{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
محاورات مورفيوس
محارب النور غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,508
الانضمام: Oct 2004
مشاركة: #3
محاورات مورفيوس
(3-3)


السقوط إلى الأعلى :
في مقال سيكلوجي للكاتب السويديّ جيري ماتّا Jerry Maatta، حاول فيه تحليل سيكلوجية أليس داخل الهوّة واستبطان ردود فعلها مطابقاً بين السقوط في الهوّة وبين الدخول في مرحلة المراهقة بالنسبة للفتيات اللواتي بعمر أليس، حيث تنضج تجربتها خارج البيت وتشعرها الأحداث بانفلات الزمام من ترتيبها المنطقيّ البسيط لعقلها الطفوليّ الذي يتعرض لتلك الرجّة النفسية بعد السقوط في الهوّة، وهي مسافة تحولها من طفلة بريئة إلى امرأة ناضجة، فمشاعر أليس تتحوّل بشكل فجائيّ من المرح إلى الضيق والتبرّم في الفصول التي تلي فصل السقوط في هاوية الأرنب، وغالباً ما يدفعها اضطرارها لإطاعة قوانين بلاد العجائب إلى البكاء والغضب.
تشاكل هذه التجربة، برأيي، تجربة السيد توماس أندرسن بعد تناوله الكبسولة الحمراء وانكشاف حقيقة "العالم الواقعي" له، فالرعب والقلق والرفض لما انكشف لعينيه من جديد رجّ نفسية السيد أندرسن بشكل كاد يدفع به إلى الجنون، إلاّ أنها كانت تجربة جعلته أكثر وعياً واشدّ إصراراً على مواجهة العالم الجديد المزيف، فقد جعلته صدمة التجربة تلك، والتي تشابه صدمة أليس في بلاد العجائب، أكثر نضجاً وأشدّ وعياً للعالم الذي هو فيه، فقد بدأ يرى الأحداث بعين أخرى. دعونا الآن نعود إلى حكاية أخرى من الحكايات الخرافية التي كتبها كارول، وكانت بطلتها أليس طبعاً، لنطابق بينها وبين أحد مشاهد الماتركس.
في حكايته "عَبْر المرآة Through the Looking Glass " التي كتبها عام 1871، أي بعد ستة أعوام من صدور "أليس في بلاد العجائب"، يطلب الملكُ من "أليس" أن تراقب الطريق لترى مَن القادم، فيدور الحوار التالي بينهما:
ـ "أنظري فقط باتجاه الطريق واخبريني إن كنتِ تستطيعين رؤية أحداً منهم".
ـ " أرى لا أحد على الطريق"، تقول أليس.
ـ أتمنّى فقط أن تكون لي مثل هاتين العينين لرؤية لا أحد! ومن مثل هذه المسافة أيضاً.
يذكّر هذا الحوار الذي يغلب عليه المنطق بالمشهد الذي تلي إعادة تهيئة جسد نيو بعد الولادة الجديدة، حيث دار حوار صغير بين مورفيوس وبينه حين كان مسجّى على طاولة العمليات:
نيو: ماذا أنتم فاعلون؟
مورفيوس: عضلاتك خامدة. نحن نعيد بناءها.
نيو: لماذا تؤلمني عيناي؟
مورفيوس: لأنك لم تستخدمهما من قبل.
فالعين تفتح لأول مرّة لترى حقيقة العالم والبصيرة تنسحب من الخيال لتشاهد الواقع وتتأمله، ليس كما يتوهّمه العقل بل كما تراه العين. إنّ العالم الماتركسي يستند بقوة على الصور التي يقوم الوهم بإنتاجها، ولا يمكن لهذه الصور أن تفعل فعلها بقوّة إلا للنائم أو لمغمض العينين، فالبصر يشتّت الوهم، وصورة العين تطرد صورة الخيال، فالناس في العالم الماتركسيّ كما وصفهم الحديث النبويّ "الناسُ نيام، فإذا ماتوا انتبهوا"، لأنّ موت العالم الماتركسي الوهميّ سيكون بمثابة صحوة جديدة للعقل وللعين من عالم الأحلام.
إنّ نصوص كارول ترتبط بكثير من العلاقات المتشابكة والوشائج المشتركة مع فلم ماتركس، وتتداخل عوالم "أليس" مع عالم "نيو". ومن جملة تلك الوشائج هي ترينيتيTrinity (الثالوث)، ومورفيوس Morpheus. ففي المقال المذكور للكاتب السويديّ تُقدّم لنا إلماحة عابرة، لكنها ذكية تصلح لأن نجعلها هنا كعيّنة للعبة تبادل الهويات التي تدور في أعمال كارول الأدبية وفلم الماتركس، ففي القصيدة التمهيدية لمغامرات أليس إشارة واضحة لبنات السيد ليدل Liddell الثلاث، أليس Alice ، إيديث Edith، ولورينا Lorina ، حيث أسماهن: Prima، Secunda، Tertia، أي باللاتينية: الأول، الثاني والثالث، وذلك بصيغة المؤنث. وبديهي أنّ اللاوعي الديني الرهبوتيّ قد لعب دوراً كبيراً في هذه الصياغة للإشارة إلى صديقاته الصغيرات اللواتي كان يقرأ لهن مغامراته أثناء نزهاته معهن. لكننا في محاولتنا لتقريب فكرة تناصّ الأفكار بين عالم كارول وفلم الماتركس لا نستطيع إغفال فكرة الثالوث المهيمنة في فكرة الماتركس والتي تتجلى في الثلاثي: نيو، مورفيوس وترينيتي.
فلدينا نيو Neo، الذي يتداخل بتبادل حروفه مع The One (الأوّل)، ومورفيوس Morpheus (الأب الروحيّ)، ثمّ ترينيتيTrinity (الثالوث)، وهؤلاء الثلاثة يشكلون بنية القوة التي تقود المواجهة مع عالم الماتركس وأدواته البوليسية، أشباه المستر سميث Smith، أو "العميل" كما يطلق عليه. إنها الأقانيم الثلاثة التي تشكّل بُنية القوّة الواحدة المناهضة، كما تشكّل عناصر النيوترون Neutron، البروتون Proton، والإلكترون Electron، بُنية الذرّة Atom، التي ستدمّر نظام الماتركس. فلدينا نيو Neo، الذي يتداخل بتبادل حروفه مع The One (الأوّل)، ومورفيوس Morpheus (الأب الروحيّ)، ثمّ ترينيتيTrinity (الثالوث)، وهؤلاء الثلاثة يشكلون بنية القوة التي تقود المواجهة مع عالم الماتركس وأدواته البوليسية، أشباه المستر سميث Smith، أو "العميل" كما يطلق عليه. إنها الأقانيم الثلاثة التي تشكّل بُنية القوّة الواحدة المناهضة، كما تشكّل عناصر النيوترون Neutron، البروتون Proton، والإلكترون Electron، بُنية الذرّة Atom، التي ستدمّر نظام الماتركس. بل يمكنني القول أنّ نيو هو النيوترون (لاحظ هنا تقارب الأسمين)، ومورفيوس (معادله الروحي) هو البروتون. أما ترينني فهي الإلكترون. إنه نمط متكرر ومتوراث من أنماط النماذج البدئيةArchetypes ، حسب تعبير يونغ Jung .


شطرنج أليس:
في مشهد ارتقاء السلالم نحو مورفيوس تواجهنا لقطة ذات مغزى، إنّ نيو وترينيتي يرتقيان سلالم تحيط بها جدران وأرضية تماثل رقعة شطرنج. إنّ الخدعة البصرية للكاميرا في هذه اللقطة توقع المشاهد في حيرةٍ وتساؤل فيما إذا كان ينظر إليهم من فوق السلالم أم من أسفلها؟ إنهما يرتقيان ويهبطان في الوقت ذاته. إنّ هذا المشهد يحيل بالتأكيد إلى بلاد العجائب التي دارت فيها مغامرات أليس، حيث تصادف في مغامراتها مخلوقات على شكل قطع شطرنجية تتحرك على أرضية تشابه رقعة الشطرنج وتشترك معها في ذلك العالم الغرائبي. ويذكّر تداخل الصعود والهبوط بتفكير أليس الطريف، حين ظلت تهوي لساعات في جحر الأرنب، بأنها ستخرج "صاعدة" من الجانب الآخر من الأرض "حيث الناس يمشون على رؤوسهم بالمقلوب!". ويتأكد العالم الشطرنجيّ أكثر فأكثر في كتاب "عَبر المرآة Through the Looking Glass" الذي كتبه كارول فيما بعد، الفصل الثاني تحديداً، حيث تهتف أليس مندهشة وهي تتطلع إلى أحد حقول القرية المقسّمة إلى مربعات، بأنها "تشبه رقعة شطرنج عملاقة". ولكن دعونا نسأل: ما علاقة كل ذلك بعالم الماتركس الافتراضي؟ إنّ الإجابة على هذا السؤال الاعتراضي المشروع يحتّم علينا الرجوع قليلاً إلى زمن كارول وقبل ذلك أخذ فكرة موجزة عن رواية "عبر المرآة" التي لم تترجم إلى العربية كما أعتقد.
تدور رواية "عَبر المرآة" حول فتاة صغيرة (إسمها أليس أيضاً) تدخل من خلال مرآةٍ فوق الموقد لتجد نفسها في عالمٍ شبيه بعالمها الأول الذي اكتشفته أليس الأولى في بلاد العجائب وذلك بعد سقوطها في جحر الأرنب، إلاّ أنّ الدخول إختياريّ هذه المرّة وبمحض إرادتها، حيث تلتقي بشخوصٍ طريفة مثل الملك الأبيض (شطرنج) والشخصيتان المتناقضتان تويدلدوم Tweedledum وتويدلدي Tweedledee، اللذان رغم تشابههما في كلّ شيء إلاّ أنهما يناقضان بعضهما بعضاً، وعلينا هنا أن نتذكرهما جيداً حينما يحين وقت الحديث عن الهويّات الثنائية المتعارضة في كلٍّ من عالم كارول والماتركس. يبقى أن نشير إلى ميزة إختلاف جوهرية في روايتي كارول، فبينما تستند "مغامرات أليس في بلاد العجائب" على لعبة الكوتشينة وتستقي أغلب شخوصها من صورها، فإن رواية "عَبر المرأة" تستند على لعبة الشطرنج وأحجارها، لكن بقوانين بالغة الغرابة سنوضّحها لاحقاً.
يذكر إ. غراهام Graham E في مقدمته لكتاب "عبر المرآة" التي خصصها عن لويس كارول وكتابته لهذا الكتاب، أنّ لويس كارول بعد سبع سنوات من إصداره "أليس في بلاد العجائب" قد انهمك في تلقين أليس ألغاز لعبة الشطرنج وصنع لأجل ذلك قصصاً لتوضيح حركات الأحجار وقوانين اللعبة، ثم قرّر فيما بعد أن يحوّل تلك القصص إلى رواية واحدة بعد أن التقى بفتاة أخرى في لندن، وكانت ـ ويا للمصادفة!ـ تحمل إسم "أليس" أيضاً، فأخضعها لتجربة طريفة لا أرى بأساً في سردها هنا لأنها ستؤدي بنا في نهاية المطاف إلى التعرّف على دستٍ خاصّ للشطرنج سيفيدنا جداً في فهم عملية انتقال الأجساد من العالم الواقعي إلى عالم الماتركس الافتراضي، إلا وهو المعروف بإسم: "دست أليس" أو "شطرنج أليس" Alice Chess.
في يوم ما، بعد تدوينه للقصص الشطرنجية المتناثرة، التقى لويس بكارول أثناء زيارته للندن بصبية صغيرة في الثامنة، تُدعى أليس رايكس Alice Raikes، فدعاها للدخول إلى البيت ووضعَ في يدها اليمنى برتقالة ثم سألها في أيّة يد تمسك بها، فأجابته بأنّها في يدها اليمنى. بعد ذلك جعلها تقف أمام المرآة وسألها "في أيّة يد يحمل الطفلُ الذي في المرآة البرتقالةَ؟"، فأخبرته أليس أنها في اليد اليسرى، وحين طلب منها توضيح الأمر قالت "إذا كنتُ على الجانب الآخر من المرآة فهل ستظل البرتقالة في يدي اليمنى؟". ويبدو أنّ الإجابة التي أدهشت كارول قد جعلته يعقد العزم على أن يكون كتابه القادم عن العالم الذي يقع في الجانب الآخر من المرآة!
في عام 1953 ابتكر في. ر. بارتونV. R. Parton ، وهو أحد عباقرة الشطرنج في العالم، دستاً غريباً استوحاه من عالم كارول في حكايته "عبر المرآة". تقام المباراة فيه على رقعتين وليس رقعة واحدة كما هو معهود، وبين فيلقين من أحجار الشطرنج التقليدية، لكن لونيهما لن يكون هذه المرّة بالأبيض والأسود كالعادة، بل بالأبيض والأحمر. لهذه اللعبة قوانين ثلاث هي في غاية البساطة والغرابة أيضاً:
1. أيّ حركة للقطعة يجب أن تكون قانونية على الرقعة التي تحركت منها.
2. أيّ قطعة يمكنها أن تتحرك أو تأسر قطعة معادية إذا كان مربع الاتجاه في الرقعة الثانية شاغراً.
