كيف تحولنا إلى ما يشبه أعداءنا


في النصف الأول من القرن العشرين حيث كانت المرحلة التأسيسية لظاهرتين جديدتين على المنطقة
الأولى : قيام دولة إسرائيل
والثانية : تشكل كيان جيوسياسي عربي
في هاتين الظاهرتين أقرأ ما يلي :

كان قيام دولة إسرائيل من مفارقات الزمن الذي قام فيه هذا الكيان المؤسس على هلوسات دينية كان العالم قد تجاوز عصبيتها بفترة زمنية ليست بالقصيرة ليتحول إلى مفهوم التجمع على أسس قومية بل تجاوز مفهوم الوطن القومي إلى مرحلة قيام الكيان السياسي الما بعد قومي
فإذا كانت الدعوة القومية العربية قد جاءت متأخرة زمنا عن زمن قيام الكتل القومية على مستوى العالم إلا أنها كانت _ أي هذه الدعوة _ تنتمي إلى النسق القومي العالمي وبمعاييره الفكرية والسياسية والأخلاقية

أما قضية قيام تجمع قومي على أساس ديني فإنها كانت تنتمي إلى معيار كان قد تلاشى تماما في ذلك الزمن .
فالدعوة القومية العربية في زمن تشكلها كانت لحاقا بالركب من خلال الفرصة الأخيرة لزمن تشكل الكيانات القومية ولكن وفق الشروط الزمنية لتشكل الكيان السياسي
في حين كان قيام دولة إسرائيل خروجا على سمة العصر وانتماء إلى زمن غابر جعل من طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي في النصف الثاني من القرن العشرين صراعا بين قوى صاعدة ما زال لها متسعا من الوقت ومقعدا في قطار الزمن و أخرى تأتي من خارج سمة العصر لتتعيش على بقايا الأزمان الماضية و ما خلفته من عاهات لا تنتمي لزمانها

فالدعوة القومية العربية ورغم كل ما اعتراها من نواقص و انحرافات كانت بنت زمانها المتأخرة وقد تأسست سياسيا على منحى هارب من الزمن الديني
على حين كانت الدعوى القومية اليهودية الصهيونية هروبا من سمة العصر إلى زمن الديني وقيمه العنصرية