{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5)
عمر أبو رصاع غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 334
الانضمام: Apr 2006
مشاركة: #4
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5)
تعتبر الوسطية والتوازن من بديهيات الفكر الاسلامي {وكذلك جعلناكم أمة وسطى لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} فالتوسط في كل شيء بين المغالات والتفريط ، التوحيد بين الالحاد والاشراك ، والتوسط في العبادة بين الرهبنة و الجحود ، حتى في الانفاق يقول {ولا تغلل يدك الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} وقوله {والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما{ (الفرقان 67) .
وكنا قد بينا رأي أهل الاقتصاد الاسلامي في مسألة الملكية وبينا كيف أنهم اتخذوا موقفا وسطى معتبرين ان الاسلام يقبل بالملكية الخاصة ولكنه يقيدها بما اباحته وحرمته الشريعة وفي نفس الوقت يمنح ولاة الامر العام الحق في تأميم ما تحتاج الامة تأميمه من مصالح شرط عدالة التعويض ويروى عن النبي أنه أمم أرضا لخيل المسلمين مثلا ، وقلنا أن هذا الموقف ينسجم وطبيعة ما درجت عليه معظم النظم الاقتصادية في العالم من تنظيم للسوق وتأميم المصالح الحيوية الاساسية أو ضبطها من قبل النظام العام ، وهو ما نعرفه اليوم على أنه النظام الاقتصادي المختلط أي الذي يمزج ما بين الرأسمالية بشكلها النقي عند آدم سميث والاشتراكية بشكلها عند ماركس .
نأتي إلى مشكلة حيوية اساسية من مشاكل الاقتصاد المعاصر وهي محددات عرض النقد الرئيسة والتي تحكم عرض السيولة النقدية ، وكما نعلم أن هذا موضوع شائك جدا يتناول الادوات التي تستعملها الدولة النقدية منها كسعر الصرف والاحتياطي القانوني والفائدة على أذونات الخزينة والمالية وعلى رأسها الانفاق العام ، ومعلوم تماما انه رغم فعالية هذه الادوات إلا أن الدور المتنامي اليوم اصبح لأداء الاسواق المالية والمؤسسات المالية وسعر الفائدة على الايداع والسحب .
في ضوء ذلك يأتي الالتباس الاكبر في قضايا الاقتصاد المعاصر وهو ما يختص بالبنوك ونشاطها ، لكن قبل أن نعالج هذه المسألة من الجدير بالملاحظة حقا هو تنبه النص الاسلامي إلى أهمية الدورة النقدية وعجلتها ، وهي في واقع الأمر من المسائل التي اغفلت كما لاحظت من مراجعتي للمكتبة الاقتصادية الاسلامية ، بل وأكثر فقد لاحظت أن جل من تصدوا لعلاج القضايا الاقتصادية من وجهة نظر اسلامية في الحقيقة ليسوا من مختصي علوم الاقتصاد والمالية والمصرفية بل من الفقهاء فواجهوا فعلا اشكالا في الفهم واضح بل وفج وخاطئ في معظم الاحيان للنظريات الاقتصادية ، فقد تجاهلوا أن الاختصاص في علوم الفقه لا يعني بحال التأهل للحديث في علم كالاقتصاد أو الطب أو غيره وهذا حقيقة من المشكلات التي اصبحت تشكل عائقا أمام الاجتهاد وتؤدي إلى استنتاجات فجة مجافية للعلمية تماما تطرح على الجمهور للأسف البالغ على أنها رأي الدين في المسألة مثار البحث والجدل ، وهي ظاهرة من مخلفات تراثنا ومعلوم أن العالم في غابر الزمان كان عليه أن يلم بشتى مناحي المعرفة مما كان يؤهله لفحص أي شيء في الغالب فكان العالم طبيبا وفقيها ورياضيا وفيلسوفا وفلكيا ، لكن أما وقد تشعبت فروع المعرفة وتنوعت اغراضها وتعمقت ابحاثها وازداد التخصص لم يعد بأمكان أي كان أن يلم بكل اصناف المعرفة فأصبح وللأسف الفقيه يفتي في مسائل كالطب وهو على غير دراية به وفي الاقتصاد وغيره نحو ذلك مما يأتي فجا مجافيا لحقائق علمية دامغة في احيان كثيرة ولذا نقترح دائما الاستئناس برأي أهل الخبرة والاختصاص قبل القفز إلى الافتاء في مسائل يعنى بها غير الفقهاء من علماء .
