دعونا لا ننكر جرائم صدام، لكن دعونا أيضا لا ننسى أن صدام كشخص قد انتهى، وأن دور المجرم قد لبسه غيره من فرق الموت.

صدام حسين المجرم الشخص أصبح من الماضي، بينما فرق الموت من الحاضر.

لم ننجح دوما باستحضار الماضي ليعيش بيننا لنلتهي به عن الحاضر المعاش؟

حاضرنا أن العراق تحول للبنان كبير، وفقد مقومات الدولة.

ليست مقومات الدولة أبدا سلطة وناس وأرض، هذه عناصر توجد في الدولة وفي غيرها، الدولة هي كيان تنفيذي لفكرة أو مجموعة أفكار عملية.
وفي العراق الفكرة التي أقيم عليها النظام الحالي برعاية أمريكية هي تقسيم المجتمع عرقيا وطائفيا إلى عرب سنة وكرد وعرب شيعة وأقليات.
أي مجتمع صحي هذا، أولم نتعظ من الحالة اللبنانية المبنية على الطوائف السنية والشيعية والمارونية والدرزية والمابعرف شو كمان هي.

الطوائف هي قبائل تتخذ المذهب أو الدين عصبة لها بدلا من عصبة الدم في القبائل التقليدية، وهي مشروع حرب أهلية يتفجر بمبرر وبدون مبرر.

حالة العراق في ظل هذا البناء تتطور كل يوم من سيء إلى أسوء، حتى أنني أرى شخصيا أنه وصل إلى نقطة اللاعودة، ولن يمكن أن يرجع دولة حقيقية لا طائفية.

من أجل ذلك، ربما قد يحل وضع العراق بضمه لدولة لم تصب بسعار الطائفية السياسية بعد، ربما لو ضممنا العراق إلى سوريا مثلا، أو إلى مصر، أو إلى جيبوتي.
المهم أن يكون رأس الدولة السياسي غير مبني على إستحقاق طائفي، ذلك أن الطائفية وجدت ولا تزال توجد في كل مكان بشكل أو بآخر، ولن تعدم ساقطة أن تجد لها في الحي لاقطة.
لكن أن تصبح فلسفة الدولة المعلنة طائفية، وتقتسم المناصب على الأساس الطائفي، ويبنى تمثيل الناس السياسي على أساس عرقي وطائفي، فهذا يجعل الدولة شيئا آخر، يمكن أن تجد له أي إسم في الدنيا إلا الدولة.

أما تقسيم العراق على الأساس الطائفي العرقي فلن يفيد، لأنه سيجعل في كل كيان جديد جزرا ممن يتبع الكيان المجاور، وهذه الجزر لا حل معها حتى بإبادتها وتصفيتها عرقيا. إذ أي تصفية ستنقل العدوى رأسا إلى الأقاليم المجاورة وربما إلى الدول المجاورة.

صدام مجرم، ومن تلاه لا يقل عنه إجراما، وسيبقى الإجرام قائما طالما أن القاعد على سدة الحكم قد أتى ليس بسلطان الأمة بل آت بسلطان العسكر المحلي تارة والأجنبي طورا.