المشكلة ليست في الاعراق و الاجناس، و انما في العقلية.

اذا أراد أحد أن يراجع التاريخ و يثبت عروبته، سيجد وسيلة لفعل ذلك. و ان اراد أحد أن يثبت عدم عروبته، سيجد أيضا وسيلة لفعل ذلك.

أذكر عندما كنت طفلا في فلسطين، أن الكثير من عائلتي (التي هي مسيحية) كانوا منقسمين في نسبهم. فنصفهم كان يعتنق الرواية القائلة أننا أصلا جئنا من جزيرة كريت اليونانية، بينما النصف الاخر كان يقول أننا أصلا من عرب الاردن المسيحيين.

المسألة ليست مسألة حقائق الماضي، بل عقلية الحاضر. فإن كان شخص يعتنق الهوية العربية، فلا يهمه اطلاقا اذا كان أجداده أصلا من غير العرب، و ان كان شخص يرفض الهوية العربية، فلا يهمه اطلاقا اذا كان أجداده فعلا من العرب الاقحاح.

و الموضوع يعتمد على تعريف الهوية العربية. هناك من يعتقد أن اللغة العربية هي التي تجعل الانسان عربيا، و عليه فأنا عربي. و هناك من يعتقد أن كل الاشخاص من أصول شرق اوسطية يتحدثون العربية هم عرب، و عليه فأنا عربي.

و هناك من يعتقد أن العروبة هي الاخلاقيات و العادات العربية، و عليه فأنا غير عربي حيث أني أرفض هذه الاخلاقيات و الاطباع جملة و تفصيلا.

و العروبة قد تكون في الانتماء القومي او السياسي، أي أن يحمل الانسان جواز سفر من دولة عربية معينة.

و جزء كبير من العروبة هو الفخر بالانتماء. و لا أخفي عليكم أني لا أرى شيئا في العروبة يدعو للفخر (رأيي الشخصي). و حتى لو كنت عربيا، فإني أتمنى لو لم أكن. لم أنل من العروبة سوى بدايات طفولة كأقلية مسيحية مهمشة و مظلومة، و تاريخ طويل كله مرتبط بالإسلام و متأثر به بدرجة كبيرة، تاريخ تربيت عليه في الحصص المدرسية (و لا أشعر أنه تاريخي أنا شخصيا و أرفضه أيضا جملة و تفصيلا)، و حاضر أليم تساوت فيه العروبة بالتخلف و الصراع مع التقدم و لا يمت لي بصلة.