كيف أختًطف القديس بولس إلى الفردوس

ونضيف إلى ما سبق ذهاب القديس بولس إلى السماء الثالثة ، الفردوس وماذا رأى وماذا سمع هناك ؟

يقول القديس بالروح " فإني آتي إلى مناظر الرب وإعلاناته . اعرف إنسانا في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست اعلم أم خارج الجسد لست اعلم . الله يعلم . اختطف هذا إلى السماء الثالثة . واعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست اعلم . الله يعلم . انه اختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها " (2كو1 :1-4) .
ونلاحظ في الحالات التي ذكرها الكتاب المقدس أنه يتحدث عن الدخول إلى سماء روحية لا مثيل لها على الأرض ولا شبيه ولأنه لا شبيه لها ولا مثيل فقد عجز القديس بولس عن وصفها بأوصاف مادية " وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها " ، لماذا ؟ لأن ما سمعه وما رآه هو " ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه " (1كو2 :9) .
ومن ثم يعجز العقل البشري أن يصفه بلغة البشر لأنه فوق مستوى الفكر البشري بما لا يقاس !!
والسؤال هنا هو كيف ذهب هؤلاء إلى السماء ؟
1 – كيف أُخذ أخنوخ إلى السماء ؟
2 – وكيف صعد إيليا ؟
3 – وكيف صعد المسيح ؟
4 – وكيف أختُطف بولس الرسول ؟

يتكلم الكتاب بتعبيرات بشرية عن الدخول إلى عالم الروح . فأين هو عالم الروح ؟
هل هو صعود إلى أعلى حيث ما يسمى بسماء الدنيا ثم يليها بقية السموات السبع ، كما يقول البعض ؟
والنظرة العلمية تقول لنا أن هذا فكر خرافي شديد التخلف !!
لماذا ؟ لأنه لا يوجد ما يسمى بالسماء الدنيا بهذا الشكل الملموس ! ولا يمكن الصعود إليها بدابة يربطها صاحبها في مكان ما ! كما أنه لا يوجد خارج الكرة الأرضية سوى فضاء كوني لا نهاية له ولا يعلم مداه سوى الله وحده ، وهذا الفضاء الكوني مليء بالنجوم والذي يرتبط بكل منها مجموعة من الكواكب والأقمار المرتبطة بهذه الكواكب ، وكل مجموعة من النجوم تكوّن ما يسمى بالمجرة ، وهذا الفضاء الكوني مليء بهذه المجرات التي لا حصر لها ، والمسافات بين كواكب النجم الواحد ، مثل مجموعتنا الشمسية تقاس بالسنين الضوئية ، والمسافات بين كل نجم ونجم داخل المجرة تقاس بآلاف السنين الضوئية ، والمسافات بين مجرة وأقرب مجرة إليها تقاس بمليارات السنين الضوئية 00 وهكذا إلى ما لا نهاية !!!!
وإذا تخيلنا ، كما تخيل الإنسان البدائي ، أن السموات هي لأعلى وأن السماء الدنيا هي الأولى ثم يليها بقية السموات الأخرى ، فهذا التخيل ، علمياً ، غير صحيح وغير منطقي وشديد التخلف ، وإذا افترضنا أن السموات الأخرى تقع بعد نهاية المجرات ، فهل توصل أحد إلى نهاية الكون حتى يتخيل نهاية للمجرات ؟؟؟!!!
وإذا افترضنا ذلك فكم تكون المسافة بين الأرض وبين نهاية المجرات المزعومة ؟؟ وفي كم سنة ضوئية يمكن الوصول إليها ؟! لو افترضنا أن المسافة بين المريخ والأرض حوالي عشرين سنة بسرعة سفن الفضاء الحالية ، وهي اكبر من سرعة أي طيارة عشرات المرات ، فكم سنة يحتاجه السفر للشمس وكم ألف سنة يحتاجها السفر إلى أقرب مجرة لمجرتنا (درب التبانة) ، وكم من المليارات من السنين يحتاجها السفر إلى أخر مجرة في الكون ، لو تخلينا أننا سنصل لآخر مجرة ، لنرى السماء ؟! أظن أن ذلك يحتاج إلى مليارات المليارات من السنين !!! فمتى ستبدأ الرحلة ومتى تنهني ؟ وإذا كان الإنسان قد خلق منذ حوالي ، ما بين 30,000 سنة و15,000 سنة !! فمتى تبدأ هذه الرحلة التي تحتاج إلى مليارات المليارات من السنين الضوئية ومتى تنتهي ؟؟؟؟!!!

