السلام للجميع :


كنت شاهدا على تلك الحرب وكنت شاهدا على التناقضات التي عاشها لبنان ممزقا بين الرغبة فى الموت ورغبة اكيدة فى الحياة .. بين ان يكون فسحة يتنفس عبرها الانسان نسيم الحرية وبين ان تكون حجرا لا تسلل اليها سوى روائح العفن والدماء .
شهدت تلك الحرب بابطالها وبانذالها ولكم كنت صادقا يا زميلى فى ما كتبت عن لبنان عن امراء الحروب وعن مليشياتها وعن السهولة التى يموت فيها المرء فى لبنان والتى لاتحتاج لاكثر من مزاج صاف او عكر لأي قناص على أى جبهة ..

ولكن

حالة الانعدام الانساني التى شهدناها بداية انهيار بغداد او ابان الحرب الاهلية ليست مقصورة على دولة دون سواها ففى غياب القانون والسلطة وعامل الخوف يتحول الانسان اى انسان الى مجرد الة تفترس وتقتل وتنهب دونما سببت وتنطلق اشد الغرائز فتكا من داخل عمق الانسان الى السطح لتدمر وتعذب وتمثل مثلما لا يفعل حيوان ...
الانسان كائن خطر لا يكبح جماحه الخوف الناتج عن القانون الصارم والسلطة القوية بغض النظر عن موقفه من الاخلاق او الدين .. غالبا ما ينساق الفرد ضمن الجماعات ويأخذ بما تأخذ به . فى حالة الهياج ربما لحماية نفسه او تلبية لتلك الرغبة الحيوانية والتى كانت مقيدة فى باطنه .

وما انا الا من غزية ان غوت-------------------------
----------------------------- غويت وان رشدت غزية ارشد

وهنا لا يمكن اعتماد الوجه الحضاري او الاخلاقي كمعيار .. فما حدث فى العراق حدث مثله فى لويزيانا ابان اعصار كاترينا .. نهب وقتل مجاني واغتصاب لم يسلم منه حتى الاطفال ...

كذلك ما حدث فى إيرلندا نتيجة الصراع التاريخي بين طائفتي الكاثوليك والبروتستانت وتلك الكراهية التى يحملها كل منهم للاخر بانتظار ان يزول عامل القانون والخوف .. رغم انه لم يمنع التهجم كل منهما على الاخر .. حتى الاطفال فى المدارس لم تكن لتسلم تبعات هذه الكراهية .

او ما حدث فى الصومال وفى البونسة والهرسك وحاليا فى دارفور .

ولكن
ما حدث ويحدث فى العراق لن يكون ابدا المبرر المنطقي لاعادة احد اهم مسببات هذه المشهد الدموي وما نحن فيه من نكوص ..
( الحاكم العربي )
إن عودة صدام الى الحكم يعنى القضاء على اى احلام متعلقة بالتحرر والحرية فى كل المنطقة العربية خاصة عندها ستتأكد تلك المقالة
( والتى واكاد اقتنع بها ) ان هكذا شعوب تستحق هكذا حكام خاصة عندما تستدعى الذاكرة مشاهد كريمة عن تحرر الشعوب فى رومانيا والبانيا وداغستان وغيرها من دول عانت مثلما تعاني منطقتنا العربية حاليا . واظل اكرر السؤال ... لماذا ؟

واخاف فعلا ان اصل الى نقطة اليأس التى وصلت اليها زميل وان اخرج بنتيجة واحدة ..

ان الشعوب العربية لا تحكم الا بالحديد والنار .

تحياتي

والى لقاء قريب.....