إنه لمن السذاجة الآثمة أن نتصور إن الصهيونية كانت تهدف إلى إقامة وطن لليهود يخلصهم من اضطهاد تعرضوا له أو من مجازر ارتكبت بحقهم
فالمجازر الهامة ما كانت قد وقعت بحقهم في زمن مؤتمر بال
كما أن واقع اليهود في العالم كان واقع غير خاضع لمعيار زمني واحد ودوافع سياسية واحدة
لكن حقيقة وجودية واحدة كانت توحد رؤية النخبة اليهودية على مستوى العالم
هذه الحقيقة تتجلى بانعزالية الفكر اليهودي التقليدي ونفاذ صلاحيته الزمنية
وما وصلت إليه شروحات اللوائح اليهودية من وصفات تمقت العالم بكل أديانه ومذاهبه و تصوراته

ولفهم هذه الصورة يمكن قراءة واقع اليهود الصهاينة في إسرائيل بعد " انفراج كربتهم المفترضة "
فعنصريتهم المزمنة هي التي حالت بينهم وبين قيام حلفاء لهم سواء من المسيحيين الفلسطينيين أو المسيحيين العرب
وما سياسة التهجير التي أتبعتها ويتبعها الصهاينة إلا محاولات للهروب من معايشة البشر وهي بطبيعة الحال ستكون مقدمة للمشروع الصهيوني القادم الذي سيبحث لليهود عن كوكب آخر لا تقاسمهم فيه شعوب موصفوفة باللعنة التوراتية
فالحركة الصهيونية لم تكن حركة إنقاذ لليهود بقد ما هي حركة اعتزال تتوافق والروح الانعزالية لليهودية المبنية على قاعدة شعب الله المختار
بمعنى أن القومية اليهودية الصهيونية قومية طاردة رافضة للتعايش مع أصناف البشر

على عكس الحركة القومية العربية التي ولدت جاذبة حتى أنها لم تتورع عن تجاهل الهوية القومية لكثير من الأقليات المتميزة قوميا