أن الكتاب المقدس واضح فهو يتكلم عن سماء روحية ، وهذه السماء الروحية هي عالم غير منظور بالجسد والمسافات فيه لا تحسب بالمقاييس المادية بل بالمقاييس الروحية ، والمقاييس الروحية فكرية عقلية وإرادية ، إي بمجرد أن يريد الله من ملاك ما أن يصل برسالة إلى أحد ما على الأرض ، مثل زكريا والعذراء مثلا ، ففي تلك اللحظة يكون الملاك موجوداً مع المرسل إليه ، ويختفي الملاك وفي نفس اللحظة يكون قد ذهب إلى عالمه الروحي في تلك اللحظة . وهو هنا لا يحتاج إلى أية وسيلة من وسائل المواصلات سواء كانت مادية أو حتى روحية ، فهو روح ويظهر ويختفي بالروح .
ومن هنا فعندما يقول لنا الكتاب أن أخنوخ لم يوجد لأن الله أخذه " بالإيمان نقل أخنوخ لكي لا يرى الموت ولم يوجد لان الله نقله " (عب11 :5) ، وتعبير أخذه أو نقله يؤكد لنا انتقاله من العالم المادي إلى العالم الروحي ، وأن كان لا يذكر كيفية نقله ، إلا أن الواضح هو أنه نقل بطريقة روحية إلى العالم الآخر .
وفي حالة إيليا النبي يقول " وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد ايليا في العاصفة إلى السماء " (2مل2 :11) .
وهنا يرينا الكتاب مشهد ناري ولكنه ليس نار مادية ، وألا لكانت قد أحرقت إيليا ، بل نار روحية وعاصفة رفعت إيليا عن النظر البشري ، لكن الكتاب لا يقول لنا أكثر من أنه ذهب إلى السماء ، كان هذا المشهد الظاهر هو ما رآه أليشع وبنو الأنبياء ، ولكن إلى أين ذهب إيليا ؟ ذهب إلى السماء ، فأين هي هذه السماء ؟ لا يقول لنا ! إنما نعرف أنها سماء روحية ذهب إيليا في العاصفة ، فماذا كانت هذه العاصفة ؟ كانت هي الوسيلة التي اختفى بها إيليا عن الأعين البشرية !
ولكن فيما بعد ، وفي حادثة التجلي نرى إيليا هذا الذي صعد إلى السماء حياً يظهر مع موسى النبي الذي كان قد مات ودفن قبله بحوالي 600 سنة وقبل هذه الحادثة ، حادثة التجلي ، بحوالي 1400 سنة ، في شكل وجسد روحاني ، ظهر مع المسيح لفترة ثم اختفى الاثنان كما ظهرا !! لقد عادا إلى العالم الروحي الذي جاءا منه !!
وهكذا في حادثة صعود المسيح أرتفع المسيح لأعلى دون أي وسيلة ما سواء مادية أو روحية إلى أن حجبته سحابة عن أعين التلاميذ ، فإلى أين ذهب ؟ والإجابة هي جلس عن يمين العظمة في العالم الروحي الذي لم يحتاج الذهاب إليه لأية وسيلة ما !!
وعندما أختطف القديس بولس لم تكون هناك مسافة ولم يعرف هو نفسه كيف ذهب ! إنما دخل في حالة روحية ، نقل أثنائها ، سوء بالروح أو الروح والجسد إلى السماء ، إلى العالم الروحي الذي لا يحتاج الذهاب إليه لأية وسيلة مادية أو غيرها .
والسؤال هنا من جديد هو كيف يتصور من تربوا على هذا الفكر الكتابي ، التوراتي الإنجيلي ، أن نبي يمكنه أن يذهب إلى السماء راكبا على ظهر دابة ؟!!
وكيف يتصورون أنه ذهب بوسيلة مادية إلى سموات موصوفة بأوصاف مادية ؟!!
وأين هي هذه السموات الموصوفة بأوصاف مادية في هذا الكون الفسيح ؟؟!!

مع حبي وتحياتي


الراعي / عمانوئيل