عندما أقول لكم إن الله أو القدر جمعنا، ستسخرون مني أو ستقولون إنني أهذي...
انسوا التناغم الموجود بين اسمينا... ولا تصدقوني إن قلت إن لقب أسرتينا شبه متطابق : أنا ماهر سعد، وهي رهام الشيخ سعد... ولكن هل ستصدقونني إن قلت لكم بأنني حزرت بالصدفة رقم هاتفها ؟!

بدأت القصة عندما كنا ما زلنا حديثي العهد ببعضنا البعض.
كنا ما زلنا نتسامر مساءاً عبر الإنترنت، ونقضي ساعاتٍ طوالاً في تبادل أطراف الحديث.
طلبت منها مرة أن تعطيني رقم هاتفها بدل صرف مائات الليرات على فاتورة الإنترنت...
أعجبتها الفكرة، فأرسلته فوراً، واتصلت بذاك الرقم... فإذا بشاب في مقتبل العمر يرد علي. سألته إن كانت رهام موجودة، فشتمني ونهرني. لم أفهم ما حصل...
تبين لي فيما بعد بأنه شاب نزق كان يلاحقها رغماً عنها. أعطاها رقم هاتفه، فأعطته إلى كل من تعرفت عليه عبر الإنترنت...
تضايقت منها قليلاً وقتها، ولكنها اعتذرت. وطلبت مني رقم هاتفي لتتصل بي وتثبت صدقها... ترددت كثيراً قبل ذلك، وفي النهاية وافقت...

كان الوقت منتصف الليل، ووالداي وأخواتي نيام، رن جرس الهاتف، ولكنني عوضاً عن أن أركض لالتقاط السماعة كنت أقترب من الجهاز بتوجس. سبقتني أختي إليه بعد أن استيقظت، ثم ناولتني السماعة وهي تتبسم. لا أدري ما دهاني، كانت يدي ترتجف وأنا ألتقط السماعة، وكان قلبي يدق أسرع من العادة...

بدأت الحديث وأنا أرمي نظرات اعتذار لوالدي في الغرفة المجاورة وأختي...

كان صوتها يشبه صوت عُلا، صديقة أختي الصغرى. ولكن شتان، فرهام شقراء ذات عينين زرقاوين، وهو ما يحلم به أي رجلٍ مشرقي...
سألتني : "ما لصوتك يهمس ويرتجف ؟!" فتحججت بأن الجميع نيام ولا أريد إيقاظ أحد...
بقينا نتحدث يومها حتى الخامسة صباحاً، لا تطلقوا مخيلتكم بعيداً، كان الحديث عاماً بريئاً ومشوقاً في الوقت نفسه...

في اليوم التالي، اتصلت بي في السادسة مساءاً... فسألتها إن كانت تريد إعطائي رقم هاتفها...
ردت بأنها لن تعطيني إياه كاملاً... وأعطتني أول رقمين : 44 ثم قالت لي احزر الباقي... كنت متعباً وغير قادر على التفكير. ولكنني نظرت يومها إلى شاشة التلفاز وأخبرتها أول رقم ظهر لي : 9... قالت لي :"لا بد أن لديك كاشف رقم" ولكن من المحال أن تعمل هذه التقنية على هاتفنا التاريخي العتيق... أمرتني بالمتابعة، فصرت أنقل لها أول رقم يظهر لي على شاشة قناة الجزيرة : 4 ثم 3 ثم 8... صاحت "مستحيل"... وقالت لي هذا هو الرقم... كنت شبه متأكد بأنها كانت حيلةً أخرى من حيلها... فكيف لأرقام عشوائية اخترتها من شاشة بلورية بأن تعطيني رقم هاتف هذه الفتاة....
قالت لي : "جرب أن تتصل لتتأكد، وأغلقت سماعتها !"...
ضربت الرقم وأنا متوجس من الخدعة التي قد أقع بها مجدداً : 449438 !!


يستتبع....