{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الشارع بتاعي..لا بتاعي لا لا بتاعي أنا..لابتاعك ولا بتاعه بتاعي أنا.
ربما غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 70
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #14
الشارع بتاعي..لا بتاعي لا لا بتاعي أنا..لابتاعك ولا بتاعه بتاعي أنا.
فهمي هويدي

لحظة خارج الزمن العربي



باعتباري مواطنا مشبعاً بثقافة العالم الثالث وخبراته ، فإنني لأول وهلة لم استرح إلى مشهد الآلاف الذين خرجوا إلى قلب بيروت منذ عشرة أيام ، مطالبين باستقالة الحكومة ، ومصرين على الاعتصام بالشارع حتى يجاب طلبهم.. وكان مصدر قلقي أنني لم أكن واثقا من أن هؤلاء ليسوا مخبرين أو من عناصر الأمن المركزي الذين ألبسوا ثيابا مدنية ، وكلفوا بحماية مقر الحكومة وليس تطويقه.
( 1 )
لأن لبنان ليس أوكرانيا ولا جورجيا، وإنما ينتمي إلى عالم آخر له سقوفه وخطوطه الحمراء ، فما أن سمعت بالخبر حتى قلت إن « الملعوب « لن ينطلي على مثلي بسهولة.. فنحن لم نفقد الوعي والذاكرة بعد ، بحيث نصدق ما نراه على شاشات التليفزيون أو نسمعه ونقرؤه من اخبار عن « انتفاضة « المعارضة على الحكومة.. إذ في بلادنا يعرف الجميع جيداً أن المعارضة المسموح بها لا تذهب إلى هذا المدى في تعكير مزاج أي حكومة، ولا تسمح لها قواعد اللعبة بأن تتطاول إلى الحد الذي يسمح لها بالدعوة لاستقالتها.. أما المعارضة غير المعترف بها فهي تتراوح بين جماعات من المثقفين يخاطبون بعضهم البعض، ولم ينجحوا في التواصل مع الجماهير بعد، وجماعات أخرى آثرت أن تعارض في المنتديــات والمقاهي، وهؤلاء وهؤلاء لا يملكون طاقة ولا عافية تمكنهم من الاعتصام بالشــارع لعدة أيام ، وحتى إذا فكرت في ذلك فإنها يقينا لن تختار ايام الشتاء الباردة ، وستفضل ليالي الصيف، محبذة أن يكون الجو «مكيفا «.. أما الذين يحاولون تجاوز الحدود المرسومة، فيتعين عليهم أن يدفعوا ثمنا باهظا لقاء «تهورهم «.. وعند الحد الأدنى فانهم اذا خرجوا من بيوتهم فلن يعودوا إليها سالمين، وأغلب الظن انهم لن يعودوا في نفس اليوم، وإنما ستتأخر عودتهم لوقت يطول أو يقصر، حسب الحالة> .
لم تكن هذه وحدها الشكوك التي راودتني في البداية، لأنني وقعت على قرائن أخرى ايدت الاسترابة عندي .. منها انهم اعلنوا على الملأ مكان وموعد الاحتشاد في ميداني رياض الصلح والشهداء.. والأول أقرب إلى « سراي» الحكومة.. الأمر الذي اعتبرته من علائم عدم الجدية.. إذ منذ متى في العالم العربي يسمح للمتظاهرين بالتجمع والتظاهر والاعتصام امام سراى الحكومة.. هكذا تساءلت وقلت : الا يتوقع هؤلاء السذج أن يجدوا في الصباح أن كل الطرق المؤدية إلى الميدانيين قد اغلقت بأرتال شرطة مكافحة الشغب المدججة بالهراوات المكهربة وقنابل الدخان والغاز المسيل للدموع ، وبلوريات الشرطة الضخمة التي تسد الأفق.. وهل غاب عنهم أن في البلد قبضايات وبلطجية وزعران تطلقهم أجهزة الأمن عند اللزوم لتأديب المتظاهرين والمعارضين؟
هذا الشك تعزز عندي حين قرأت في الصحف أن الجيش انتشر في بيروت عشية الموعد المضروب لخروج المعارضة، واحاط بدباباته مقر سراى الحكومة ، الأمر الذي استدعى السؤال : أين ذهبت الشرطة إذن ؟
- وكان الرد الذي ينسجم مع خبراتنا التي حصلناها من دروس الماضي ، أن مخططي الملعوب وزعوا الأدوار، بحيث يتولى الجيش حراسة السراي، وتقوم الشرطة باحتلال ميداني رياض الصلح والشهداء ، لذا كان طبيعيا أن تزحف ارتال الشرطة إلى الميدانيين متنكرة في ثياب مدنية.. ولإحكام الإخراج، فإنه طلب منهم اصطحاب نسائهم وأطفالهم حتى يبدو المشهد طبيعيا.
( 2 )
لم تهتز الفكرة لدي حين رأيت الجموع الغفيرة تزحف على الميدانيين، خصوصا حين لاحظت أن حركتها اتسمت بالانضباط الشديد ، ومسألة الانضباط هذه بدت قرينة مهمة، لأنها من أهم سمات مجتمعات العسكر.. في الوقت نفسه فقد اعتبرت أنه من السذاجة التساؤل عما إذا كان بوسع الشرطة أن توفر مثل ذلك العدد الكبير من المخبرين والجنود، لعلمي أن أجهزة الأمن في العالم العربي تضخمت اعدادها بقدر ما توحشت في سلوكها.. واذا كان الذين احتلوا الميدانيين في بيروت قد قدروا بعشرات أو حتى مئات الألوف، فإن ذلك لا يغير من الصورة شيئا، باعتبار أن الرقم عادي في اعداد المنتسبين إلى الاجهزة الأمنية العربية.. ومعلوماتي أن عناصر تلك الأجهزة في بعض بلادنا المحروسة تجاوز عددهم مليونا ونصف المليون شخص. إلى جانب ذلك ، فإنه إذا كان العمل العربي المشترك قد تعثر في جميع المجالات، فإنه - شهادة لله - قطع شوطاً بعيداً كفل له التقدم والانتعاش في المجال الأمني.. وهو ما يدل عليه انتظام اجتماعات وزراء الداخلية العرب ، الذين تحتفي بهم تونس دائما ، باعتبارها دولة « رائدة « في هذا المجال.. ولم تتوقف تلك الاجتماعات في الاوقات العصيبة التي اصيبت فيها اجهزة الجامعة العربية بالجمود والشلل.. وهذه الصحوة الأمنية حققت تقدما نوعيا في التعاون العربي على ذلك الصعيد ، الأمر الذي لا يستبعد معه أن يكون « الاشقاء العرب « قد هبوا لتقديم يد العون للسلطات اللبنانية في هذا الظرف إذا ما اقتضى الأمر ذلك.. من باب الشهامة من ناحية والتزاما «بروح « اتفاقية الدفاع العربي المشترك من ناحية ثانية.. وهو الالتزام الذي تحلل منه البعض في مواجهة اعداء الخارج ، منذ اعلن عن الدخول في مرحلة ما بعد « آخر الحروب»، لكنهم ظلوا اوفياء للعهد فيما يخص « اعداء الداخل»، باعتبار أن المعركة ضدهم بلا نهاية، ناهيك عن أنه مقدور عليهم في نهاية المطاف.