ومما بحثنا في اصله ومعنهاه و تنبهنا إلى أهميته قوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة} وما تضمنته من تحريم لكنز الذهب والفضة ، لإنما ينبه إلى أهمية منع و عزل اجزاء من الثروة عن الاسهام في النشاط الاقتصادي أي التحول إلى رأس مال منتج بدلا من بقائها رأس مال نقدي معزول عن المشاركة في الانتاج وخلق المنفعة ، تتكامل هذه الصورة إذا ما وضعنا هذا مع الركن الثالث من أركان الاسلام وهو الزكاة بما تضمنته من تشريعات ، فعلى ماذا تفرض الزكاة ؟
تفرض الزكاة على ما حال عليه الحول أي اكتمل على مرور حيازته عام كامل وبلغ النصاب !
تنبه الفقهاء إلى أهمية الدور الاجتماعي للزكاة ومسألة عدالة التوزيع ، لكن على ما نعلم لم يتنبه أحد إلى أهمية ذلك في الحض على عدم عزل الثروة عن النشاط الاقتصادي واستمرار رأس المال في العمل والدوران على مر الحول أو العام ، فهذا هو الرسول (ص) يأمر القائمين على أموال اليتاما أن يتاجروا بها حتى لا تأكلها الزكاة !
فليست الزكاة فقط حافزا على استثمار المال بل كذلك الحؤول دون أن يحول على المال حول في صيغة معينة فهكذا تتآكل الثروات الغير منتجة بالزكاة لحساب الثروات المنتجة والمتنامية ، إدراك عميق جدا يحول الثروة إلى قرض وهنا يكمن برأيي المتواضع مفهوم المال لله فهذا المال الذي بحيازتك هو لله وبالتالي لخلقه كون الانسان خليفته تأخذ منه الزكاة نسبة منه إذا حال عليه الحول بصيغته فهو إذا أشبه ما يكون بقرض اجتماعي يمنحه المجتمع للحائز ويدفع الحائز مقابل ذلك زكاة المال فإذا لم يكن مالا منتجا أتت عليه الزكاة بمرور الأعوام أما إذا كان منتجا نما وتزايد مما يعود على المجتمع خلق منافع إضافية وفق مبدأ اليد الخفية التي سبق أن تكلم عنها آدم سميث في كتابه ثروة الأمم \"إن الانسان وهو يعمل لتحقيق منافعه الخاصة إنما يفعل دون أن يدري فعل اليد الخفية التي تعود بالنفع على المجتمع\"(1) ، من الممكن أن تعمق هذه النظرة لتصوغ بذاتها نظاما شاملا لدورة رأس المال كحوافز لعرض النقد.
الجزء المقتطع من مطرح الزكاة يتحول فورا إلى انفاق كما أن المال الذي ليس مطرحا للزكاة هو بحكم الانفاق فعلا سواء كان انفاق استثماري أو انفاق استهلاكي
لو فرضنا أن السوق ليس فيها أي اقتطاعات في هذا النموذج لايوجد تسرب
كل الدخل المتحقق للأفراد يعود إلى السوق على شكل انفاق إما استهلاكي أو استثماري ليحولها السوق مرة أخرى كدخول للأفراد إلا أن هذا الفرض خاطئ لأن الأفراد لا يحولون دخولهم كاملة للسوق مرة أخرى بحيث يحدث تسرب على شكل اقتطاعات .
