مهزلة ومؤامرة على حساب ما بقي للبنان من كرامة
جورج بشير
الذي حصل بالامس في مجلسي النواب قبل الظهر، والوزراء بعد الظهر، ما هو سوى امتداد لما حصل من «جرصة» في اجتماع نيويورك وفي لقاء القمة العربية في الخرطوم .. فالذين حرضوا الرئيس السنيورة الى اتباع سياسة النكاية والحقد والعزل، وشرشحة لبنان في المحافل اللبنانية والعربية والدولية. وما حصل البارحة في مجلس الوزراء كان صورة طبق الاصل ايضا من تصرفات تلامذة المدرسة التي زرع دروسها وبذورها السيد عبد الحليم خدام ابان «حكمه» للبنان من وراء الستار وايام الحركة الوطنية بعد ذلك وفي خلال تسلمه الملف اللبناني حيث زرع لبنان فتنة وتفرقة وحقدا من ضمن سياسة فرق تسد.
الذين حرضوا الرئيس السنيورة رجل الدولة الهادىء والمتزن والتوحيدي ليس للذهاب الى القمة العربية في الخرطوم، لانه كان من الضروري ان يكون رئيس حكومة لبنان من ضمن الوفد اللبناني الى جانب رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود لان اللبنانيين يتطلعون دوما الى ان يكون لبنان برأس واحد لا برأسين، وبرئيس واحد وليس برئيسين.. لكن الذين حاولوا اقناع الرئيس السنيورة بعدم المشاركة في القمة في الخرطوم، او الجلوس الى جانب رئيس الجمهورية اللبنانية وضمن الوفد اللبناني الرسمي، سلموا بالنتيجة بأن يذهب الرئيس السنيورة الى قمة الخرطوم لكنهم اشترطوا «عليه» ان يقاطع الرئيس لحود، ولا يجتمع به،ولا يجلس الى جانبه، وهؤلاء الذين حرضوا الرئيس السنيورة على هذا الموقف غير المشرف لوحدة لبنان وطنا وشعبا برغم كل المآسي التي تواجه اللبنانيين، يعرفهم الوزراء ويعرفهم النواب، هم الذين جلبوا للبنان هذه الجرصة على الصعيد العربي واثاروا الاستياء العارم في صفوف المواطنين المنكوبين بمثل هؤلاء في الطبقة السياسية فكان ما كان في قمة الخرطوم، وعلى هامشها حيث تسلى الصحافيون والمراسلون والمسؤولون والديبلوماسيون الذين واكبوا القمة العربية في الخرطوم بلبنان وبالمسؤولين اللبنانين اركان الحكم والحكومة ...
لقد كانت قمة الفشل، لا بل التفشيل التي لحقت بهؤلاء، عندما وقفت القمة العربية الى جانب رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود، والحقت بقرارها الاجماعي الهزيمة بهم، وبخريجي المدرسة التي كان سيدها عبد الحليم خدام الذي كون ثروته المالية مع شركائه في المافيا المعروفة من ثروة اللبنانيين وعرق جباههم، وبنى رصيده السياسي من التجاوزات والمؤامرات التي قادها وخاض غمارها وشارك في حياكتها خدام على الساحة اللبنانية ...
لقد نال لبنان ما ناله في قمة الخرطوم وعلى هامشها، من اهانة ومن تشويه صورته ولم يكن في حاجة لان يواصل تلامذة مدرسة، خدام الى ساحة مجلس الوزراء، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذين انفجروا غاضبين مما لحق مدرستهم في الخرطوم، كما في مجلس النواب، في بداية جلسة مجلس الوزراء وخلال وجود مصوّري وسائل الاعلام التلفزيونية اللبنانية والعربية والاجنبية، ولم يستجب هؤلاء للتمنيات التي ارسلها في اتجاههم بضرورة الانتظار لتفريج كربتهم حتى خروج وسائل الاعلام والمصورين من قاعة مجلس الوزراء.. لكن هؤلاء اصرّوا على ان يواصلوا تشويه صورة لبنان واللبنانيين حتى من خلال جلسة مجلس الوزراء، وكأنهم لم يكفيهم ما فعلوا على هذا الصعيد وفي هذا المجال في الخرطوم على هامش اجتماعات القمة العربية، مصّرين على ان يستمروا في نشر الغسيل اللبناني الوسخ في بيروت، كما فعلوا في قمة الخرطوم.
يا عيب الشوم.. ويا جرصة اللبنانيين من هذه التصرفات المعيبة والمخالفة لكل التقاليد اللبنانية التي يقوم بها الذين ينشرون سموم الحقد والفتنة حيثما حلّوا، لانها المرّة الاولى التي تمثل فيها وعبرها مثل هذه التمثيلية والمسرحية، على حساب لبنان وصورته البهية النقية التي يساهم في رسمها قادة لبنان وحكامه الاوائل على مرّ التاريخ منذ الانتداب وما بعده ابان المراحل الاولى لعهد لبنان مع الاستقلال، والنظارة لهذه المسرحية كان اللبنانيين والعرب والاجانب..
جلسة مجلس النواب، والموقف الصلب المسؤول الذي قاده رئيسه نبيه برّي في وجه الذين حاكوا مؤامرة الخرطوم، اصاب بعض الوزراء في الصميم فأنفجر بعضهم في بداية جلسة مجلس الوزراء وقبل ان تفتتح هذه الجلسة وامام عدسات المصّورين والتلفزيونيين وكأنهم كانوا مصمّمين على تفجير الموقف استمراراً في نشر الغسيل اللبناني الوسخ من خلال جلسة مجلس الوزراء، تماماً كما حصل من نشر غسيل لبناني وسخ من على سطوح قمة الخرطوم العربية.
لا شك بأن ما حصل في الخرطوم كان عيباً كبيراً، وما حصل في مجلس الوزراء اللبناني في بيروت كان عيباً اكبر، ستكون له انعكاساته البالغة السوء على صعيد الرأي العام اللبناني والعربي والدولي، ويشكل في اي حال نقطة سوداء كبيرة في تاريخ لبنان في القرن الواحد والعشرين، وقد اصاب اللبنانيين بخيبة امل تدعوهم الى الخوف مما يخبئه المستقبل في ظل هذه المؤامرة، القذرة التي يتعرّض اليها لبنان.
http://www.journaladdiyar.com/Article_Fron...t.aspx?ID=10534