي أنه لربما كان يقصد ( نسطور ) الذي عاداه المسيحيون وقاموا بطرده ونفيه عقب مجمع أفسس ؟!!!

ربما ..


تابعونا فى الحلقة القادمة .. ومعاناة محمد النجار بسبب دينه الجديد .
11-21-2005, 05:10 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-15-2005, 03:10 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة مسلم سلفي - 11-15-2005, 03:21 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-15-2005, 03:40 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة العميد - 11-15-2005, 04:14 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة إبراهيم - 11-15-2005, 04:25 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة العميد - 11-15-2005, 04:47 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-15-2005, 08:59 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-15-2005, 11:02 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-15-2005, 11:11 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة على نور الله - 11-15-2005, 12:29 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-15-2005, 12:46 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-15-2005, 12:49 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة حسن سلمان - 11-15-2005, 10:16 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-15-2005, 11:57 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة على نور الله - 11-16-2005, 12:13 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-16-2005, 08:44 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-16-2005, 08:45 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-16-2005, 10:26 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-16-2005, 12:55 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-16-2005, 01:07 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-17-2005, 02:29 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-17-2005, 02:50 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ATmaCA - 11-17-2005, 03:16 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-17-2005, 03:50 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-17-2005, 05:58 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-17-2005, 06:58 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-17-2005, 06:59 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-17-2005, 07:02 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-17-2005, 10:18 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أنا مسلم - 11-17-2005, 10:59 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-18-2005, 04:52 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-18-2005, 12:20 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-18-2005, 12:49 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-18-2005, 12:58 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-18-2005, 01:12 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-18-2005, 01:21 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-18-2005, 01:45 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-18-2005, 02:02 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-18-2005, 02:05 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-18-2005, 07:17 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة SonofSun - 11-18-2005, 07:23 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة SonofSun - 11-18-2005, 07:27 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-18-2005, 07:30 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-19-2005, 03:10 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أنا مسلم - 11-19-2005, 03:39 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-19-2005, 04:50 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة muslimah - 11-19-2005, 10:14 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Hajer - 11-19-2005, 11:08 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-19-2005, 01:04 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة سيف المسيح - 11-19-2005, 02:02 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة الصفي - 11-19-2005, 03:21 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة اسحق - 11-19-2005, 03:37 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-19-2005, 09:52 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-20-2005, 01:48 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-20-2005, 01:53 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-20-2005, 10:16 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ATmaCA - 11-20-2005, 10:52 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أنور - 11-21-2005, 12:22 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أحلى كويتيه - 11-21-2005, 01:39 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-21-2005, 03:09 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أنا مسلم - 11-21-2005, 03:21 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-21-2005, 05:10 AM
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة SonofSun - 11-21-2005, 10:33 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-21-2005, 03:48 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أحلى كويتيه - 11-21-2005, 10:29 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة أنا مسلم - 11-22-2005, 12:07 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-22-2005, 02:45 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة DAY_LIGHT - 11-22-2005, 02:56 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ATmaCA - 11-22-2005, 09:31 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 11-30-2005, 04:03 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة ضيف - 11-30-2005, 08:42 AM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة Abanoob - 12-04-2005, 07:04 PM,
كنت أعمى والآن أبصر .. - بواسطة مسلم سلفي - 12-04-2005, 08:00 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أعمى يقود أعمى وقعا في الحفرة ... زكريا بطرس كمثال هادم الاباطيل 38 6,236 04-13-2006, 06:55 AM
آخر رد: اسحق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS