المثقف السوري وأسوار البعث

جرأة السوريين في الخارج واقع ملموس وحقيقة ظاهرة، ولكنها تنطبق على من خرج من السجن الشمولي في سوريا، هذا السجن الذي يؤثر في تفكير المواطن وقدرته على اتخاذ موقف معارض جذري مع الحفاظ على موضوعيته في نفس الوقت... إن تأثير النظام الشمولي رهيب بكل معنى الكلمة ومهما حاول الإنسان أن يستقل عن الشعارات المتحجرة التي تصدح بها مناهج التعليم في المدارس والجامعات والمؤسسات الإعلامية واللافتات والمنشآت المنتشرة في الشوارع وخطب الجوامع والكنائس و... فلا يمكن له ذلك وإن لم يشعر بمدى تأثره، فالسوري هو إنسان لا بد مهما تمتع باستقلالية وثقافة من أن يتأثر بهذا الحشد التضليلي ومهما اعتقد العكس... لذلك نرى جرأة السوريين تزداد ومواقفهم تقترب من المكاشفة لحقيقة الوضع لدى المغتربين، ولعل أقوى الأصوات في الداخل هي لأشخاص يعود تاريخهم لما قبل مرحلة غسل الدماغ والأفيون البعثي كرياض الترك وهيثم المالح
وليس في هذا غرابة وعجب، بل هذا المتوقع والطبيعي، العجيب حقاً هو وجود أصوات وطنية من داخل سوريا جريئة وموضوعية تغلبت على القفص البعثي التضليلي واستطاعت طرح مواقفها الوطنية مثل فرسان ربيع دمشق وأنور البني والشهيد معشوق الخزنوي
أما بالنسبة للبنان فلم يقع لبنان أسيراً لمثل هذا النظام الشمولي الذي يحاصر عقول مواطنيه، فلبنان بقي يتمتع بشيء من تعدد الأفكار، وإن كان هذا الأمر في الحقيقة مقتصراً على قلة نادرة وهذا ما جرأ النظام السوري على الإفراط في إتباع أسلوب الاغتيال السياسي فهو يعلم أن أولئك الشرفاء قليلو العدد ما إن يتخلص منهم حتى يخلو له الجو فبقية القادة الصحفيين اللبنانيين استلذوا بيع ضمائرهم وامتهنوا النفاق والمراوغة