اقتباس:(قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ) (الرعد : 27 )
(وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل : 93 )
(فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر : 8 )
"يُضِلُّ مَن يَشَاءُ" (براحته.. على كيفه.. زى ما هو عايز)
أتريد من القوم أن يخالفوا مشيئة الله؟
قال الله تعالي :
(لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28)
وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 )
وقال الله تعالي:
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (الشمس : 8
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (البلد : 10
الله تعالي الهم طريق الخير والشر امام الانسان وهداه الي الطريقين الخير والشر و علي الانسان اختيار طريقه
فنحن لنا مشيئة لكن مشيئتنا لا تخرج عن مشيئة الله عز وجل ولكن يبقى علينا إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى وأن الأمر كله بيده فما طريق الإنسان أذن وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قدر عليه أن يضل ولا يهتدي ؟
فالجواب علي ذلك أن الله تبارك وتعالى إنما يهدى من كان أهلاً للهداية ، ويضل من كان أهلاً للضلالة ، يقول الله تبارك وتعالى .( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) [ الصف :5] ويقول تعالى ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ) [المائدة :13] .
فبين الله تبارك أن أسباب إضلاله لمن ضل إنما هو بسبب من العبد نفسه ، والعبد كما أسلفنا آنفاً لا يدرى ما قدر الله تعالى له ، لانه لا يعلم بالقدر إلا بعد وقوع المقدور .
فهو لا يدرى هل قدر الله له أن يكون ضالا أم أن يكون مهتديا ؟ فما باله يسلك طريق الضلال ثم يحتج بان الله تعالى قد أراد له ذلك أفلا يجدر به أن يسلك طريق الهداية ثم يقول أن الله تعالى قد هداني للصراط المستقيم ؟ فانت مثلا امامك طريقين للسفر طريق سهل مريح لا يوجد به مخاطر و الطريق الاخر به مخاطر كثيرة وطويل وشاق وانت عليك الاختيار اي الطريقين تسلك فما بالك تسلك الطريق الشمال ثم تقول أنه قد قدر علي آفلا يليق بك أن تسلك طريق اليمين وتقول إنه قد قٌدٌر لي أيجدر به أن يكون جبريا عند الضلالة وقدريا عند الطاعة كلا لا يليق بالإنسان أن يكون جبريا عند الضلالة والمعصية فإذا ضل أو عصى الله قال هذا أمر قد كتب علي وقدر علي ولا يمكنني أن أخرج عما قضى الله وقدر وإذا كان في جانب الطاعة ووفقه الله للطاعة والهداية زعم أن ذلك منه ثم منّ به على الله
بهذا تبين لنا أن الإنسان يسير في عمله الاختياري سيراً اختيارياً ليس إجبارياً وأنه كما يسير لعمل دنياه سيراً اختيارياً وهو إن شاء جعل هذه السلعة أو تلك تجارته ، فكذلك أيضا هو في سيره إلى الآخرة يسير سيراً اختيارياً
بعد هذا نقول : إن أهل السنة والجماعة قرروا هذا وجعلوا عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره وانه يقول كما يريد ولكن أرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته ثم يؤمن أهل السنة والجماعة بأن مشيئة الله تعالى تابعة لحكمته
وأنه سبحانه و تعالى ليس مشيئته مطلقة مجردة ولكنها مشيئة تابعة لحكمته لأن من أسماء الله تعالى الحكيم والحكيم هو الحاكم المحكم الذي يحكم الأشياء كوناً وشرعاً ويحكمها عملاً وصنعاً والله تعالى بحكمته يقدر الهداية لمن أرادها لمن يعلم سبحانه وتعالى انه يريد الحق وأن قلبه على الاستقامة ويقدر الضلالة لمن لم يكن كذلك لمن إذا عرض عليه الإسلام يضيق صدره كأنما يصعد في السماء فان حكمة الله تبارك وتعالى تأبى أن يكون هذا من المهتدين آلا أن يجدد الله له عزماً ويقلب أرادته إلى إرادة أخرى والله تعالى على كل شي قدير ولكن حكمة الله تأبى إلا أن تكون الأسباب مربوطة بها مسبباتها
وادعي الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتّباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنااجتنابه .