أخي كايند بارك الله فيك ، ملاحظتك صحيحة ، وهذا هو حال من يطعن لمجرد الطعن ، فلو كان هدفه الحق وعدم التعصب لرأيه لناقش بموضوعية ورد على ردود الإخوة الأفاضل .


تابع الرد :

وتقول في عنوانك العريض (عبدالله بن عمر يشك في صحة كلام منسوب لرسول الله!)

ثم قلت : ( ابن عمر يقول "يزعمون"، لأنه لم يتأكد من صحة المعلومة عن رسول الله، مع انه سمعها من أناس في المدينة (أكثر من واحد)، عاصروا رسول الله (ص). فلماذا يستوجب علينا ان نصدق كل ما قيل عن رسول الله؟ ) .

وأقول جواباً على اعتراضك الباطل :
هذه الرواية وردت بطرق أخرى توضح ما استشكل عليك ، ففي البخاري (قال عبد الله وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم ) .

وفي أخرى عند مسلم (وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وَأُخْبِرْتُ أنه قال ويهل أهل اليمن من يلملم ) .

وفي أخرى عنده (قال ابن عمر رضي الله عنهما وَذُكِرَ لي ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم ) .

فهذه الطرق توضح المقصود من قوله ( يزعمون ) ، فهو يؤكد أنها من رسول الله ويثبت أن النبي عليه السلام قالها ، ولكنه يقول إنه لم يفهمها فقط ، وليس كما تتقوّل عليه سيادتك ما لم يقل وتزعم أنه يشك بها .



وتقول في عنوانك العريض (رسول الله اتخذ ختما لتوثيق رسائله)

وطبعاً لأن همّك الطعن فأنت لست مكلفاً بالبحث وتدقيق النظر لأن المهم فقط أن تجد ما تطعن به ، وكأن لسان حالك يدعو ويبتهل أن لا نجد جواباً لاعتراضك .

أقول : لو أنك تتبعت الروايات لعلمت أن المكاتبة كانت إلى الروم ، والروم من شرطهم أنهم لا يقرؤون الكتب ( أي الرسائل ) إلا مختومة ، فهذا شرط الروم وليس شرط النبي صلى الله عليه وسلم .

أما لو دققت النظر أكثر لوجدت أن الحديث حجة عليك وليس لك ، إذ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بادئ الأمر اعتمد إرساله لهم دون ختم ، وهذا يدل بشكل قاطع أنه يرى إرسال الرسالة دون ختم .

أما الجزء الأخير من كلامك عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه وبعنوانك العريض (أبوهريرة يحدث بأحاديث عن رسول الله ولم يسمعها مباشرة منه، وإنما سمعها من غيره ‏) .

أما الرواية الأولى التي أتيتَ بها وهي :
( وقال مسلم بن الحجاج‏:‏ حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا مروان الدمشقي، عن الليث بن سعد، حدثني بكير بن الأشج‏.‏
قال‏:‏ قال لنا بشر بن سعيد‏:‏ اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب الأحبار، ثم يقوم فأسمع بعض ما كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب، وحديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
وفي رواية‏:‏ يجعل ما قاله كعب عن رسول الله، وما قاله رسول الله عن كعب، فاتقوا الله وتحفظوا في الحديث‏) .‏

فيبدو أنك ظننت أن أبا هريرة هو من يجعل حديث كعب عن رسول الله ، وما قاله رسول الله عن كعب ، إن كان هذا ما تعتقده فإنك مغالط نفسك تماماً ، فليس أبو هريرة من يفعل ذلك بل بعض من سمع منه ، وانظر قول بشر بن سعيد (ثم يقوم فأسمع بعض ما كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب، وحديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، أي أن أبا هريرة قام وغادر المجلس ، ثم بعض من بقي فيه فعل ذلك وأساء الحفظ..

قال العلامة المعلمي راداً على أبي رية عدو السنة والصحابة في طرحه هذه الشبهة :
(( إنما يقع مثل هذا ممن يحضر المجلس من ضعفاء الضبط و من لا عناية له بالعلم، ومثل هؤلاء لا يوثقهم الأئمة ولا يحتجون بأخبارهم ولابد أن ينتبهوا لغلطهم وعلى كل حال فلا ذنب لأبي هريرة في هذا، ولم يزل أهل العلم يذكر أحدهم في مجلسه شيئاً من الحديث، ويذكر معه مفصولاً عنه ماهو من كلام بعض أهل العلم أو غيرهم وماهو من كلام نفسه، والحكاية نفسها تدل على أن أبا هريرة كان يبين، وإنما يقع الغلط لبعض الحاضرين )) الأنوار الكاشفة.


أما اعتراضك (( وقال يزيد بن هارون سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلس، أي يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله ولا يميز هذا من هذا، ذكره ابن عساكر )) .

قال العلامة المعلمي في الأنوار الكاشفة (( هذه عبارة ابن كثير في البداية، ساق كلمة بسر المتقدمة ووصلها بهذه الحكاية، وهي حكاية شاذة لا أدري كيف سندها إلى يزيد )) .

قلت ( العميد) :
أخرجها الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق الحسن بن عثمان التستري نا سلمة بن حبيب قال سمعت يزيد بن هارون قال سمعت شعبة يقول أبو هريرة كان يدلس .
وكذلك ابن عدي في الكامل قال أخبرنا الحسن بن عثمان التستري، أخبرنا سلمة بن شبيب، قال: سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلس .

والطريقان فيهما الحسن بن عثمان التستري وهو كذاب ، قال الذهبي عنه في الميزان : (( كذبه ابن عدى )) .
وقال الحافظ ابن حجر في اللسان : (( قال ابن عدي: الحسن بن عثمان بن زيد بن أبي حكيم كان عندي يضع الحديث ويسرق حديث الناس وسألت عنه عبدان الأهوازي فقال: كذاب وقال أبو علي النيسابوري: هذا كذاب يسرق الحديث. قلت: وحدث عنه عمر البصري وعبد الباقي بن قانع وغيرهما وقال الدارقطني: بعد أن ساق له في غرائب مالك حديثاً: هذا الإسناد لا يصح عن مالك والحمل فيه على الحسن بن عثمان والباقون ثقات وقال في " العلل " : الحسن بن عثمان التستري كان ضعيفاً )) .. انتهى.
وانظر الكامل لابن عدي ، فلقد بسط الكلام حوله .

فهذه الرواية عن شعبة باطلة لا تصح ، وإن صحت فليس فيها طعن ، فإن المقصود بالتدليس هنا هو الإرسال ، ومرسل الصحابة صحيح بالاتفاق ، لأنهم لا يرسلون إلا عن صاحب أكبر منهم وهم بالاتفاق عدول رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم .