جميل يا نيوترال رغم التحامل،

ابتداء، لنزع فتيل التحامل، نذكر بموقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من علماء مملكة الظلام، حيث قال في الحديث الصحيح:
"إذا رأيتم العلماء على أبواب الأمراء فبئس العلماء و بئس الأمراء"
والحال في السعودية وغيرها أن هناك أصحاب حرف دينية، محترفون يبيعون دينهم بدنيا غيرهم، تضج النار وأهل النار يوم القيامة من عذابهم، ليس لهم خلاق ولا احترام، وما يحملون من علم هو حجة عليهم في الدارين.

نعود للاتحاد السوفيتي،
نهضت روسيا بناء على منظومة الأفكار الشيوعية التي وجدت قبولا في المجتمع حمل على ظهره الدولة ودافع عنها دفاع المستميت ضد القورة المضادة البيضاء والحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى.
طبعا لا يعنى هذا أن الفكرة الأساسية التي بنيت عليها الدولة صحيحة، ولا يعني أنها خاطئة، بل يعني أن الأمم تركب الصعاب للدفاع عما تؤمن به ولو لم يعدها بشيء.
ما حدث عزيزي نيوترال، أن ستالين قرر أن يتخذ الشيوعية رابطة امبراطورية لتبرر بلعه لدول أوربا الشرقية بعيد الحرب العالمية الثانية، مخالفا بذلك الماركسية اللينينية القاضية بالإثارة التناقضات في المجتمعات المجاورة مسرعة بذلك صيرورتها الحتمية إلى الرأسمالية فالاشتراكية فالشيوعية. ومرقعا لشيوعيته من طرق وأفكار العدو الرأسمالي الغربي الذي مص دم العالم بحجة تمدينه.
هذا جعل روسيا السوفيتية تتحول تدريجيا من دولة شيوعية في السياسة الخارجية، إلى عملاق نظير للمعسكر الغربي، له امبراطورية شرقية خاصة به، لا يمانع في اجتماع قائده خروتشوف مع قائد المعسكر الغربي كينيدي لاقتسام العالم النفوذ بينهما.
نظرا لبدء الترقيع على الشيوعية بما يخالف افكارها الأساسية، بدأ روسيا تنحدر بعد ذلك ببطء، ولم يكن المسلمون بسبب رئيس في هدمها وإن عملوا في ذلك مستغلين من قبل الغير.
هذا الانحدار قد تم الاحساس به بعد الورطة الأفغانية، والتي لم تكن أبدا كمستنقع فيتنام.
فيتنام هي حرب تدريبية للجيش الأمريكي ظهر فيها أن من يقاتلهم الأمريكان بالوكالة هو المعسكر الشرقي الصيني، بينما أفغانستان فكانت البعوضة التي تدمي مقلة الأسد.

حين شعرت روسيا بأن الفكرة الشيوعية باتت عبئا عليها، وحين شعرت كأمة عظيمة أنها على وشك الغرق، لجأ ربانها الماهر غورباتشوف ووسطه السياسي إلى لعبة تخفيف الثقل.
فكان أن نزعت روسيا جلدها، وألقت خارجا كل الزط والحراثين الذين استعبدتهم قرونا، وعكفت على إصلاح داخلها، على أنها ربطت تلك العبيد معها باتفاقية الدول المستقلة، والتي قدرت روسيا أنها قد تحتاجها حين تعود للنمو بعد البناء الداخلي.

لم ينهر الاتحاد السوفيتي بمعنى الكلمة يا نيوترال، ما انهار هو الشيوعية لأنها أثبتت بالتجربة العملية فشلها الذريع، أما الاتحاد السوفيتي فهو ببساطة يمر بمرحلة إعادة بناء على أسس فكرية وسياسية مختلفة.

سبب وفاته ليس فقهاء مملكة الظلام، هؤلاء نجحوا في الحيلولة دون نهضة الأمة، كأي كتبة وفريسين. هم لا يريدون للأمة أن تطبق الإسلام ولا غيره، يريدونها فقط أن تسبح بحمد الحاكم وتشكر له، ولو هتك عرضها ونال منها القبيح.
فقهاء مملكة الظلام وسائر علماء السلاطين هم مرض نعاني منه نحن، ولا ينجح ولن ينجح في زحزحة الدول العظمى عن مكانها.
ما يقوم بهذا هو أمر عظيم يعارض مفصليا الأسس التي تقوم عليها الدول العظمى.