3. بعد الحركة تنتقل القطعة إلى المكان المطابق لمكانها في الرقعة الثانية.
أي أنّ القطعة التي تتحرك في أيّ من الرقعتين، تنتقل إلى موقعها الافتراضي في الرقعة المجاورة وهكذا بالتبادل، فما تحركه هنا ينتهي هناك، وما تحرّكه هناك يتمركز هنا، وهكذا دواليك حتى نهاية آخر قطعة شطرنج على الرقعتين. إنها أشبه بلعبة النظر إلى المرايا المتقابلة، فما تراه هنا، موجود هناك، وما تراه هناك هو أنت لا غير..


رسمة من حكاية "عَبْر المرآة" حيث تدخل أليس من المرآة لتخرج من الجانب المقابل مع نموذج لشطرنج أليس

أنّ الوجود الواقعيّ في الرقعة الأولى يقابله وجود افتراضي على الرقعة الثانية، والصراع والتداخل على رقعتي شطرنج أليس يقابله التداخل والتعارض بين عالمي الماتركس الافتراضي والعالم الحقيقيّ الذي تعيش فيه عصبة مورفيوس، ولذا فأنّ النزالات والمعارك التي تدور بين صفّي فيالق الشطرنج التي تحتّم انتقالها على الرقعتين تشابه النزالات والمعارك في عالم الماتركس، فبينما أجسادهم ثابتة على كراسيّهم في العالم الحقيقيّ (مركبة نبوخذ نصر) تنتقل أجسادهم الافتراضية إلى العالم الافتراضي لتدير الصراع ضد القوّة البوليسية التي تحكم الماتركس الافتراضي، وكلّ لطمة هناك أو رصاصة، يقابلها نزيف دمٍ في موضع الجسد الواقعيّ الساكن في مركز الاتصال الرئيسيّ، حيث أجسادهم مثبتة على كراسيّ توصل أدمغتهم بعالم الماتركس. وكلّ موت هنا يساويه موت مقابل هناك في عالم الماتركس القائم على تصورات العقل، لأنّ لا حياة للجسد بعد موت العقل، على حدّ تعبير مورفيوس.
إن الصراع البشريّ مع عقل الماتركس الرقميّ ينبغي أن ينظر إليه على أنه امتداد لكلّ النزالات التاريخية البشرية في مباريات الشطرنج ضد عقل الكومبيوتر الجبّار التي قام بها عمالقة الشطرنج أمثال ميخائيل كاربوف وبوريس سباسكي وبوبي فيشر وغيرهم من مهرة الشطرنج العظام، وأن يُنظر أيضاً إلى هذه النزالات الآن على أنها تمرين مستقبليّ للقتال ضد الماتركس والانتصار عليه.

مرايا الأسماء وتضادّ الصور :
أنّ العديد من سمات شخصية لويس كاورل وإعماله تتجلى بقوة في تفاصيل فلم الماتركس، فخلفيته الرياضية والمنطقية واهتمامه الشطرنجي واللعب بالمترادف من الكلمات وتضادّ المعاني تركت كلها بصماتها بقوة على نسيج الفلم، فالمخلوقات الغريبة التي تملأ حكاياته، على سبيل المثال، جميعها مختلقة من مفردات حقيقية إنجليزية، فرنسية ولاتينية. من جملة هذه المخلوقات الفأر Dormire، الذي تلتقي به أليس. فهو مقبوس من مفردة لاتينية معناها "النوم"، وهذا يحيلنا إلى شخص مورفيوسMorpheus ، الذي حسب المثيولوجيا اليونانية، هو "أمير الأحلام". ومن نماذج الترادف اللغوي لدينا كذلك إسم الفلم نفسه، فالماتركس The Matrix مشحون بمعنيين مترادفين: معنى واقعيّ: "الرّحم"، وافتراضيّ: "لائحة من العناصر الرياضيّة تُعامل ككيان واحد". وينطبق الأمر نفسه على جميع الشخوص التي ظهرت في الفلم تقريباً، وسنقدّم مسرداً عنها فيما بعد.
إنّ صورة اللاهوتي والعالم الرياضيّ للويس كارول تبدو واضحة بقوة في طاقم الماتركس، وخصوصاً توماس أندرسن "نيو"، فصعوبة النوم، المزاج العصبيّ الخجول، عدم استمرائه للطعام، كلها صفات سلوكية مشتركة بين الاثنين. يضاف إليها الولع بالثنائيات، انفصام الشخصيتين بهويتين مختلفتين وباسمين مختلفين أيضاً. فمما باحت به أليس بذكرياتها عن لويس كارول أنّه كان يلبس رداء الكهنة الأسود حينما يكون في وأكسفورد، أما حين يصحبها في نزهة على النهر، فقد كان يرتدي بنطالاً أبيض ويبدل قبعته السوداء بقبعة من قش، ويمكنني هنا أن أجزم بأن ثياب مورفيوس (ونيو بعد انضمامه إليهم) هي نفسها ثياب الرهبانية وبدلة القسّ التي كان يرتديها لويس كارول في أوكسفورد.
لقد تجنب الأخوان فاشوفسكي، صانعا الفيلم، الإجابة عن الأسئلة التي تحاول نبش دماغيهما، فغالباًً ما كانا يردّدان أنهما "ولدا وترعرعا في المجلات المصوّرة"، إلى أن شطحا ذات يوم وذكرا أنهما يهتمّان باللاّهوت، بشكل خاصّ، والرياضيات. نعم!، إنّ الرياضيات واللاهوت هما جوهر الماتركس، فالرياضيات أساس العالم الرقميّ الافتراضي، واللاهوت هو دعامة الإيمان بالمخلّص القادم...
اللهُ رياضيٌّ، يقول سبينوزا.

لم يكن بدّ من هذه المقدمة المملّة واستطرادها لفهمٍ أفضل للمحاورة الأولى من محاورات مورفيوس، ومع ذلك فقد اختصرت قدر الإمكان، فلفهم جيولوجيا "ماتركس" بكل تفاصيلها الثقافية والفكرية سنحتاج مجلدات عديدة لاكتشاف كلّ طبقاتها الفكريّة والثقافية. إنّ الإحالات الثقافية التي يقدمها فلم الماتركس تذكر بمتاهة مكتبة بابل التي تخيلها بورخيس، فكل دهليز يقودك إلى دهليز آخر، وكل كتاب يوصلك إلى غيره بمتاهة معرفية لا تنتهي، إنها ضياع واكتشاف يقودك إلى ضياع آخر.

ـ المحاورة الأولى ـ

مورفيوس: أتصوّر .. بأنك حالياً تشعر مثلما شعرت "أليس" وهي تهوي في جحر الأرنب.
نيو: تستطيع أن تقول ذلك.
مورفيوس: يمكنني مشاهدة ذلك في عينيك. شكلك يدلّ على أنك تقبل بما تراه لأنك تتوقع أن تستيقظ. الطريف أنّ هذا ليس بعيداً عن الحقيقة. هل تؤمن بالقدَر يا "نيو"؟
نيو: كلا!
مورفيوس: لمَ لا؟
نيو: لا أحبّ فكرةَ أنّي لا أستطيع السيطرة على حياتي.
مورفيوس: أعرف بالضبط ما تعنيه. دعني أقلْ لك لماذا أنت هنا. لأنك تعرف شيئاً، وما تعرفه لا تستطيع شرحه. إلاّ أنك تشعر به. بل شعرتَ به طوال حياتك: هنالك شيء خطأ في هذا العالم، لا تعرف ما هو إلاّ أنه موجود. كشظيةٍ في ذهنك تقودك إلى الجنون. هذا الشعور هو الذي قادك إليّ. هل تعرف عمّا أتحدّث؟
نيو: الماتركس!
مورفيوس: هل تريد أن تعرف.. ما هو؟
نيو: (يهزّ رأسه موافقاً).
مورفيوس: الماتركس في كل مكان حولنا، حتى حالياً في هذه الغرفة. يمكنك رؤيته من نافذتك، أو عندما تشغّل تلفزيونك. تشعر به عندما تذهب إلى العمل..عندما تذهب إلى الكنيسة..عندما تدفع ضرائبك. إنه العالم الذي غطّى عينيك ليحجب عنك الحقيقة.
نيو: أيّة حقيقة؟
مورفيوس: بإنّك عبدٌ رقيق، كالآخرين وُلِدتَ عبداً في سجنٍ لا تستطيع أن تشمّه أو تذوقه أو تلمسه.. سجنٌ لعقلك
02-07-2006, 10:46 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
محاورات مورفيوس - بواسطة محارب النور - 02-07-2006, 10:43 AM,
محاورات مورفيوس - بواسطة محارب النور - 02-07-2006, 10:45 AM,
محاورات مورفيوس - بواسطة محارب النور - 02-07-2006, 10:46 AM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS