إذا سألتك يا جد فاذر أو سألت أحد المعذبين في الدنيا غيرك : " كم عشت إلى الأن ، وهل ما تزال تذكر أي موقف مأساوي ، وتعيشه كما مر عليك بالضبط ؟ وهل مازلت تتذوق أي نعمة أو متعة ذقتها في الماضي ؟
بالتأكيد سترد : لا أتذكر من حياتي شيئا كما مررت به بالضبط ، ولكنه مر كالحلم ؟
وهكذا من نعم الله الكثيرة علينا أنه جعلنا ننسى ، حتى إذا جاء الموت استبشر المعذبون المؤمنون في الدنيا ، واندهشوا لتلك النعمة التي لم يكونوا أثناء حاضرهم يدركونها ، وكلما زاد النعيم في الدنيا زاد الألم والحسرة عند الموت ، إذا فالمعادلة موزونة ، بل راجحة لصالح المنكوبين في الأرض فهناك نعيم أبدي في الأخرة مع نسيان الأحزان في الدنيا على مر الأيام ،هذا مع الصبر والتسلي بحب الله والتمتع بمشاهدة مخلوقاته وعجائب صنعه ،

نستنتج بأن المعذبين في الأرض لديهم ما يلي : -
1- الاندماج في التفكر في ملكوت الله ، والنظر فيمن دونهم من ذوي العاهات والمصائب .
2- النسيان ، والفرح بالموت والاستبشار بالنعيم الأبدي الذي سينالونه مقابل الصبر .
3- التعويض من الله أثناء حياتهم الدنيا بحب إخوانهم من المؤمنين والتراحم فيما بينهم ،
وما دام الناس على الأرض فهم معرضون لكل ما يخطر وما لا يخطر على بالك من حروب وجهل وأمراض ومصائب ومكائد و كوارث طبيعية ، لا يتحملها إلا الصابرون والمؤمنون.
أما ما يخص عبادة الله إذ تقول ( فهل نحن طلبنا من هذا الله ان يخلقنا حتى يغصبنا على عبادته اصلا ؟؟) فالله عز وجل لم يخلق الإنسان ليعذبه " ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ {9{السجدة ، فهو لا يعذب إلا الظالمين ، الذين ينكرون فضله عليهم ولا يشكرونه بل يحاربونه ، فهم يتمتعون بما خلق لهم وفي نفس الوقت يتطاولون عليه ، فليتهم حتى يعترفون بأنه خلقهم وما حولهم ، ثم يسكتون لعله يهديهم وينير عقولهم لما ينفعهم ، بدل أن يسدوا الطريق بينهم وبينه .