عزيزى شوتايم .. ليس فى المسيحية إنسان معصوم من الخطأ ولا يوجد عندنا مبشرون بالجنة .. بل أعظم القديسين يظلون فى جهاد الى آخر ثانية فى حياتهم عالمين أنهم لن يكللوا إن لم يجاهدوا حتى النفس الآخير .

أما عن سؤالك فلماذا يختار البابا ما دام يعرف أنه سيسقط مثلاً .. فأجيبك بسؤال آخر فلماذا خلق الله الجنس البشرى ما دام يعرف أنه سيعانى كل هذه المآسى ويقتل بعضهم البعض ويرتكبوا كل تلك الموبقات .. البابا مكلف بوظيفة من الله وهى أن يكون وكيله على الأرض ليرعى قطيعه الصغير .. فإما رعاه بأمانة وإما إنحرف ولكل جزائه فى الدنيا والآخرة .. ففى الدنيا قد يقصف الله بطريركته سواء بالعزل أو الموت أو غيرها وفى الآخرة له عذاب أليم لأنه أؤتمن على كهنوت عظيم لم يقدره حق قدره .

وفى مثل الوزنات قال بطرس للرب يسوع هل قلت هذا المثل لنا أم للجميع .. فقال له السيد المسيح ما معناه أنه قاله للجميع أى للرعية وللرعاة .. الأب فى منزله له مسئولية عن زوجته وأولاده .. المدرس له مسئولية عن تلاميذه .. رئيس الدولة له مسئولية عن دولته .

وقد يكون بسماح من الله أن يأتى بطريرك منحرف لكى يتم غربلة الشعب بتلك التجربة القاسية أو ليعرف الشعب أنه لا يوجد كبير على الإنحراف أو السقوط .. وهكذا فكل الأشياء تعمل للخير للذين يحبون الله .

أما عن تلميحك بأن قول المسيح للص اليمين أنه سيكون معه اليوم فى الفردوس يتعارض مع قولى أنه لا يوجد فى المسيحية مبشرون بالجنة .. فأرد عليك وأقول أن تلك حالة خاصة .. الرجل يموت ويتوسل بقلب منسحق تائب الى إلهه المصلوب معه أن يغفر له وأن يذكره فى ملكوته .. نحن هنا أمام لص قضى كل حياته فى الخطية وتاب فى آخر لحظات فى حياته وأعلن إيمانه بإلوهية المسيح قائلاً "ملكوتك" للمسيح .. وهنا يقدم لنا السيد المسيح له المجد درساً فى أن الخطاة لهم فرصة للتوبة حتى آخر لحظة فى حياتهم مهما بلغت شرورهم وأن الله مستعد لقبول تلك التوبة ما دامت صادقة وعميقة من كل القلب .

ونجد أن السيد المسيح يقول للتلاميذ أنهم سيجلسون فى ملكوت الله على إثنى عشر كرسياً ويدينون أسباط اسرائيل الإثنى عشر .. وهنا تلك نبوة معناها ومغزاها أن المؤمنون سيدينون غير المؤمنين على عدم ايمانهم .. وأن اليهود الذين آمنوا من التلاميذ سيدينون اليهود ورؤساء الكهنة الذين رفضوا المسيح الحقيقى لشر وقساوة قلوبهم .

ويقول السيد المسيح ايضاً لا تفرحوا أن الشياطين تخضع لكم بل إفرحوا أن أسمائكم مكتوبة فى سفر الحياة .. وهنا يعطينا السيد المسيح تعليمه أن نؤمن بأننا ما دمنا سالكين حسب وصاياه غالبين الشيطان بقوته فأسمائنا تكون مكتوبة فى سفر الحياة .. وكما يقول السيد المسيح لكل مؤمن : حسب إيمانك يكون لك .

وما قصدته أنه ليس فى المسيحية أشخاص لهم إمتيازات خاصة بأنهم قد ضمنوا دخول الملكوت دون غيرهم .. ولكن الجميع تحت الآلام ويجاهد حتى النفس الأخير .. بطرس الرسول قال له السيد المسيح أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى .. ومع ذلك أنبأه السيد المسيح بأنه سينكره ثلاث مرات وأنه قد صلى له حتى لا يفنى إيمانه .. فالجميع حتى التلاميذ معرضون للسقوط والهلاك .. وأوضح مثال على ذلك هو يهوذا الإسخريوطى الذى تنبأ عنه السيد المسيح قائلاً واحداً منكم سيسلمنى .. وكلكم أطهار ولكن ليس كلكم لأن فيكم شيطان وهو الذى سيسلمنى وخير لذلك الإنسان لو لم يولد .

نحن إذاً أمام السيد المسيح رب الأرباب وملك الملوك الذى يرى الغيب والمستقبل رؤى العين ولا يحده زمان ولا مكان .