اسمح لي أن أتحدث معك في نقطتين ياروميو ( إن لم تكن لسه زعلان مني ) ..

النقطة الأولى :

ان لازم نعرف راسنا من رجلينا , هل تريدون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي بجديد فعلا ويكون ذلك حينها من مؤشرات نبوته , أم تريدونه يسير على خطى الكتاب المقدس ويكون ذلك من علامات صحة نبوته ايضا ؟

أم أن الامر لا هذا ولا هذا ؟ فلو لم يأت بجديد لقلتم لافائدة من اتباعه

ولو جاء بجديد قلتم هذا خلاف ماأتى به المسيح !

نحن أيضا يمكننا أن نطبق نفس المعايير على المسيح وعلى أي نبي لنبطل بها نبوته وكاأسهل ذلك !

ولكن هذا ليس من مصلحة من يعتقده لأنه يقود نفسه الى ( بحيرة الكبريت ) شاء أم أبى .


النقطة الثانية :


مسألة الشورى في الاسلام تختلف عن الديمقراطية - وهذه نقطة أثيرها كسلفي له رؤيته المباشرة لنصوص الكتاب والسنة ...

مبدأ الشورى في الاسلام يختلف عن مبدأ الديمقراطية في عدة أمور أذكر منها هنا مايحضرني منها :

1- أولا أن الحكم فيها لله لا للشعب . وهذا يختلف عن الحكم الثيوقراطي الذي كان يعتبر الدولة تحت رحمة ( رجل الدين ) فليس في الاسلام ( رجل دين ) وانما هناك ( عالم دين ) ليست له وظيفة الا ( استخراج الحكم من النص ) وليس له حتى ولو كان أبو بكر الصديق أو عمر بن الخطاب أن يغير حرفا واحدا من النص الموحى به .

ومن هنا فالشورى في الاسلام مقيدة باطار الشريعة ..

فمثلا لو قام رجل في البرلمان ودعا إلى الشذوذ الجنسي أو إلى إباحة بيع الخمور ونشر الحانات والمواخير في بلاد الاسلام : هل يهمس بقية الأعضاء بينهم في مناقشة هذا الهراء ؟

هذا يمكن في الديمقراطية لكن في الشورى : لا .


2 - الشورى ليس فيها شيء يسمى انتخابات و ( رشوة ) للوصول الى الحكم والحصول على سيارة فخمة من دم الشعب , واكتساب حصانة لايسئل عما يفعل وهم يسألون !

وانما لايستشار إلا من يختاره أهل الحل والعقد ويرون فيه أهلا لأن يستشار . وأما من لهث جريا وراء هذا المنصب جري الكلاب فليس له أن يناله , لقوله صلى الله عليه وسلم :

إنكم ستحرصون على الإمارة وإنها ستكون ندامة وحسرة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة . ‌

وقوله مامعناه : إنا لانولي هذا الأمر أحدا سعى إليه .


3- الشورى لها أهلها وهم أهل الحل والعقد وأهل العلم والفقه والنظر والبصيرة , وليس الفلاحون والبسطاء والجهلة إذا ( رشّوا ) قرشين في الانتخابات لينالوا منصب ( عضو مجلس الشعب ) ويتكبروا به على الناس , وهم في نفس الأمر لايقدمون ولا يؤخرون شيئا تحت قبة البرلمان ........ وتخرب مالطة على رؤوس الناس بسبب وضع هؤلاء في غير مكانهم ..

ولعل المصريين اللي معانا يعلمون جيدا كلمة فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ( موافقة ) المصحوبة بهز رأس أعضاء المجلس كلهم تقريبا هكذا ( :yes: ) على كل موضوع يحتاج الى شورى . ولايقولون لا أبدا ! سبحان الله لدرجة إن فتحي سرور كان في أواخر أيامه يقول موافقة من غير ماينظر كم يد اترفعت ولا كم راس اتهزّت .

عشان كده جمال عبد الناصر كان عامل خطة جهنمية نال بها حب الجماهير حتى الان وهو في الحقيقة كان سايقهم سوق النعاج بها , وهي:
إنه كان مخلي الدستور ينص على أن معظم مقاعد البرلمان تتشكل من العمال والفلاحين والبسطاء .

طبعا مفيش أحسن من كده ! بعد الاقصاء والذل بتاع الملك فاروق ..

ولكن في الحقيقة إن هذه الخطة كانت متسقة مع طبيعة الحكم الاشتراكي الناصري , حكم ( الفرد الواحد ) الذي لايريد أصوات أخرى تعارضه , وكانت هذه الاغلبية من البسطاء تتيح له راحة أكثر لممارسة هذا النوع من الطغيان .

ولازلت مصر تعاني من هذا الى الان .

بل وهذا هو الساري في العالم أجمع , حتى نتخاب الرئيس في دولة مثل أمريكا متوقف على ولاؤه للصهيونية , ثم على مامعه من فلوس يرشي بها الناخبين ويعمل بها دعاية وشوية كاريزما تسبغها على وجهه الصبوح .

بغض النظر بقى ماهي مقوماته وماهي مقومات المنافس .. هذه هي لغة الدولار
هو اللي بيحكم في الاخر مش الديمقراطية ..

أهذه هي الديمقراطية التي يتغنون بها ؟

الشورى في الاسلام لغت هذه الفوضى والنفعية منذ البداية , فلم تسمح لشخص أن ينال شرف الانتساب لأهل الشورى إذا سعى اليه بترشيح نفسه , وإنما الحرى بمثل هذا أن يفقد هذا المنصب تماما ..

وانما يناله من يراه غيره أنه أهل له ..

وهذا هو المعيار الوحيد لاستقامة أحوال البلاد وانقاذها من الرشوة والمحسوبية و( الكروش ) المفتوحة على مصراعيها ..

هذا مايحضرني الان من الفروق بين الشورى والديمقراطية الرتيبة التي كانت موجودة قبل الاسلام ولا زالت .