تعا حسبها مين هو المحرض الاول

فريق المقاومة يقرأ في تصعيد الأكثرية قلقاً من خسارة كل شيء
<الحريري انزلق ونخشى تورطه.. وللشارع مقاييس لا يتقنها الجميع>
نبيل هيثم
السفير 2006/09/28

كان يمكن لفريق المقاومة أن يستغرب أو أن يصاب بصدمة لو أن مضامين مواقف وخطابات وبيانات الفريق الأكثري بكل تلاوينه ومتفرقاته، جاءت على غير ما جاءت عليه، بدءاً من البيان الأخير لقوى البريستول، المعطوف على بيان المطارنة الموارنة الصادر قبله بساعات، الى المواقف الصادرة عن <الحلف الثلاثي> ل<شابكي الايدي> في ساحة البرج: وليد جنبلاط وسمير جعجع وسعد الحريري.
فالنبرة الهجومية، التي حكمت خطاب هذا المثلث، هي في اعتبار فريق المقاومة، دفاعية بامتياز، عن ملك يتهاوى، وسلطة تفلت من اليد، خصوصا أنها مبنية على قلق حقيقي وجدّي من توجه <حزب الله> الجدي لترجمة مطالبته وسعيه الى تشكيل حكومة وحدة وطنية أمرا ملموسا وحقيقة صارخة قائمة حقيقة تقلص المساحة الشعبية للفريق الاكثري، وأن امكانية استمراره او قدرته على الحكم صارت ضعيفة جدا.
ويبدو ان مشهد جمهور الانتصار في الضاحية الجنوبية، قد عزّز القناعة بالتسليم بتلك الحقيقة المربكة سياسيا، والتي كشفت عن <أزمة> لدى الفريق الاكثري، تحول معها الخطاب الى رد فعل تحريضي لاستنهاض الشارع، على نحو ما صدر عن المثلث المذكور، والذي تشير الاجواء السائدة حوله، والمآدب الرمضانية قيد الإعداد، الى ان الامور مرشحة الى مزيد من التوتر والتصعيد والتعقيد.
والتصعيد في الخطاب، على حد ما يقولون في فريق المقاومة، هو انعكاس طبيعي لحجم القلق الاميركي الفرنسي على الحكومة على اعتبار أنها آخر حصون الفريق الاكثري، إن فقدوه، خسروا كل شيء، بعدما مُنوا بخسارات متتالية، وآخرها معركة نزع سلاح <حزب الله>، والتي حاولوا خوضها سرا وعلانية عبر طرح <الرزمة الواحدة> وضمن الحل الشامل الذي حمله سعد الحريري في ذلك الوقت، وبحسب الاجواء السائدة في فريق المقاومة، أن الحريري سعى جاهدا الى تسويق <الحل الشامل> في اتصالاته الخارجية خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان، علما ان نزع سلاح المقاومة كان احد ابرز بنود هذا الحل.
وإذا كان لمضمون مواقف جنبلاط وجعجع صدى سلبي في أجواء فريق المقاومة، فإن الأكثر سلبية هو ما صدر أول امس عن الحريري، <الذي تم دفعه الى الهجوم المباشر، والانزلاق الى خطاب خطير سواء من حيث الشكل او من حيث المضمون.. فهو خرق قاعدة او نوعا من العرف او البروتوكول الحبي، كان قائما على مستوى العلاقة بين <حزب الله> و<تيار المستقبل>، يفيد بعدم التناول المباشر لشخص السيد حسن نصر الله من قبل تيار المستقبل، وبعدم التناول المباشر لسعد الحريري من قبل <حزب الله>. فهذه هي المرة الاولى ومنذ توليه المسؤولية القيادية يسقط الحريري هذا التقليد ويتولى الهجوم المباشر ويطال السيد نصر الله.. ومعنى ذلك ان الفريق الاكثري يستخدم آخر الاسلحة، ما يعكس حجم المأزق وحجم الشعور بأن الامور ستفلت من ايديهم>.
وعلى حد ما يقال في أجواء فريق المقاومة <ان اخطر ما في خطاب الحريري، حديثه عن الشارع بالشارع والتعبئة بالتعبئة.. والبادي اظلم، وكأنه يضع اللبنانيين امام معادلة بالغة الخطورة مفادها: إما حكومة فؤاد السنيورة، وإما الذهاب الى الفوضى. ان السؤال يجب ان يبحث جديا عمن دفع بسعد الحريري الى هذه الانزلاقة الخطيرة وإلقاء خطاب حرب>. ويبرز في هذه الاجواء <كلام مسؤول> يفيد بأن ما قاله الحريري يلزمه وحده، ويعتبر <ان ما ورد في مضمون خطابه، وبالنبرة التي استخدمها، لم يكن موفقا على الاطلاق.. ويُخشى عليه من التورط في حسابات غير دقيقة، لأن تناول الشارع له مقاييس حساسة، لا يتقنها الكثير من ساسة هذا البلد>.
