داعية السلام مع الله
وما كنا غائبين ..
المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
|
سلسلة الرد على زكريــــا بطرس المعـروف بــــ ( servant_13 ) حوار هاديء من خلال نقد كتبه ومؤلفاته
الحلقة الثانية ( 2 )
نحاول هنا أن نلقي الضوء على قضية النسخ :
حدوده واطاره , حكمته وأهميته , وغير ذلك ..
نقول باختصار
حكمة النسخ وأهميته :
للنسخ حكم وأسرار وغايات عديدة اهمها :
1- تحقيق الخير للأمة والتيسير عليها , لأن النسخ إن كان إلى أشق ( وهو نادر ) فهو زيادة في الثواب فهو نعمة آجلة , إن كان إلى أخف ( وهو الغالب ) فهو نعمة عاجلة من الله تعالى
2- مراعاة مصالح العباد المتغيّرة
3- تطور التشريع الى مرتبة الكمال بحسب تطور الدعوة ومتطلبات أحوال الناس .
فالنسخ مهمته ايجاد التكيّف اللازم بين الشريعة والواقع المتغير السريع التغير في الفترة التي عاشت النهضة الاصلاحية التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب بأمر من الله , فقد نقل الناس من جاهلية جهلاء وحرب أهلية وتطاحن إلى نور العلم والعبادة والتراحم والرقي في فهم الحياة ...
كل ذلك لم يكن من الممكن أن يحدث دفعة واحدة , نعلم هذا من التدرج في تحريم الخمر العادة المتأصلة لدى المشركين الوثنيين , فنزل أولا قوله ( وإثمهما أكبر من نفعهما ) ثم ( لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) ثم ( إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) ..
أيضا من ناحية أخرى فإن الله يختبر عباده هل يطيعونه أم يعصونه فإذا نجحوا نزل التخفيف , نعرف هذا ونفهمه من حديث عائئشة رضي الله عنها كمثال :
حين سألها سعد بن هشام بن عامرفقال:
يا أم المؤمنين أنبئيني عن قيام نبي الله صلى الله عليه وسلم قالت أليس تقرأ هذه السورة يا أيها المزمل قلت بلى قالت فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله عز وجل خاتمتها أثنى عشر شهرا ثم أنزل الله عز وجل التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا بعد أن كان فريضة ...
فهذا قيام الليل مثلا كان مفترضا على المسلمين في بدء الدعوة لحكم وأسرار عظيمة . منها : زيادة إيمانهم وإعدادهم للثبات والتضحية من أجل إلاعء كلمة الله , وهذا لايكون إلا بتكثيف العبادة والتفكر ..
ثم نزل التخفيف لما حصل المقصود ...
بذلك نعلم أن النسخ قائم على محور ( الاختبار ) والامتحان الذي هو محور الاسلام وغاية الخلق , كما اقلا الله تعالى :
تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير . الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور .
وجعل الله تعالى كل خير أو شر في الحياة الدنيا أداة يختبرنا بها فقال : ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون .
نبلوكم : أي نختبركم
وبهذا نجد الاتساق والتوافق بين قضية النسخ وروح الشريعة ..
إطار وحدود النسخ
النسخ لايكون في باب الاعتقادات التي ترجع إلى الذات الالهية أو الكتب والرسل والملائكة واليوم الآخر
كما لايكون في أصول الأخلاق والعبادات والمعاملات والحلال والحرام المتفق عليها بين الشرائع لأن هذه من المقاصد والضرورات التي نزلت بها الشرائع واتفقت عليها
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( البقرة : 183 )
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ( الشورى : 13 )
[SIZE=4]وانما ينحصر دور النسخ في فروع الأوامر والنواهي وتفاصيلها
وهذه لا تؤخذ بنفس درجة الثبات التي تؤخذ بها أصول الشرائع والأخلاق والعقائد ! بل لابد من تغيير مع الثبات , وليس هناك أي مؤاخذة على ذلك إلا ممن ليست لديه بصيرة ولا حكمة ولا فقه في شرائع الانبياء ( وسوف يأتي كيف ورد النسخ في التوراة والانجيل ) ..
منكري النسخ والمغالين فيه :
اليهود والشيعة في هذا الباب - باب النسخ طرفي نقيض ..
فاليهود أنكروه تماما لسوء ظنهم بالله وظنهم أنه لن يغيّر حكما إلى إلى الأشق على النفوس ! ولأنه يقتضي ( البداء ) في زعمهم .
والبداء هو : الظهور بعد الخفاء
أي ظهور الصواب لله بعد خفائه عنه قبل ذلك ..
وهذا جهل منهم وسطحية شديدة ( معلوم تقريع المسيح لظاهرية الكتبة والفريسيين )
وذلك لأن الحكمة معلومة لله من قبل , وهو ينقل عباده من حكم الى حكم وهو أعلم بمصالحهم وماسوف يتغيّر من أحوالهم .
الشيعة - الذين ينقل عنهم زكريا بطرس - قد غالوا جدا في باب النسخ وأجازوا البداء على الله تعالى ونسبوا في ذلك أقوالا إلى علي رضي الله عنه هو منها براء .
المهم الان ..
لماذا يغلو زكريا بطرس في الاهتمام بباب النسخ ؟
هذا ماسوف نبحثه في المداخلة القادمة ان شاء الله تعالى
:redrose:
|
|
09-25-2006, 05:36 PM |
|