و لذا منع الاسلام الاكتناز وحض على الانفاق وفرض الزكاة ليمنع أن تظل الأموال خرج الدورة الاقتصادية و يضمن أن يعمل الاقتصاد بكامل طاقته.
حاول الاسلام ايضا أن يمنع اشكال استعمال المدخرات في استغلال الحاجة المتمثل بالاقراض بفائدة أو ما يسمى شرعا بالربا والذي هو الزيادة المتأتية من اقراض المال بمقابل للمدة.
وقد استخلص من ذلك الفقهاء أن اعمال البنوك الحديثة حرام شرعا لأنه ينطبق عليها ذلك، استنتاج يبدو منطقيا ، لكن مهلا لن نتخذ هنا دور الفقهاء إلا أننا سنحلل ابعاد هذا الموضوع لا حقا .
من ناحية تنبه الاسلام إلى ضرورة اعادة الاموال المقتطعة إلى الدورة السوقية فشرع اشكالا من الوساطة لإعادتها إلى السوق منها وأهمها عقد المضاربة ، وهو عقد يتم ابرامه بين طرفين الأول صاحب المال المضارب به والذي يدفعه للثاني وهو المضارب مقابل نسبة من الربح التي يتحصله الطرف الثاني وهو المضارب من استثماره وتشغيله لهذا المال ويتفق على مقدارها وبهذا يكون لصاحب المال تلك النسبة المتفق عليها من أرباح استعمال ماله إضافة لماله المضارب به وللمضارب الباقي من الربح بعد دفعه لتلك النسبة من الربح التي استحقت لصاحب المال ، فإذا ما وقعت الخسارة وضاع المال يتحمل الخسارة صاحب المال الأصلي ولا يخسر المضارب بالمال إلا عمله ، ولصاحب المال أن يضمن العقد الشروط التي يرتئيها كتحديد مدة المضاربة بماله بحيث يرد له بعد انقضائها أو أوجه استخدام ماله فله أن يحدد للمضارب بماله وجه استثماره لها كأن يحصر ذلك في تجارة القطن مثلا ، يقول سيد سابق في تعريفها :\" ...وتسمى قراضا وهو مشتق من القرض وهو القطع لأن المالك قطع قطعة من ماله ليتجر فيها وقطعة من ربحه . وتسمى أيضا : معاملة ، والمقصود بها هنا : عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقدا إلى الآخر ليتجر فيه ، على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه ، وهي جائزة بالاجماع\" (2) .
هناك ايضا اشكال أخرى كالاجارة والرهن وغيرها مما اتخذ سبلا لإعادة الاموال إلى الاسواق والملفت أن هذه السبل إنما تضمن أن يعمل المال وأن يحقق النفع للطرفين بينا كانت القروض الربوية لا تؤدي إلا إلى ضرر حيث يدفع المال لمحتاج في سد حاجة فيطمع الدائن في زيادة في ماله إما بالاستيلاء على مايملك الرجل أو كد جبينه أو حتى حريته ، لكن قبل ان نسترسل في الحديث عن البديل الاسلامي كما يسميه متصوروه وما يكنى بالبنوك الاسلامية ، لنا أن نتسآل لماذا نحتاج البنوك؟
قلنا أن الاقتطاعات من الدخل التي تذهب خارج الدورة الاقتصادية تؤذي الأمة ، والاقتطاع عادة ما يكون كتراكم فائض إما لهدف إعادة الانفاق على الاستهلاك كالادخار لشراء سيارة أو للاستثمار كشراء عقار أو آلة أو انشاء مشروع ما ، وقد يكون لغرض اكتناز المال وابعاده تماما عن الدورة دون أن يقع منه نفع وهذا الجزء الذي من المنطقي أن تطارده الشرائع جميعا لتعيده بالاقتطاع منه تدريجيا إلى الاسواق فلا يعوض فيه عما يستقطع إلى بانتاج جديد و ووفر جديد وكلما كبر هذا الجزء وتنامى كلما زادة القوة الاقتصادية المعطلة ، أما الادخار من اجل إعادة الانفاق فيعيبه امران
الأول المدة التي تكون فيها الاقتطاعات تسربا من الدورة السوقية.
الثاني ابطاء عجلة السوق لأن عملية الادخار تستغرق وقتا مما يبطئ من سرعة عمليات الشراء و الاستثمار.
من ناحية اخرى يضم المجتمع طائفتين :
الأولى تملك المال ولكنها تعجز عن توظيفه .
والثانية التي لديها المشروعات والحاجات وتعجز عن التمويل .
وذكرنا كيف أن المشرع الاسلامي ابدع نظام المضاربة كحل نوعي للمشكلة ، البنوك في هذه المسألة تتولى دور الوسيط الوسيط المضمون الذي يأخذ مال غير القادر على التوظيف ليعطي القادر عليه فيعجل الدورة ويساعد كثيرا في منع التسرب وفي ضبط سياسة عرض النقد كأداة فعالة ، تفتح البنوك قدرة لا متناهية على التمويل لا يضبطها سوى سعر الفائدة والعائد على الاستثمار ، ويتأتى ربح البنك من الفارق بين عوائده وأهمها الفوائد المحصلة من القروض الممنوحة واستثمارات البنك وبين تكاليفه المتمثلة بالفوائد المدفوعة للمودعين زائدا التكاليف التشغيلية ، والعمل البنكي على عكس ما يزعم الكثيرون عمل به مخاطرة تتوقف على عدة عناصر داخلية وخارجية وخاصة الوضع العام للاقتصاد الذي تعمل به فهي أول ضحايا الانتكاسات الاقتصادية وعرضة للإفلاس كذلك .
إذا البنوك تعمل على إلغاء مدة التسرب الذي تتطلبها عملية الادخار وتضع الاموال المعزولة عن الدورة التشغيلية في السوق مرة أخرى .
والبنوك كغيرها من الأدوات الاقتصادية قد تكون شديدة النفع للاقتصاد القومي وهو الأصل فيها وقد تكون ضارة ويتوقف ذلك بالأساس على القوانين والانظمة الرقابية خاصة منها التي تتأكد من سلامة الاجراءات وملاءة العميل وأن لا تتحول البنوك إلى اوكار لنهب الشعوب كما حصل ويحصل وأكبر دليل هو ما جرى من فضيحة قروض البنوك المصرية المنهوبة و التي لا نظير لها في اتاريخ .
البنوك ايضا وسيلة لتوجيه الاستثمار الوجهة التي تحتاجها البلاد وأيضا تعمل كمستشار للعملاء كافة لضمان افضل توظيف للثروة ، لذا فأنه حتى الرافضين لمبدأ الفوائد البنكية لأسباب شرعية لا يستطيعون إنكار أهمية هذه المؤسسات ودورها الاستراتيجي في أي نظام اقتصادي متطور. _ يتبع_

1- سميث – آدم – ثروة الأمم – النسخة الانجليزية ص67 .
2- سابق – سيد –فقه السنة – دار الفتح للإعلاع العربي – 1990 – ط1 - المجلد الثالث ص 297 .
omar_jo_1@hotmail.com
04-26-2006, 07:42 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - بواسطة عمر أبو رصاع - 04-26-2006, 07:42 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  دراسة ( السم بالدسم ) - قراءة فى فكر اللعين جون لافين - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 565 05-02-2012, 04:18 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  (( السم بالدسم ))- قراءة فى فكر اللعين لافين - بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 647 05-02-2012, 07:43 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  انكماش الرأي حسب تغير الدافع.."قراءة في جدلية الإخوان والولايات المتحدة" فارس اللواء 4 1,287 03-11-2012, 03:04 PM
آخر رد: فارس اللواء
  دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري فارس اللواء 3 1,151 03-02-2012, 09:09 PM
آخر رد: فارس اللواء
  عن العقلانية .. الــورّاق 0 738 12-22-2011, 04:57 PM
آخر رد: الــورّاق

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS