{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الديمقراطية وعوائقها في العالم العربي
الكندي غير متصل
ليس التلاسن مع الرعاع فكر ولا حرية
*****

المشاركات: 1,739
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #5
الديمقراطية وعوائقها في العالم العربي
الخلق الديمقراطي، تعريفا، هو خلق تعدّدي يتقبل الآخر، آراءه، وحقوقه، ولو كان ذلك على حساب الإرادة والإحتياجات الشخصية. علي ذلك، فإن انعدام الديمقراطية في الوطن العربي يعكس، بشكل أو بآخر، انعدام التسامح والتفهّم الديمقراطي وتفشّي التطرّف على صعيد الفرد العربي ذاته وبذلك في القاعدة الشعبية للمجتمع.

تمثّل ظاهرة منتديات الحوار أقرب نماذج الممارسة الديمقراطية الفعلية في الشارع العربي من خلال فسحة حرية الفكر والكلمة التي تمنحها طبيعة الشبكة. من خلال مراقبة عدد من أنماط التطرّف التي يشارك فيها الشارع العربي أنظمته المتسلطة، يمكن جدولة بعض هذه المعوقات السلوكية المشتركة كما يلي:

1. إغتيال الفكر:

قد تجسّد ظاهرة إغتيال الفكر التي يمارسها الفرد العربيّ وأنظمته المتسلّطة على حدّ السّواء أهمّ مظاهر التطرّف ومعوقات التحوّل نحو التعددية الديمقراطيّة في المجتمعات العربيّة. هذه الظاهرة تتجلّي بداية في محاولات نهي أصحاب الأفكار المخالفة عن أفكارهم أو عن نشرها من خلال الضغوطات الشخصية التي يمارسها الأقارب والأصدقاء بشكل نصائح وعتاب وتأنيب وتقريع قد تتطور الى نبذ وإبعاد. وقد تصاحب هذه المحاولات الشخصيّة الأوليّة محاولات لمنع تمكّن المفكّر من النشر وذلك من خلال الحول دونه والوسائل، أو ممارسة الرقابة على الأعمال الفكرية أو حظرها أو حذفها أومنع وصولها الى الجمهور.

ومن مظاهر الميل الى اغتيال الفكر المعارض هو اللجوء الى مهاجمة أشخاص الغرماء بدل نقد ومعالجة الأفكار والمعضلات المطروحة. التهجم على الأشخاص هذا يأخذ صورا متعددة منها التشكيك بنوايا أصحاب الكلمة ومحفزاتهم، و التعرّض لمؤهلاتهم أو قيمهم الأفتراضية أو حتى صحتهم النفسية والعقلية بهدف عكس الإنتباه عن الأفكار وتهميشها. وقد تتطوّر محاولة تهميش الفكر المعارض، في الحالات الأكثر تطرّفا، الى العنف اللغوي كالشتائم والتشهر والتهديد، وقد يتطوّر، في أكثر الحالات تطرّفا، الى المضايقات الشخصية والملاحقات القانونية وقطع سبل العيش والسجن والعنف والتصفية الجسدية.

2. الخطاب الفارغ:

يشارك الفرد العربي أنظمته المتسلطة، أيضا، الميل نحو استخدام الخطابات الفارغة لمخاطبة المشاعر كوسيلة لسدّ فراغ سوء التأدية وتفادي المسؤولية. الخطاب الفارغ، بحد ذاته، ليس معوقا من معوقات الديمقراطية الا حيث يتمّ توظيفته لتعطيل عقل الفرد وإعماءه عن حقائق الظروف. فالخطاب الفارغ يعتمد عادة التعميمات العارمة التي تختزل الواقع وأطيافه في نموذج أو نماذج نمطية محدودة لا يمكن أن ترسم صورة مفيدة عن تشكّلات الواقع. والخطاب الفارغ يعتمد معلومات مطروحة خارج سياقها أو عصرها، أو مفردات مبهمة غير محددة، أو افتراضات ثقيلة اللغة تسبغ عليها حلـّة الحقائق بدون أية إثباتات صخرية خدمة لاستنتاجات مسبقة لا يمليها الواقع أو أية قراءة منهجية له.

ومن أكثر الخطابات الفارغة توظيفا للشعور العربي أو الإسلامي هو الخطاب التاريخي الذي يستعيد أمجاد الماضي أو مآسيه لاستنباط حلول أو استنتاجات لا يمكن أن تمتّ بصلة للقضايا المعاصرة بسبب الإختلاف الكلّي في السياق والمعطيات بين الحدث التاريخي والوضع القائم. هذا النوع من الخطاب شائع جدا ويلازم ليس فقط الخطاب الديني أو الأصولي، بل أيضا الخطاب الطائفي، والخطاب الثوري وحتى خطاب الليبراليون الجدد الذي يروجون للعودة الى قوميات ما قبل الإسلام الأثرية.

وقد تبرر بعض الكوادر القومية أو الثورية استخدام الخطاب الحماسي بحجة أن التوجه القومي أو الثوري هو عملية حقن تفرض الحاجة الى الإنفجار. لكن العمل النهضوي هو أبعد من أن يكون عملية حقن. فالحقن وإثارة الحماس والهمم والغرائز لا تطلق نهضة ولا تبني مجتمعات، خصوصا بالنسبة لمن وضع نصب عينيه مسؤولية وهدف تأسيس نهضة وبناء مجتمع.

3. الإزدواجية الأخلاقية و تعدد المعايير

المعيار الأخلاقي الموحّد عند الفرد لا بد وأن يتوافق مع قيم المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، ومع مبدأ عامل الناس كما تحبهمّ أن يعاملونك. الا أن العلاقات السائدة في المجتمعات العربية، وحتى في الجاليات العربية في المهجر، تسودها إزدواجية أخلاقية وتعدّد في المعايير بشكل يضرب جذوره في الأخلاق والدّين والفلكلور من خلال مباديء نصرة الأخ ظالما كان أو مظلوما، والولاء والبراء، وقول "أنا وأخي على إبن عمّي، وأنا ابن عمّي على الغريب".

على الصّعيد الإجتماعي، تشكّل الإزدواجية الأخلاقية وتعدد المعايير الإسس الأكثر أهميّة للسلوك الطائفي والعشائري حيث يقيّم الفرد أفعال حزبه بغير المعيار الذي يقيّم به أفعال الآخرين، وقد يتقبـّل منهم سلوكا وتصرفات ما كان ليتقبـّلها لو صدرت عن غيرهم. بذلك، تصبح الأخلاق والقيم رهنا لولاء الفرد وخياره لا العكس، فتسقط المساءلة وتبطل المعايير واللغة وتتقزّم الأخلاق والعدالة والمساواة الى مصالح ميكافيلية تتغيّر بتغيّر جهة هبوب الريح. ولا تقتصر الإزدواجية وتعدد المعايير على السياسية والإنتماء المذهبي، بل تمتد لتشمل أبسط العلاقات كعلاقة الأسرة بالأطفال وتفضيل الذكر على الأنثى، والكبير على الصغير وأبن الزوجة على ابن المطلقة. وللإزدواجية أوجه شنيعة أخرى تتمثل بالوساطة، والغشّ وتفضيل الخبرات الأجنبية على العربية لا لمؤهلاتها بل لاعتبارات أخرى.

لا يمكن إهمال الدور الذي لعبته الحكومات العربية في الانحطاط الذي تعيشه المنطقة. لكن واقع الحال يكشف أن الأزمة لا تقتصر على مشكلة الحكم وغياب الإصلاحات الديمقراطية وعدم الالتزام بحقوق الإنسان من قبل السلطات الحاكمة، على أهميتهاـ فحسب. الأزمة، كما يبدو، تتعدى أمور الحكم إلى أزمة أخلاقيـّة وفكريـّة تطال المكوّنات الأساسيّة في الشخصيّة العربيّة، وتبرر الشكّ في البديهيات والمسلمات جميعا بما في ذلك القيم السائدة، الموروث منها والمستجد.

عندما اندلعت فضيحة سجن أبي غريب في ربيع عام 2005، رافق انتشار الخبر في الصحافة الغربية تغطية إعلامية صاخبة في الصحف العربية وغضب شعبي عارم في الشارع العربي يدين انتهاك حقوق الإنسان العراقي على يد قوات التحالف. وفي الحين الذي استمرت فيه الأوساط الأمريكية في مساءلة أجهزتها عن ما حدث في سجن أبي غريب، بهتت تغطية الفضيحة في صفحات الإعلام العربي ثم تلاشت مع تلاشي ردة الفعل الشعبية للخبر؛ المذهل هو أن أحدا لم يطرح قضية سجناء الضمير في السجون العربية والانتهاكات المعروفة لحقوقهم الإنسانية في المعتقلات!

