عزيزي زياد،

شكرا جزيلا لتوضيح ما غمض علي فهمه.

أنت محق تماما، فالمسيحي العربي عليه أن يخرج من الإطار الضيق الذي أطّر به نفسه، وهو إطار الانعزال والتقوقع على نفسه كأقلية تواجه خطر الفناء إن لم تدعم بعضها البعض ضد الأغلبية الساحقة الإسلامية.

مثل هذا التقوقع والانعزال له تبعتين خطيرتين جدا:

الأولى هي أن كل كيان منفصل ومنعزل ومتقوقع يضع نفسه تحت الأضواء وستأكله الذئاب حيا مهما طال الزمان

والثانية هي ما تفضلتَ بالتعبير عنه جيدا بقولك أن للمسيحي العربي دور في تقديم واقع المشكلة بصورتها الحقيقية ومنع ما يحدث حيث أن

اقتباس:كثير من مشاكلنا اختزلت لمشاكل دينية ووجود المثقف المسيحي العربي يكسر هذا الاختزال

هذا ما كنتُ أحاول قوله، وهو ما قاله الكثيرون ومنهم "جمال الصباغ" في حوار وحيد جمع بيننا صدفة في هذا النادي، أي أننا لكي نحافظ على وجودنا وعلى كياننا ونعطيهما المعنى الذي يستحقانه، علينا أن نقوم بواجبنا كمسيحيين (منفتحين على الغرب ومقبولين من قبله) وكعرب، (منفتحين على واقع الشرق المأساوي وخير ممثلين له في ظل سوء الفهم الغربي له)، أي أننا يجب أن نقوم بدورنا الأساسي كحلقة وصل بين الشرق والغرب،

من ناحية علينا أن نقاوم التطرف الخطير الذي يرتدي زي التدين المزيف
ومن ناحية أخرى علينا أن نقاوم النظرة الشمولية الخاطئة للعرب بأنهم جميعا مسلمين وكلهم إرهابيون.

وقد فهم بعض إخوتي المسيحيين في النادي من كلامي بأنني أعظهم أو أنني أتعامل معهم بنظرة استعلائية عندما قلت ما كررته هنا، ونسوا أننا معا في خندق واحد إما أن نموت معا أو نحيا معاً، وأني إنما أمد يدي طالبا المساعدة لوضع "خطة عمل" أو "منهج معين" يمكننا أن نحول هذا الكلام النظري الجميل إلى واقع.

فنحن للأسف نجيد الحديث ولكننا عاجزون عند التنفيذ.

وأنا مقتنع تماماً أننا يجب أن نقوم بعمل ما لمواجهة التطرف المتعصب الذي أخذ بالانتشار بين جموع غير المثقفين في المجتمع الإسلامي والذي يدعو إليه بعض الحمقى الذين يعتقدون أن الدين هو حل تلقائي لجميع المشكلات، وأيضا بعض المغرّضين الخبيثين الذين عرفوا أنهم لن يحققوا المكاسب ولن يرتقوا الكراسي إلا من خلال حشد الناس من حولهم ليصغوا إليهم فاستغلوا الدين لكسب الدنيا، وبئس ما كسبوا.

تحياتي القلبية