اقتباس:الزميل العلماني
كده ثبتت الرؤية

وأنت إيه رأيك

اقتباس:لنقف،بداية، مع "عناصر الموضوع" التي صدف عنها أصحابنا في معرض هجومهم على "مالك الحزين" وتعريضهم "بالعبدلله". وذلك قبل أن "نضع الزيت على المسن" ونرمي بسهمنا "في أعشار قلب مفتّل".  

يشاء "الحزين" مرة أن يترك السياسة والسياسيين ويبادرنا بمقال خفيف ظريف على طريقة "أصحاب المقامات"، دون أن يعتني بمظهر تصه أو جوهره كثيراً. فلقد جرب "الحزين" الكثير من ضروب الكتابة، فلماذا لا يجرب أسلوب "جليفر في بلاد العجائب" و"مغامرات باردليان" و"ألف ليلة وليلة"؟

لقد تعودنا من "مالك" أن يغير أسلوبه، ولكننا لم نتعود منه هذا الأسلوب الذي تطغى عاميته على فصحاه، وغياب الإرهاصات الفنية المبتكرة التي تتخلل عباراته في كثير من الأحيان كي تقول للجمال كن .. فيكون.  

الموضوع عندي، على الصعيد الفني والبلاغي، من "رديء" "مالك الحزين". فالعبارة مضطربة، والسرد منهك، والجمل لا تترك في الدنيا دوياً كأنما ... تداول سمع المرء أنمله العشر – بعبارة المتنبي-. ومع هذا فليست كل قصائد "حبيب" "فتح عمورية" ، ولا كل شعر "أحمد" "واحر قلباه"، و"لمالك" أن يختار الأسلوب الذي يعجبه في مقالاته فلن نصادر حرية اختياره، وهو لو كان يحب المديح، فإنه لن يستطيع أن يمنعنا أن نقول كلمتنا ونمشي عندما لا يعجبنا ما يكتب...

من ناحية الجوهر والفحوى فالمقال من الوزن الخفيف. ولم أتصور ، لحظة واحدة، وأنا أدعو "مالك الحزين" إلى حمله "لنادي الفكر" بأنه سوف يقابل بهذه "الغضبة المضرية" والعاصفة القومية الشيوعية الفلسطينية، ويصبح "مالك الحزين" – بين ليلة "وضواحيها" - ابناً شرعياً "لجورج بوش" و"العلماني" مصفقاً وتابعاً يثير الضحك والإشفاق.  

لندخل إلى متن المقال موجزين الآن.  
يطالعنا "الحزين" بمقال ساخر يتدثر فيه جلبابه الصعيدي ويمسك بيمينه عصا الأبنوس ويقرع أبواب بنك "كريدي سويس" في "جنيف" كي يبدل حفنة من الدولارات إلى ما يساويها من الفرنكات السويسرية. وهناك يلتقي بموظف سويسري من أصل فلسطيني يقابله ببعض الإزدراء عندما يعلم خلو وفاضه، فيشاكسه "الحزين" ويتصادق معه على فنجان قهوة بعدها مذكراً بموضوع رئيسي يطاله في مقاله عن "المظاهر والمال ووقعهما في تشكيل الأحكام المسبقة عند الناس".  

في مقاله، يسخر "الحزين" (الصعيدي بالمناسبة) من الصعايدة ومظهرهم منذ جملته الأولى. ولا يشفق على نفسه عندما ينعت شخصه "بالحمار"، وبألفاظ تتماشى مع "لغة المقالة" والسياق يقول عن الفلسطيني "ابن الدايخة" و"ابن القحبة" وما إلى ذلك.

"مالك الحزين" في مقاله يظهر السويسريين بمظهر الأغبياء عندما يظن بأن "جلبابه الصعيدي" كفيل بأن يخدعهم فينزلونه منزلة رفيعة تليق "بحساب منتفخ يظنون" بأنه صاحبه. وهو بعد يطال "المصريين" في أكثر من عبارة من جنس " مصري ولو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون فنلندياً"، ومن نوع " كنت عايش في عين شمس، فقلت له: لهذا تعلمت الوساخة وشغل العربجية".

المقال إذاً، مع هلهلته البلاغية، يعج بالسخرية الخفيفة المهذبة حتى لو تخللتها بعض الألفاظ السوقية التي لا تجرح ولا تطعن ولا تزعج كثيراً. و"مالك" في كل ذلك لا يروج لعنصرية أو طائفية أو فكرة سياسية بقدر ما يلاحق موضوعه كي يختمه بجملة يبادر بها صاحبنا الموظف تقول: "أنا بس حبيت أعلمك تكون بني آدم في تعاملك مع خلق الله، خصوصاً أهلك وابناء جلدتك".  
"الحزين" في النهاية إذاً، "يؤاخي" صاحبه الفلسطيني ويصادقه بعدها ويترك ثوب "الأهل وأبناء الجلدة" يلفه ومحدثه ... فما العيب في هذا؟ ولماذا كل ذلك الصراخ وتلك والجلبة التي حدثت بعد ذلك ؟ وما هي المشكلة حقاً ؟