4. الوصاية النخبوية

الوصاية النخبوية على القيم باسم التنوير والدفاع عن الحقوق يقوض ارتباط النخب بالقاعدة ويلغي مبدأ المساواة. الوصاية النخبوية تفترض في النخبة أحقية وجدارة وأفضلية غير مبررة، فيتحول داعية الحرية والعدالة الى طاغية بإسم الحرية والعدالة، والمفكر الى منظر أو سياسي فاشل معزول عن تطلعات القاعدة الشعبية وقضاياها وهمومها. ولكم هي عديدة المشاريع الثورية في الوطن العربي التي فقدت أهميتها الشعبية فتحوّلت خطاباتها المعزولة عن تطلعات المجتمع الى خطابات فارغة وتهويمات عقائدية وشعارات طوباوية لا تلامس الواقع بشيء.

السلوك النخبوي لا يطرح آراء أواقتراحات تستفيد من النقد والمساءلة والتقويم، لكنه يطرح حقائق مطلقة في اعتباره، يجب تبنيها بدون نقد أو تشكيك لعدم توفر الوعي اللازم للإستيعاب والفهم لدى العوام. لأجل ذلك كان لابد من الوصاية على الجماهير لأنهم لا يعرفون مصلحتهم.

مشكلة السلوك النخبوي هو أنه يفتقر الى المرونة والتجدد والإبداع المتوفر في النظم الفكرية الغير مغلقة حيث يقوم بالمشاركة أوسع طيف وأكبر عدد ممكن من الخبرات والثقافات والإهتمامت. فحصر القرار بيد نخبة متشابهة في القيم والتوجهات يحرم المجتمع من التطوّر والتطوير الناتج عن النقد والمساءلة، ومن الإبداع الناتج عن اصطدام الأفكار وتزاوجها. والمراقب للوضع العربي يلاحظ أنه بالرغم من كل ما حدث ويحدث على الساحات السياسية والاجتماعية، فإن الفكر العربي النخبوى ما يزال يتمسّك بمسلمات نفذت صلاحيتها بسبب تغيّر الإحتياجات الشعبية العربية، وتبدل المعطيات السياسية على الصعيدين العربي والدولي. والطريف في الأمر هو تمخّض الأحداث المعاصرة عن فئة نخبوية جديدة، ولدت منفصمة تماما عن الشارع العربي واهتماماته، هي فئة الليبراليون الجدد.

هيمنة هذا النمط من الوصاية النخبوية على العوام أدى إلى شل فاعلية النخب المثقفة في المجتمع. الخروج من هذا الطريق المسدود يستوجب معرفة النخبة المثقفة لموقعها الإجتماعي، وإدراكها أن أهميتها تأتي من كونها جزء من حركة المجتمع ومكوناته لا من كونها جزيرة منعزلة تنأى بنفسها عن بحر تصادمه وتناقضه اللامتناهي، وان المعرفة القائمة على واقع المجتمع وحركته لابد أن تترجم الى مشاريع وحلول حيوية منحونة من صلب معانات المجتمع، متطلباته واحتياجاته.

5. الحساسية من النقد

تعاني الشخصية ومن ثمّ المؤسسات العربية من أزمة الحساسية المفرطة من النقد. النقد هو آلية المساءلة، وهو الخطوة الضرورية للإصلاح. بدون نقد، تقف الحركة الفكرية وينعدم التطوير.

من الطباع المتأصلة في الفرد العربي المعاصر، للأسف، هو أنه لا يقبل الإختلاف بسهولة. في ظل قيم تعلي من شأن الأنا وتهوّن من شأن الآخر يبدو أقل اختلاف مدعاة لنزاع وإصطدام يمكن أن يخرج الأفراد عن هيبتهم إلى غلواء الطيش والجهل، أو ما هو أنكى الى الإقتتال وإهراقة الدماء. هذا ما كثـفه محمود درويش عندما عالج اختلافات الناس في الشرق قائلاً: وربما تقتلني أو أقتلك إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة فكيف بنا إذا اختلفنا حول فهم العالم أو الحياة أو الدين أو السياسة. ربما أننا لن نكتفي بأن نقتل المتورطين مباشرة في الصراع الفعلي بل ربما سنقتل أقارب المتورط وجيرانه وأبناء عشيرته الأقربين والأبعدين. ومن هذه الناحية فإننا نفعل بالضبط عكس ما اقترح فولتير:"ربما أختلف معك إلى حد التناقض، ولكنني مستعد أن أدفع حياتي ثمناً لكي تقول رأيك بحرية".

الله درّ فولتير كم هو العالم العربي بحاجة الى أمثاله اليوم. كيف يمكن للتعددية الديمقراطية أن تنمو في مناخ يرى في اختلاف الآراء شذوذ بحاجة الى تقويم، ويرى في النقد عدوان يجب أن يـُرد ويـُردع. في هكذا مناخات تتحول الديمقراطية من وسيلة للتطوّر والتطوير، ومن آلية لخلق الحلول وصهر القناعات والتوجهات، الى ديكتاتورية أغلبية تفرض آرائها بقوة التفوّق العددي.

يكفي القول أن الحساسية من النقد هي السبب الرئيسي في انتهاك حقوق الإنسان في الوطن العربي، والمحرّض الأول على حشو السجون العربية بسجناء الضمير.

6. فكر القطيع

فكر أوثقافة القطيع هو تعبير يصف حالة فكر جماعي يسير بانتظام قطعان الماشية في اتجاه الزخم السائد. فكر القطيع ظاهرة ومعضلة تواجه فكر المجتمعات والشرائح الشعبية، كما أنها تصيب النخب والمجموعات بما يسمّى بالفكر الجماعي (groupthink).

يعتبر الفكر الوجودي والفردية من أهم الإنجازات البشرية في التاريخ على الإطلاق. هذه التطورات لم تبن الأسس الفكرية اللازمة لتقديم مفاهيم الحريات وحقوق الإنسان فحسب، بل أنها أوجدت الأسس الضرورية للديمقراطية ذاتها. لا يمكن تصور ديمقراطية لا تقوم على الفردية وحرية التفكير. ثقافة القطيع هي الوعاء الذي يشمل الطائفية والعشائرية والتعصّب الحزبي والإيديولوجي بكلّ أشكاله وأنواعه. ذلك لأن حركة القطيع لا تتوافق بطبيعتها مع الحريات، ولا يمكن أن تسمح للفرد بالمناورة الا في مسار القطيع ذاته. ذلك قد لا يكون عن عجز في قدرة الفرد على التفكير والقرار، لكن عن استحالة الحركة الا في المسار القائم بسبب زخم الكتلة ومشاق أو مخاطر السباحة عكس التيار.

ثقافة القطيع لا يمكن ان تفرز الا السلبية، فالإيجابية هي موقف فردي للإنسان بوصفه كيانا مستقلا بذاته لا عضواً من أعضاء القطيع. والإستقلال الفكري هو ما يمهّد لمفهوم المواطن على نقيض فكرة "الشعب" (القطيع) الذي يسوسه نظام شمولي (راع). هذه االثقافة تعبّر عن استسلام ورضوخ الفرد تحت وطأة أشكال عديدة من الترويض الفكري، ويمثـَل تسليم هذا الفرد الإختياري لحرياته ومشيئته الى رعاة القطيع.

ثقافة القطيع في العالم العربي تظهر في عصا الشرطي الغليظة التي تمزق حق الاحتجاج السلمي، وفي بندقية مستعدة لإطلاق النار على أبناء الشعب لحفظ الأمن والإستقرار. وتظهر في الهلع الذي يصيب أي فرد عربي تم استدعائه الى فرع المخابرات، وفي وجوه محبطة خائبة وهي تستمع الى أخبار آخر هزيمة عسكرية عربية أو مجزرة دموية تم ارتكابها ضد الآمنين العزّل في ركن من أركان الوطن الجريح.

المثير للجزع هو أن ثقافة القطيع هي من أهم المبادئ التي تربي الأحزاب والحركات العربية النهضوية أعضاءها عليه، والتي يتم ربطها بمفاهيم الوطنية والولاء.
08-31-2006, 11:31 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الديمقراطية وعوائقها في العالم العربي - بواسطة الكندي - 08-31-2006, 11:31 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  لماذا الديمقراطية أولاً ؟ فارس اللواء 0 422 03-24-2014, 12:16 AM
آخر رد: فارس اللواء
  عناوين مثقلة بالمعان الانسانية تستخدم اليوم ضد الانسانية مثل الديمقراطية والحرية وحقو نوئيل عيسى 0 476 10-05-2013, 10:30 PM
آخر رد: نوئيل عيسى
  إشكالية القانون الديني والقانون المدني في العالم العربي رائد قاسم 0 944 09-29-2012, 01:05 PM
آخر رد: رائد قاسم
  مشكلة الابداع والتطور في العالم العربي mr.H 21 5,533 04-23-2012, 09:46 PM
آخر رد: طريف سردست
  إضحك على مهزلة التطبيق العملي ل الديمقراطية في العالم مؤمن مصلح 3 1,138 04-23-2012, 08:22 AM
آخر رد: مؤمن مصلح

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS