تحرير المشروع النهضوي


ما زال الفهم السياسي العربي يتخذ من الشعارات وإعداد العدة للمستقبل طريقا إجباريا للنهوض
وما زال النهوض العربي مفقود طرف خيطه
فكل المشاريع النهضوية التي بذرت بصرف الورق كانت نوع من التخيلات أو شوط من الأماني
والأخطر في المشاريع النهضوية أنها تبني مقدماتها على رؤى ونظريات خاصة جدا إلى درجة أنها تحتاج إلى فريق من المترجمين لا يقل عددا عن تعداد الأمة نفسها
فتأتي المشاريع النهضوية كلها متسخة بالرؤى الشمولية التي تتعامل مع خلق الله كأداة تنفيذية تسيًر ولا تخيًر
والمفارقة الأعظم في المشاريع النهضوية أنها بدل أن تراهن على التنمية البشرية والتحسين النوعي للمواطنة الذي يخلق أداة تنفيذ قادرة فإنها أي المشاريع النهضوية تعتمد على ( التقشف الفكري والمادي والطموح ) فتصور البشر كوقود نهضوي وليس موضوعا للنهوض وترى في النمذجة القطيعية سبيلا لتراص القوى وتغفل دور هذا التراص في قتل المواهب وخفض الإمكانيات الخلاقة إلى مستوى إمكانيات طارح المشروع
فما زال التصور العربي لمشاريع النهوض نوع من البرمجة المسبقة التي لم تفقد لمعانها على كل الصعد رغم أنها أفلست على مستوى عملي وعلى كل الصعد

بالملموس سنجد مشاريع النهضة العربية خلال القرن الماضي تراوح بين المشروع الليبرالي على قياس الليبرالية الغربية أو المشروع الاشتراكي على قياس الاشتراكية السوفييتية أو المشروع الإسلامي على قياس دولة الخلافة
أما الذي سيلبس المشروع فهو آخر من يؤخذ قياسه

إن وجهة نظري تقول بالمشروع النهضوي الذي يتيح مناخا ولا يفرض خيارا فتوفير المناخ هي التي ستجعل من الجهد العام المقرٍر وستكون النتيجة على قياس القدرة والمعرفة والعوامل المساعدة