أحمد البوسطة - أيتـام صـدام والزرقـاوي عندما يتحدثون..


تجدهم يتحدثون بلغة واحدة سواء كانوا في عمّان أو المنامة، في دمشق أو بغداد، في الرياض أو الرباط؛ أو أية عاصمة عربية أو أجنبية. إذا سألتهم من يقطع الرؤوس من أجسادها في العراق، ومن يقتل الصحافيين والعلماء، وأساتذة الجامعات، ومن يفخخ السيارات، ومن يفرقع نفسه وسط الأبرياء، ومن يمثل بالجثث، وهات ما عندك من بشاعة وفظائع تجري في العراق؟! الإجابة واحدة: الاحتلال، الأميركان والموساد وأعوانهم من الذين يحكمون العراق الجديد الآن.
ولكن، من كان يقتل الصحافيين والمسرحيين في الجزائر يوم كانت ثقافة جز الرؤوس شائعة هناك، ومن يصفي المعارضين العراقيين، ويدفن الناس أحياء قبل قتلهم، وأحياء لا وقت متسع لقتلهم في مقابر جماعية يتم اكتشافها إلى يومنا هذا ما تعتبر من مآثر العهد البائد ؟ لا يتورع هؤلاء من أيتام صدام والجماعات ‘’الجهادية’’ المتأسلمة أن يكذبوا على القضاء والقدر، ويندبوا حظ العراقيين العاثر، والمصادفات العمياء، لأن جينات بعض العراقيين التي كانت تعشق الحرية جاءت في مرحلة نظام شغلته الحروب مع جارته إيران إلى شقيقته الكويت (المحافظة رقم 18) التي ضم فرعها إلى الأصل، ثم انشغاله بالحرب/ الحروب، مع معارضيه من صفوف شعبه، في كردستان العراقية إلى معارضيه في بغداد والبصرة وكركوك والسليمانية وصولاً إلى أصغر بلدة عراقية، جنوبية أو شمالية، شرقية أو غربية، بالرغم من إنه ‘’لا يوجد معارض عراقي واحد’’ كما تدعي نتائج فوز الرئيس المخلوع بنسبة مئة في المئة ‘’مشاركة وتصويتا’’ في الانتخابات والاستفتاءات ‘’الديمقراطية جداً’’، الأخيرة والسابقة حتى سقوطه المدوي. بالأمس، أعلن عن مقتل الإرهابي زعيم القاعدة في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي، ففرح جل العراقيين ومعهم العالم، لكنه في مقابل ذلك أحزن الكثيرين مقتله من أصحاب ثقافة الموت العشوائي والتطرف والتكفير، كما أحزنهم اعتقال صدام من تحت ‘’قاع القاع’’ الذي أظهرته الفضائيات، ما اعتبروه إهانة لـ ‘’الأمة العربية’’، فقط لأن هذه الفضائيات أخرجت ‘’سيف العرب’’ على حقيقته؛ أي، فقاعة وانفجرت ... واليوم، يحدث الشيء نفسه مع الإرهابي الأردني ذي المشروع الطائفي الفاضح والمتخصص في جز الرؤوس وتصويرها وبيعها على الفضائيات المعروفة بترويجها لثقافة الكراهية، وتدفع بذلك (الفضائية) أثماناً لهذه العصابات مقابل كلمة ‘’حصرياً’’ على شريط ضحاياه من الأبرياء التي يمثل بجثثهم، فأصبح قتل الناس مهنة تجارية تروّج لضعفاء النفوس.
ها هو يخرج إلينا أحد أصحاب الإرهابي الزرقاوي لينقل ‘’فجيعته’’ للناس بالقول: ‘’إذا كان حقا استشهد (لاحظوا كلمة استشهد) فقد تحققت امنيته وذلك شرف له’’. في بعقوبة، حيث تم قتل الزرقاوي، وعلى مقربة من مكان مقتله عثر خلال هذا الأسبوع على 17 رأس آدمي مقطوعة، في البدء 8 رؤوس في كرتونة، وقبل يومين 9 رؤوس في كرتونة ‘’موز’’ في منظر مقزز تفتخر جماعة الزرقاوي، أنها هي التي قطعتها بدم بارد، بينما أصحاب نظرية المؤامرة العرب، لازالوا يدافعون عن هذه العناصر التكفيرية ويصموهم بـ’’الأبطال’’ المجاهدين، وعندما يقتلونهم يصبحون شهداء ‘’عند ربهم يرزقون’’ وبالحوريات ‘’يتمتعون’’، تماماً كما اعتبر أحدهم بتفاخر مقتل 32 طفلاً عراقياً وأميركي واحد، من بطولات المقاومة العراقية: لأن هؤلاء الأطفال كانوا يتناولون حلوى من جندي أميركي، واعتبر ذلك عملاً بطولياً، مشدداً على أن كل ما يجري في العراق من فعل أبطال المقاومة، (جز رؤوس الرهائن ‘’الخونة’’ إلى الأعمال الانتحارية في المطاعم والفنادق والأسواق التي دنستها أقدام الأميركان والقوات المتعددة الجنسيات)، رجوعاً إلى الاسطوانة المشروخة في ‘’نظرية المؤامرة’’ المتلبس بها، بينما يناقض نفسه في محطات تستدعي من يستمع إليها أن ترتطم رأسه بالحيطة. كفانا ترويجاً لثقافة الموت والكراهية التي تخرج لنا صبح مساء من أيتام صدام والزرقاوي، فهؤلاء بنوا عشاً لهم في الفضائيات وثقافة الصراخ، وفي الصحافة أيضاً لشحن الحمقى، وهم كثيرون وسريعو التلقي لهذه الثقافة التي تجبرنا على اختيار بين ‘’بن لادن أو بوش’’ !!.
http://www.alwaqt.com/art.php?aid=2333

الكاتب هنا يوضح وجهة نظري تماما