والله يا أستاذ غرندايزر إني لأشعر بالأسف والأسى وأنا أقرأ هذا الكلام المتهافت الذي تعترض به على الأحاديث لتنال من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنك لتجري مجرى النصارى ومن حذا حذوهم في طريقة النقد ، طريقة سطحية ساذجة لا تريد أن تنظر إلى ما بعد أرنبة أنفها ، المهم هو الهدف ، والهدف هو واحد ، وهو ضرب السنة وضرب كل ما لا يوافق هواك ، فجعلت من هواك حكماً على الأحاديث .

وإن من أراد أن يجري على طريقتك الفاسدة هذه ، يمكنه أن يوجه الطعن للقرآن بنفس الأسلوب ، ولسوف ترى بإذن الله .


اعترضت سيادتك على قصة الجساسة ، ولا أدري ما وجه اعتراضك بالتحديد على الجساسة ، ولماذا لم يوافق حديثها هواك ؟
تقول ( وعلى هذا فإن المسيح الدجال ودابته الجساسة لايزالون على قيد الحياة منذ آلاف السنين وسيخرجون قبل قيام الساعة!) وتضع علامة تعجب ، وانا اقول لك ، وماذا في هذا ؟

هل عندك أن الله لا يقدر أن يخلق المسيح والجساسة ويبقيهما أحياء إلى يوم القيامة ؟

أم اعتراضك على وجود مخلوق بهذا الوصف ؟
إن كان كذلك فالقرآن تكلم عن مخلوقات غيبية كثيرة عجيبة ، كالجن والعفاريت وشجرة الزقوم التي طلعها كأنه رؤوس الشياطين وتنبت في أصل الجحيم ، فهل تريد الطعن في القرآن أيضاً ؟

وتقول (ولكن الآن جميع جزر الشام واليمن وغيرها اصبحت معروفة فأين الجساسة والمسيح الدجال؟) .

أقول :
وهل إذ انكشفت الجساسة لتميم الداري يعني أنها ستنكشف لكل الناس ؟

لعلها انشكفت لتميم لتكون مصداقاً لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ألأجل هذا الأمر ترد الحديث ؟
ألأن هواك لم يجد جواباً فتطير لترد حديث رسول الله برأيك ؟


وتقول ( ثم من خلق الجساسة، هذا الحيوان الغريب الناطق بالعربية الفصحى؟ هل خلقه الله خصيصا للدجال؟ أم ان الدجال المزعوم هو الذي خلق الجساسة لنفسه؟!) .

وهل إذا لم تعرف لما خلق الله هذه الدابة -الجساسة - فتذهب وتكذب الحديث ؟
يعني هل يجب أن يفصل الله الأمور على هواك لترضى وتؤمن ؟

سبحان الله ..


وتقول عن ابن صياد (ثم بعد ذلك يورد مسلم أحاديث تتحدث عن رسول الله (ص) والصحابة انهم يشكون في طفل يلعب مع الصبيان، اطلقوا عليه ابن الصياد، قالوا ان هذا الطفل هو الدجال! وفي حديث آخر قالوا ان الدجال لايدخل المدينة.) .

يقول الحافظ بن كثير:
قال بعض العلماء : كان بعض الصحابة يظن أن ابن الصياد هو الدجال الأكبر الموعود آخر الزمان وليس به وإنما هو دجال صغير قطعا لحديث فاطمة بنت قيس .
وقال البيهقي في خبر فاطمة إن الدجال الأكبر غير ابن الصياد ولكنه أحد الدجاجلة الكذابين الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجهم ، وقد خرج أكثرهم ، فكأن من جزموا بأنه ابن الصياد لم يسمعوا بقصة تميم ، وإلا فالجمع بينهما بعيد جدا فكيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم ويجتمع به صلى الله عليه وسلم ويسائله أن يكون بآخرها شيخا مسجونا في جزيرة من جزائر البحر موثقا بالحديد يستفهم في خبره صلى الله عليه وسلم هل خرج أم لا ، فالأولى أن يحمل على عدم الاطلاع .
وأما قول عمر فلعله كان قبل سماعه قصة تميم فلما سمعها لم يعد لحلفه المذكور وأما جابر فشهد حلفه عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستصحب ما كان اطلع عليه عمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى ( عون المعبود ).


وتقول (حقيقة لا أدري على أي جزيرة سترسي سفينة من يصدق هذه القصص! )

ونقول لك ما أدراك أن هذه الجساسة ليست الدابة التي ذكرها الله في القرآن (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) سورة النمل 82 .
فكيف تُكذِّب وتنكر لمجرد هواك لا غير ؟

وكيف ترد على من يطعن في قصص القرآن من قصة سليمان والنملة والجن والسماء التي تمطر حجارة وناقة صالح التي تخرج من الصخرة والطير الأبابيل وغيرها ويقول لك نفس قولك (حقيقة لا أدري على أي جزيرة سترسي سفينة من يصدق هذه القصص! ) ؟
بمَ ستجيب ؟
ليس هناك أضعف من حجة تعود على صاحبها .

أما كلامك عن حديث (‏ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده) فغن الجواب تجده في الرابط الذي أرفقته .

وقولك (هل من أحد يصدق ما ورد في هذا الحديث؟)
أقول نعم إن أهل السنة والجماعة يصدقون هذا الحديث ولا يكذبون بآرائهم لمجرد الهوى ، نعوذ بالله من الهوى .

تقول ( شخص واحد يروي نفس الحديث بخمسة ألفاظ مختلفة!) .

أقول : كم تحاول أن تنال من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكأنك لن تقبل بأمر الله إلا أن يكون مفصلاً على هواك ..


أولاً : إختلاف الألفاظ قد يكون بتعدد الواقعة نفسها وحصولها أكثر من مرة ، وقد يختصر الصحابي أو الراوي عنه القصة أحيانا ويبسطها حيناً آخر ، وغير ذلك ، فليس في هذا ما يقدح البتة إلا من غلبه هواه للطعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

ثانياً : هذا الكلام والطعن الذي تسوقه والطريقة الفاسدة الباطلة التي تمشي عليها توصلك إلى أن تطعن في القرآن نفسه ، إذ أن القرآن الكريم يسوق القصة الواحدة في أكثر من موضع بألفاظ مختلفة وأساليب متنوعة ، فلو أن هذا يبطل عندك صحة الحديث فالواجب أن يبطل قصص القرآن على قاعدتك الفاسدة ، ونحن نعوذ بالله من هذه الظنون والأوهام التي تراودك ، فإننا مؤمنون بكلام ربنا وما صح عن نبينا عليه أفصل الصلاة وأتمّ التسليم ، ولا نكذب بأهوائنا وآرائنا ، ولكن حرصك على الطعن في السنة أوصلك إلى الطعن في القرآن وأنت لا تدري .

يتبع بإذن الله ..