اقتباس: maryam كتب/كتبت
وسأضع أصبعي في عين من يفكر بالقول لي لحظة واحدة إن صدام تسبب بغزو العراق لأنه كان ديكتاتورآ .
دعيك من هذه العنترية ، ومحاسبة الناس على نواياهم ، والتلويح بإصبعك - فأنت لا تملكين سوى كيبورد تنقرين عليه باصبعك ، مثلي أنا ، هذا اقصى شئ - ! .. فلم يقل احد إن أمريكا قد غزت العراق لأن صدام حسين ديكتاتور ؟! .. هذه الفرضية التي تسيطر على ذهنك ، ودافع عنها - معك - غيرنا ، وتريدين ان تحاسبي الجميع عليها ، في حين انه لم يقلها احد هنا ؟! ..
ما أحب ان الفت نظرك له ، أنك تريدين إن تبرئ الأنظمة الديكتاتورية العميلة - من عينة صدام - من أي مسئولية ولو حتى أخلاقية فيما يحدث الآن ! ، قد افهم حنقك وكرهك للأمريكان ، كما أنا ، وكما هو حال كل واحد يرى !، لكن هذا لا يغفل إن هذه الأنظمة الديكتاتورية العبثية - القائمة على رؤوسنا - لا تتحمل أي مسئولية أخلاقية فيما يحدث الآن ! ، يجتمع في ذلك صدام وأنظمة الخليج ، التي تشنعي عليها بدون ان تنظري لاي عيب في صدام !، وما كانت تفعله عائلة صدام في العراق ! ، فكلهم سواء لم يبنوا أوطانا لأبناء هذه الأوطان ، لكي يدافع عنها - أهلها - لا يشعرون بالكره لها ، أو تغليب أي مصلحة ضيقة لأي فئة !... إن الدفاع عن أخطاء هذه الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة – مثل نظام صدام أو حتى أنظمة الخليج - ، وعدم تحميلها أي مسئولية - ولو أخلاقية - فيما يجري في أوطاننا يعيد تشكيل ألف صدام جديد ، لأنه لا احد يموت وينتهي ويسقط ! ، فهناك من سوف يأتي يطبل له !، ولإسوأ من صدام – إن كان يوجد أسوأ !- ، يمكن إن نقف مع المقاومة والعراق ، ولكننا يمكن - في نفس الوقت - أيضا إن نكفر بصدام ، وكل ديكتاتور مثل صدام ، فهو ليس إلها ، وليس نبي ، أو قديس ! ، يمكن إن نقف مع أوطاننا ، وشعوبنا ، ومصالحنا ، بدون إعادة ترميم أصنامنا ! .
ثم ... أذا كانت القضية هي إعلان مواقف ، وتسجيل عواطف وانفعالات ، ومزايدات ، فأنا عاطفيا ، أقف مع حزب الله بكل كياني ! ، ليس فقط لأنه صمد في وجه إسرائيل! ، بل لأنه حطم أسطورة الجيش الصهيوني ، وقلبي وجوارحي مع كل رمية رصاص يطلقها مقاتلية ضد الكيان الصهيوني المغتصب ! ...
لكن هل هذا يكفي ؟! ..
لا لا يكفي ، لأن وقوفنا مع حزب الله وقوف عاطفي فقط ، ولا يخرج عن ذلك ، ما الذي يُخرجنا منه؟! .. يخرجنا بان يُطمئن حزب الله بقية العرب الشرفاء المشككين في دوافعه وأهدافه ، فهو يحتاج إن يبني معهم جسورا تقول لهم إن يحسنوا الظن به ، وانه ليس تابعا لمشروع إيراني في المنطقة ، بل هو تابع وينطلق من معاناة هذه المنطقة ! ، هذه الضبابية ليست مسؤوليتنا نحن ! ، هي مسئولية الحزب ، الذي أختار هذا التوقيت ، و يجب ان يثبت انه لم يدخل في حرب من اجل أجندة غير عربية ! .
أما عن كون الحزب يلتقي مع المقاومة العراقية في محاربة ذيل الأفعى الأمريكية ، فأذكرك إن الحزب – نفسه - يدعم ـ أو على الاقل - ساكت عن ( ذات ) الأفعى وذيلها في العراق ، هذه ليست نقطة التقاء يمكن الالتقاء عليها ، فالعداء بينهما لا يلغيه هذا الالتقاء الوقتي ! .. فدعينا ننتظر ، ولا نتسرع في إطلاق عواطفنا في قضية لم تتضح بعد ، على إن هذا الانتظار لا يعني إن المنتظرين يقفون في صف إسرائيل ! ..
ثم ... أنا لا أحدثك عن تعاون أفراد مع الاحتلال ، بل على تعاون مجموعات ، وطوائف !، الفرد العميل الشاذ يبقى شاذ ، ولو وُجد في كل مكان وزمان ! ، ففي فلسطين عملاء يتعاونون مع الاحتلال ، من انكر؟! ، وفي لبنان ، وحتى الآن في هذه الظروف التي يعيشها البلد ، يمكن إن يوجد عملاء ( أفراد ) يتعاونون مع الاحتلال ، أنا لا أتحدث عن هؤلاء ، أنا أشير لمجموعات وطوائف وليس أفراد ! ..
حديثك وإشارتك عن الدروز وجيش لبنان الجنوبي ، هو يدل انك أنت التي لا تريدي ان تري ! ، فالدروز في فلسطين تم ترويضهم وغسل أدمغتهم من قبل الاحتلال الصهيوني لفلسطين طوال عقود متتالية بعد الاحتلال !.... وكذلك الوضع لدى جيش لبنان الجنوبي !، فهذا جُند من قبل الصهاينة إثناء الحرب الأهلية اللبنانية ، في حين انه عاجز الآن - أي العدو الصهيوني - عن تجنيد مجموعة كاملة تحت أمرته ، ففي أثناء الحرب اللبنانية ، لا يخفاك ، إن لبنان (الوطن) كله مستباح ! ، وهذا الجيش أراد تحقيق مصالح لطائفته عندما كانت الطوائف اللبنانية مجتمعة تتصارع فيما بينها ! ، لكن عندما اتفقت - فيما بعد - هذه الطوائف على أهداف واضحة ومشتركة ، واهم الأهداف المتفق عليها : إن إسرائيل عدو !، أريني ودليني : أين تلك هي المجموعة الأثينية التي تتعامل مع إسرائيل على حساب لبنان ، الان ؟! ..
اما الوضع في العراق يختلف ، فالاحتلال ، وقبل إن يبدأ ، وجد من يرحب به !، ووجد من يريد إن يتخذه سلما لتحقيق مصالح ذاتية تخص طائفته ، ووجد له موطن قدم ! .. فلأول مرة نرى احتلالا - وفي العصر الحديث - يُسقط الحصون المتتالية للنظام الذي يحكم البلد طوال 35 عام ، ويجد من يروج له ويرحب به !، ذلك كان من طائفة واحدة بالدرجة الأولى ، ليس لأنهم (((خونة )))بل لأنهم لم يكونوا يشعرون بقيمتهم كمواطنين في بلدهم طوال 35 عاما !، هذه الخمس والثلاثين عام التي لا يمكن إن تلغي تأثيرها في الوضع القائم ، وفي مصير العراق الأسود ، وتبرئة نظام الحكم فيه ، وإعادة تأهليه من جديد لمجرد انه سقط بيد أمريكا ، او لمجرد ان امريكا استهدفت العراق الوطن ايا كان حاكمه ! بل هو سقط لأنه فشل طوال 35 عاما في بناء وطن للجميع ، يحس فيه الجميع بقيمة انتمائهم اليه .