اقتباس:ينعى الزملاء "الديمقراطيون" علينا أننا اخترنا شخصا لا يرونه هم مؤهلا للاختيار. فيرون ابتداء أننا ينبغي أن نترك معاييرنا للحكم على الأشياء والأشخاص والأفعال، لنتبنى معاييرهم، وننظر إلى العالم من خلال أعينهم.
(إن أريكم إلا ما أرى وإن أهديكم إلا سبيل الرشاد)

وهم بذلك يصادرون رأي الآخر باستتفاهه، ومن ثم ينصبون أنفسهم أوصياء على عقول البشر، ويريدون من البشر أن يتبعوا طريقهم وإلا فهم رعاع.

فرق كبير بين أن ننتقد "تفاهة" رأي الآخر وأن "نصادره". "مصادرة" الرأي ليست "الاستتفاه"، ولكنها "حرمان فئة معينة من التعبير عن رأيها أو حرمانها - بعد ذاك - من نتيجة هذا التعبير"، وهذا كله لا ينطبق على ما نحن بصدده (فعندما "تصادر" الحكومة ممتلكات شخص معين، فهي تحرمه من ممتلكاته ومن حقه بالاحتفاظ بها وجني ثمارها).

لم تكن هناك أي "مصادرة" في الانتخابات التي أعطت "الغلام ديدات" هذا العرش الكبير والسرير الوثير والصولجان المنقطع النظير:)... فالإسلامويون أدلوا بأصواتهم، ولم يطعن أحد بشرعية هذه الأصوات، وفاز "ديدات" بالقدح المعلى.

ولم ينصب أحد نفسه "وصياً" على عقول البشر، فالوصي هو من يعين للشخص الآخر ماذا ينتخب ويحدده له أو يقوم بالانتخاب مكانه، وهذا لم يحصل. فالإسلامويون انتخبو "الغلام" ولم يقل لهم أحد إياكم من انتخابه (قبل انتخابه) ولم ينتخب مكانهم أحد.

نتيجة الانتخابات نفسها شرعية ولم يطعن أحد بمصداقيتها (لم يطلب أحد من العاقل أن يعيد الاقتراع مثلاً). فكل ما حدث هو أن بعض الأشخاص، وأنا منهم، خاب أملهم"بممارسة العربان لحق الانتخاب"، وعدم انتهاز هذه الفرصة "الصورية جداً" (فالانتخاب والنتيجة ضراط على بلاط) كي يعبر العرب عن رأيهم بنزاهة وموضوعية. فبالنسبة لي كانت فرصة - لم يتم اغتنامها - للخروج عن "ثقافة القطيع"، وتغليب "الذوق" و"الحس" و"العقل" على "الانتماءات الطائفية" التي تعيث في مجتمعاتنا فساداً.

كان سؤال العاقل عن الكاتب "الأكثر بروزاً" وانتظرنا أن نسمع "برفاعة الطهطاوي" "وقاسم أمين" وسعد زغلول"، ولكننا فوجئنا "بزكي جمعة":) ... وعندما رحنا نفتش عن "زكي جمعة" فوجئنا بأنه "كاتب" يخطيء في النحو والإعراب ويتهجى الكاف لاماً ثم ينطقها ميماً.
فوجئنا بأن العضو المذكور يحمل لقب "ميكانيكي" ولكنه يعيش ما قبل الثورة الصناعية. "نجار" لم يرى الخشب إلا إشجاراً. صيدلي ماهر في "السمكره" و"تصليح البوتاجاز".

يحق للإسلامويين طبعاً أن ينتخبوا من يريدون، ويحق لنا من الناحية الثانية أن نسخر من "اله التمر" هذا الذي يعبدونه.

يحق لهم أن يحصدوا نتيجة رابحة وأن يرفعوا مؤخرتهم عالياً (والتعبير الغني بالدلالات هذا "لميراج")، ويحق لنا بأن نضحك من هذه المؤخرة التي يبدو نصفها عارياً محمراً والنصف الآخر مرقعاً بشتى الرقع البالية.

أعتقد في النهاية، بأن الإسلاميين أخذوا حقهم وزيادة، فها قد ربحوا الانتخابات ولا أحد يطعن رسمياً بشرعية النتيجة. ولا أفهم تذمرهم من نقد "مرشحهم" بعدما "أنزلوا جحشاً أعرجاً لسباق الخيل" "وأمة شمطاء لخناء" لمسابقة ملكة الجمال. فهل يريدون منا أن نقول لهم أحسنتم الاختيار و"عوّار" صاحبهم يجعله يسلم على "أبو محمود" بـ: أهلاً أبو جورج؟

غريب أمر الإسلامويين حقاً، فهم يريدون نتيجة رابحة لمن لا يستحقها، ثم يريدون منا أن "نقطع ألسنتنا" ولا نمتعض من "حبة الحمص المسوسة" التي وضعوها بين أيدينا. ومع هذا فلا غرابة، ففي الوقت الذي يتباكى مثل "الإسلامويين" على "الديمقراطية" فلا شك بأن الموازين اختلت والشمس قد آن لها أن تنبلج من الغرب.

واسلموا لي
العلماني