اقتباس:يقول د. صلاح الدين سلطان: { تذكرنا الكاتبة انه لا توجد أكذوبة يؤمن بها قادة الغرب مثل أكذوبة ان الإسلام انتشر بالسيف البتار والحديد والنار وتقول زجريد إنني لا أملك إلا العجب من سطحية معرفة الغرب النصراني بالمسلمين دينا وتاريخا.
وتضيف قائلة إن هذه من أقسى الأحكام الظالمة المسبقة الراسخة ضد الإسلام (ص 31) على حين يثبت التاريخ لنا ان الدور الحاسم في انتشار الإسلام يرجع إلى التسامح العربي
سوف أسلم بأن البابا كان "غير لبق" بتعرضه للدين الإسلامي عبر اقتباس قديم. ولكن هل من الظلم أن نقول بأن الإسلام انتشر بالسيف؟ وهل حقاً هو "التسامح العربي" - كما يقول الدكتور سلطان فوق - الذي جعل الإسلام ينتشر وتتسع رقعته؟
هل يصمد هذا "الزعم"، الذي يحاول البعض "تمريره"، على محك التاريخ حقاً؟
لا أدري ... ولكن لنحاول قليلاً استبيان الأمر، ولنقف عند "حقيقتين واضحتين كل الوضوح:
1) أن تثبيت الإسلام في الجزيرة العربية وخارجها جاء إثر معارك وحروب طاحنة. فنهاية الصراع مع "قريش" أتت من خلال "فتح مكة"، وبسط الاسلام على الجزيرة جاء من خلال "أيام حربية مشهورة" للرسول، استطاع بها أن يقضي على مناوئيه تارة غيلة (الأسود العنسي) وتارة من خلال ساحات القتال (مسيلمة وسجاح ويهود خيبر).
عندما قضى الرسول "ارتد الكثير من العرب"، فما كان من خليفة الرسول إلا إعلان الحرب على المرتدين وتثبيت الإسلام في الجزيرة من خلال "حروب الردة".
النفوذ الإسلامي خارج الجزيرة بدأ أيام "عمر بن الخطاب" بعد محاولة عسكرية حيية فاشلة أيام الرسول (مؤتة). هذا النفوذ الاسلامي تم بسطه من خلال معارك مشهورة مشهودة (اليرموك والقادسية ... وغيرها)، سالت فيها أنهار من الدماء.
بسط النفوذ "العربي الاسلامي" من حدود الهند حتى فرنسا جاء كله من خلال معارك مخيفة مات فيها الكثيرون من الغزاة العرب وأهالي تلك البلاد.
لقد نجح المسلمون الأوائل بالاجتياح العسكري المذهل، وخلال بضعة سنين قليلة كانوا قد تسلطوا على الإرث الفارسي كله وعلى معظم "إمبراطورية جستنيان البيزنطية" (ما عدا آسيا الصغرى والبلقان)، وأصبحوا يحكمون ملايين الكيلومترات المربعة. وهذا الامتداد المذهل، بهذه السرعة الخاطفة، لم يتحقق إلا عن طريق "السيف".
تحقق للعرب المسلمين إذاً، خلال فترة قصيرة، حكم أصقاع طويلة عريضة من خلال "فتوحاتهم" (غزواتهم ؟) التي ركبوا خلالها ظهور الخيل وأحكموا الضرب بالسيوف حتى دانت لهم البلاد والعباد.
سوف نتركهم (الآن) على رأس الدولة، ونقرر بأن وصول الإسلام إلى الدول الممتدة بين المحيط الهندي وأوروبا كان من خلال "حروب وفتوحات وغزوات" المسلمين العرب الأوائل.
2) حكمت الدولة الإسلامية - كما اسلفنا - منذ أيام "الوليد بن عبدالملك بن مروان" قطعة من الأرض متصلة تمتد بين الهند شرقاً وفرنسا (تور وبواتييه) غرباً وآسيا الصغرى شمالاً و"الصحراء الغربية" واليمن وحضرموت جنوبا. وجميع هذه البلاد " أخضعت أول ما أخضعت" من خلال الفتوحات والغزوات وصليل السيوف وساحات المعارك.
خلال عهدها الأول، اتخذت الخلافة إسلامية خطوة وقائية "قاسية جداً" بحق "أبناء الجزيرة من غير المسلمين"، عندما قرر "عمر بن الخطاب" أن لا يقبل في الجزيرة العربية إلا المسلمين. هنا كان "النفي والتهجير" من نصيب الذين لم يريدوا الدخول في الدين الجديد، وهنا ضرب "الفاروق" عصفورين بحجر واحد: فهو قد ضمن بذلك مساحة واسعة حول "المدينة" (مركز الدولة وقتها) خالية من أتباع الديانات الأخرى وخطرهم وتهديدهم من ناحية، وهو قد ضمن دخول الكثير من هؤلاء الرقيقي الدين من المسيحيين واليهود الذين فاضلوا بين التشرد وبين اتباع دين جديد - ولو شفاهاً في البداية - فآثروا الثانية على الأولى.
بجانب سياسة "السيف والنفي والتهجير"، اتبع الخلفاء سياسة أخرى لزيادة عدد الداخلين في الدين الجديد هي سياسة "الترهيب والترغيب" التي اتبعها "الرسول" في عهد الإسلام الأول؛ أعني بها سياسة "العهدة" أو سياسة "العصا والجزرة" لبعض الفئات في الدولة. فالمشركون والملحدون والدهريون لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، وأهل الذمة يستمالون عبر "امتيازات الدولة" التي يمكن جنيها لو اعتنقوا الاسلام (الجزرة) وعبر "نقص مواطنتهم وحقوقهم" بالنسبة للمسلمين لو بقوا على ديانتهم (العصا).
السيف والتهجير والنفي والاضطهاد والحرمان هو نصيب "غير المسلم في دولة الخلافة" عبر مئات السنين، الأمر الذي جعل المسلمون يزيدون عدداً على حساب سائر الفئات الأخرى خلال الوقت.
مع الوقت أصبح المسلمون هم الغالبية في الدولة، ولكن "الإسلام" لم يستطع الانتشار خارج الحدود التي بلغها منذ "أيام الوليد بن عبدالملك" إلا بالكاد أو من خلال امتداد الأطراف التدريجي نتيجة لتوسع طبيعي وازدياد في عدد السكان. والذي ينظر اليوم إلى خارطة الامتداد الاسلامي وإلى الخارطة أيام "الوليد بن عبدالملك" فلسوف يرى بأن "الامتداد والانتشار الاسلامي" راوح في مكانه طيلة 1400 سنة مع تمدد بسيط تجاه الأطراف (ماليزيا، أندونيسيا، شمال وغرب أفريقيا) ارتبط أحياناً بعوامل سياسية متأخرة (آسيا الصغرى وسيطرة العثمانيين على البلقان في القرن السادس عشر).
***
أخيراً، نستطيع أن نخلص إلى أن انتشار "الاسلام" كان مرهوناً عبر التاريخ "بالسيف والتهجير" و"الامتيازات التي تعطيها الدولة الاسلامية لأتباع الدين الاسلامي".
واسلموا لي
العلماني