ويقر هذا الفريق ب<أن الحريري قد انصف الرئيس فؤاد السنيورة جدا، وأفاض بالاشادة به لاسباب عائدة له وحده، الا ان اللسان زلّ عندما قال ان فؤاد السنيورة يمثل 14 آذار مجتمعا، ويمثل تيار <المستقبل> تحديدا، يعني انه قال ما يقوله معارضوه بأن السنيورة يمثل فريق 14 آذار والمستقبل، يعني انه يمثل فريقا، ويعني ايضا ان كلام الحريري هذا يحفّز على المطالبة اكثر فأكثر بحكومة اتحاد وطني، لأن هذه الحكومة تمثل جزءًا من اللبنانيين ولا تمثل كل اللبنانيين. وبالتالي من السذاجة والغباء القول ان <14 آذار> هي كل اللبنانيين.. ففي المقابل ثمة فريق كبير جدا معارض لكم، وكلنا نذكر ان هذه الاكثرية نزلت الى الشارع وطالبت بإسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي، فكما كان لهذه الاكثرية الحق بالنزول الى الشارع، فلغيرها الحق ايضا، فهم السباقون في هذا المجال، وليس في مقدور احد ان يضع <فيتو> على تحرك اي كان.. وإذا كانت ديموقراطية <ثورة الارز> تمنع النزول الى الشارع، فديموقراطيتهم تلزمهم، ولا تلزم غيرهم>.
وما أورده الحريري من أرقام حول عدد الشهداء والوحدات السكنية المدمرة، أثار ارتيابا في اجواء فريق المقاومة، وتساؤلات <من اين أتى بهذه الارقام. ان عدد الشهداء هو دون الألف شهيد، فمن اين جاء الألف الآخرون، وعدد الوحدات السكنية المدمرة هو 15 الفا لا اكثر، وإذا كان يقصد الوحدات المتضررة من كسر زجاج فما فوق ومن ضمنها ال15 الف وحدة المدمرة، فالعدد الاجمالي هو دون 90 الفا. فمن اين اتت الارقام. وهل تكبير حجم الضحايا والاضرار، له علاقة بالتعويضات على الطريقة الحكومية، اي ضرب الواحد باثنين؟>.
وأكثر ما اثار الارتياب والاستهجان لدى فريق المقاومة، <ما قيل اولا عن حجب الكارثة الوطنية، في وقت أنجزت فيه المقاومة عملية الإيواء والمساعدة للمتضررين، في الوقت الذي لم تقم الحكومة بالحد الادنى من واجباتها. وكذلك الهروب الى الامام من خلال اختراع مقولة <الغرف المغلقة>. وقد بدر حول هذه الغرف، <كلام مسؤول> في الجانب المقاوم يسأل أين هي هذه الغرف:
هل التي تمت الموافقة فيها على المشروع الاميركي الفرنسي ضمن الفصل السابع؟
هل التي تمت فيها صياغة الرسالة الى المندوب الاميركي في مجلس الامن جون بولتون، والتي ابلغ فيها بموافقة الحكومة اللبنانية على الفصل السابع وعلى القوات المتعددة الجنسيات؟
هل التي توجه فيها مسؤول عربي الى مسؤول لبناني قائلا: نحن ذاهبون الى مجلس الامن، فلا نريد لعبا من تحت الطاولة؟
هل التي شنّ فيها مسؤول لبناني هجوما عنيفا على المقاومة امام احد الضيوف الاميركيين.. وصولا الى اتهام حزب الله باستغلال مسألة مزارع شبعا، ومن دون ان يأتي هذا المسؤول على ذكر ان هذه المزارع هي تحت الاحتلال؟
هل التي رفض فيها احد الوزراء اللبنانيين وقف اطلاق النار (الاسرائيلية) قبل ان يتم الاتفاق على الحل الشامل السالف الذكر، وخصوصا البند المتعلق بنزع السلاح؟
هل التي صيغ فيها اقتراح نزع السلاح.. قبل عرضه على جلسة مجلس الوزراء، فيما العدو يواصل الفتك بالبلد؟
هل التي تقرر فيها <الغياب الرسمي> عن السمع بعدما قرر العدو توسيع عملياته العدوانية حتى الليطاني، ولما فشل صار الكل على السمع؟!
هل التي فوجئ فيها الموفد الدولي مما سمعه من شروط لبنانية ضد المقاومة، توازي او حتى تفوق، الشروط الاسرائيلية؟
إذا كانت حكومة السنيورة <متهمة> بأنها اوقفت العدوان على حد ما يقال، وآخرها في خطاب قريطم، فما الذي أخر هذه الحكومة المناضلة (على حد وصف المصدر المسؤول) عن ايقاف الحرب في الايام الاولى، او اول اسبوع. وما الذي أخرها 33 يوما، وأي دور قامت به خلال هذه الفترة؟
أسئلة كثيرة متبقية تدور حول خطايا ارتكبت في الغرف المغلقة جدا، يقولون في فريق المقاومة، وإن يوما ما سيأتي لاحقا وعاجلا، تكشف فيه كل الأمور والأدوار بالوقائع والاسماء؟!