بعد وقف اطلاق النار رسميا بدأت مرحلة جديدة,
حسب العربية بدأها حزب الله بأنه حقق انتصار استراتيجي و مؤكدا علي ان لبنان لا يستطيع التصدي لاسرائيل بدونه و انه لا داعي للحديث عن نزع سلاحه علنا و قال الامين العام ان الحزب سوف يساهم في الاعمار الثاني و سوف يدفع تعويض للاسر المهجرة بما يمكنها من ايجاد مسكن لمدة عام.
في الوقت الذي تستعد فيه لبنان لاستقبال المزيد من قوات الامم المتحدة و نشر جيشها في الجنوب و حديث عن نزع سلاح حزب الله (للدرجة التي يطلب فيها امين عام الحزب عدم جعل تفاصيلة علنية), يتم الكلام عن نصر استراتيجي!
اما الاعمار و التعويضات فهي علي الرغم من كونها لفته كريمة ممن تسبب في هذه الحرب لكن السؤال من اين لك هذا؟
هل يملك حزب الله مناجم ذهب أو آبار بترول؟, هل لدي حزب الله مصانع سرية؟
اما سلاح حزب الله فهو الخطوة القادمة.
البعض لا يزال في طور الصدمة مصمم علي ان هناك نصرا تحقق لكن الواقع هو ما سيتعامل معه الجميع, فليدعي من يدعي النصر, لكن دعونا نتعامل مع النتائج.
بصدور قرار الامم المتحدة و دخول قرار وقف النار حيز التنفيذ اصبح لزاما الحديث عن المستقبل و ليس الماضي
الآن و بعيدا عن المثالية و بعيدا عن الشعارات, اعتقد ان علي الدول العربية و سوريا التحرك للخروج من هذا المستنقع
- في الشهر الماضي كانت اسرائيل مشتبكة علي جبهتين "غزة و لبنان" و مع ذلك ظلت سوريا ساكنة ادراكا منها للتوازنات القائمة, لم تتدخل سوريا
و اصبح السؤال : لو ان سوريا تملك القدرة علي خوض حرب ضد اسرائيل, فهل سوف تلوح في المستقبل فرصة افضل من هذه حرب؟
- حزب الله كحزب عسكري مؤيد لسوريا و له دور في معادلة التوازن مع اسرائيل يتحول الآن إلي ورقة محروقة
- الرهان علي ايران خيار سئ, ليس لان إيران تبحث عن مصالحها في الاساس, لكن لان هناك حدود لامكانيات ايران ايضا, إيران لن تدخل حربا في سبيل سوريا.
- علي الرغم من وجود حماس علي الارض السورية لكن حماس هي الاخري تعاني حالة "توهان" مذمن و يكفي النظر للاوضاع الفلسطينية حتي ندرك حجم ازمتها
- بخروج حزب الله من المعادلة و انشغال ايران بملفها النووي مع الاتحاد الاوربي و امريكا تصبح سوريا في العراء, و لا تملك اي اوراق للتفاوض مع امريكا و اسرائيل, و في نفس الوقت لا تملك امكانية المواجهه العسكرية!!!
- تمثل هذه اللحظة ربما الفرصة الاخيرة لسوريا, فلبنان المدمر الموضوع في بؤرة اهتمام المجتمع الدولي يحتاج لمن يساعده في نزع سلاح حزب الله,
- علي العرب (مصر و السعودية في الاساس) ان يدعموا سوريا مع توصيل رسالة إلي امريكا مفادها اننا امام فرصة قد لا تتكرر للخروج من عنق الزجاجة و الوصول لمنطقة شرق اوسط مستقر, سوريا بما تملكة من تأثير علي حزب الله تستطيع المساعده في نزع سلاحه, كما سوف تكون الحلقة الاخيرة في اقناع حماس بتبني خيار السلام و المفاوضات مع اسرائيل, في المقابل فلمطلوب طرح متوازن كحل نهائي نهائي للمشكلة العربية – الاسرائيلية.
- بالتأكيد سوف يكون هناك تنازلات و لكن يجب الاخذ في الاعتبار رغبة امريكا في انتزاع سوريا من الحضن الايراني و تأمين حدودها الغربية في العراق و إحلال الاستقرار في لبنان و إدخال حماس إلي دائرة الحل السلمي و هو ما قد يحسن شروط التفاوض للطرف السوري – الفلسطيني.
- ربما سوف يقول البعض انها صفقة دنيئة حقيرة (إلي اخر التعبيرات المعتادة) و لكن المنطقة بالفعل في ورطة, الاوضاع في فلسطين وصلت إلي طريق مسدود و لبنان تحت الحماية الدولية و سوريا تفقد اوراقها تباعا.
- إذا لم يجد النظام السوري الحالي مخرجا من هذا المأزق فسوف يكون هو الهدف القادم و المعارضة السورية في الخارج علي اهبة الاستعداد. المعارضة السورية في الخارج خفت صوتها بسبب الحرب في لبنان و لكن بعد ان ينفض غبار المعركة سوف تعود للحركة من جديد و لا يمكن انكار ان امريكا تستخدم هذه المعارضة كورقة ضغط علي سوريا, و سواء جاءت هذه المعارضة إلي السلطة علي الدبابة او علي اسنة الخيل او حملت علي اجنحة الملائكة فهناك فواتير النقل التي يجب ان تسدد لامريكا بالتأكيد.
- قد يبدوا هذا الكلام خيالي يتناسي طبيعة اسرائيل المتعالية او النظام السوري المتكلس و لكن الرهان علي ان تكون اسرائيل قد ارهقت من الحرب المستمرة منذ 1948 و ان يعي النظام السوري ان الخيارات اصبحت محدودة جدا (إن وجدت) و ان اهونها مر.

ربما يكون ما اقوله مرفوضا للكثيرين لكنه يظل طرحا بعيدا عن الشعارات الي لم تسير بنا خطوة واحده للأمام.