الوثنية لفظ يُطلق على الكثير من الاشياء يا ابراهيم. حاليا أهم شكل من أشكال الوثنية هي الايمان بوجود أرواح في كل شيء، من الحيوانات و النباتات و حتى الحجارة (ناهيك عن الانسان طبعا)، و لا يوجد "اللـه" في الوثنية بل آلهة متعددة، و تقوم على عبادة مظاهر الطبيعة مثل الارض و الشمس و غيرها.

أعتقد أن عقيدة التوحيد، و هي فرع من فروع الوثنية أصلا، أدت الى الكثير من الويلات. على سبيل المثال، كان الناس في الامبراطورية الرومانية يعبدون الكثير من الآلهة، حتى يكاد يكون لكل عائلة إلهها الخاص. و لم يكن الرومان ليقاوموا ظهور المسيحية مثلا لو أن المسيحيين الاوائل عبدوا إلههم و مسيحهم و كفوا الناس شرهم. فلم يمانع الناس يومها أن يعبد كل شخص من شاء من الآلهة.

و لكن الذي حصل أن بولس و غيرهم من آباء المسيحية كانوا ينادون الى رذل الآلهة الاخرى و كانوا يقولون أن أله المسيحية هو الإله الحقيقي الوحيد و لا إله غيره، و هذا ما جعلهم فرقة منبوذة حيث أنهم لم يحترموا معتقدات الغير بل كانوا يستكبرون و يقولون إن آلهة الآخرين هي آلهة زائفة بينما إلههم هو الحقيقي.

و لكن كان قدر المسيحية أن تصبح دين الدولة بعد حين، و قد استفادت الامبراطوريات منها كثيرا، فالإله الواحد المطلق هو منبع لدكتاتورية مطلقة، فإذا تمكن رجال الدولة من ازاحة الآلهة الاخرى، و فرض إله واحد مكانها يكونون هم خلفاؤه و ممثلوه على الارض، بات بالامكان لهم السيطرة على الامور أكثر. هذا ما حصل مع اليهودية في فلسطين القديمة و هذا ما حصل مع الاسلام و أيضا مع المسيحية.