( 3 )
حيرتني ظواهر أخرى وقعت في بيروت، ففي اليوم التالي مباشرة بعد بدء الاعتصام (السبت 12/2) عرضت على مسرح البيال في المدينة مسرحية « صح النوم « التي قامت ببطولتها السيدة فيروز، مطربة لبنان والعرب الأولى .. وفي اليوم الذي يليه انطلق ماراثون بيروت الدولي ، الذي تسابق فيه 18 الف شخص في لبنان وخارجها، رافعا شعار « كرما لك يالبنان». وما اثار انتباهي في هذا الصدد ليس فقط انطلاق السباق وسط اجواء التوتر المخيمة على البلد. ولكن ايضا أن الذين رتبوا السباق اقاموا له مسارا وسط المتظاهرين.. الأمر الذي يمكن اضافته إلى قائمة القرائن الدالة على أن الأمر كله ليس سوى « ملعوب « مرتب بين كافة الاطراف.
لكني لاحظت بعد ذلك أن المعتصمين نشروا خياما متحركة في الميدانيين، وجهزوها بملحقات واستعدادات، من دورات المياه إلى طاولات الزهر، الأمر الذي يوحي بأن الاقامة قد تطول، وأدهشني أن عددا غير قليل من المعتصمين يخرجون افواجا في الصباح، ويعودون في المساء للمبيت في الخيام المنصوبة.. وحين بحثت عن تفسير لذلك السلوك، قال لي اصدقاء لبنانيون إن المغادرين هؤلاء موظفون وتجار وطلاب.. فمنهم من يذهب إلى عمله ومنهم من يذهب إلى جامعته ، وجميعهم ينضمون إلى المعتصمين في المساء.. بدا الأمر غريبا وصعبا على الاستيعاب ، لكني حين رجعت إلى الصحف اللبنانية.. وجدتها تتحدث عن الموضوع بشكل عادي ، وكأنه من الطبيعي أن يذهب المرء إلى عمله في الصباح ثم يتحول إلى متظاهر ومعتصم في المساء.
سألتهم : ماذا تفعل الدبابات المحيطة بالمكان؟
ـ قالوا إنها تؤمن الاثنين : سراى الحكومة التي يعتصم بداخلها رئيس الوزراء والوزراء والمتظاهرون الذين يعتصمون في الميدانيين.. كانت تلك لغة جديدة لم نألفها، الحكومة تؤدي عملها وهى معتصمة والمعارضون يؤدون اعمالهم ويعتصمون، والوضع مستمر على تلك الحال طيلة الايام العشرة الماضية.
تخابثت وقلت : هل خلت البلد من الشرطة ووحدات مكافح الشغب ، والا يوجد لديكم بلطجية يتدخلون ويستنفرون اذا لزم الأمر؟
قالوا : قواعد اللعبة مختلفة في لبنان، حيث المجتمع اقوى بكثير من السلطة، التي لا تستطيع أن تلجأ إلى اساليب قمع المتظاهرين الشائعة في أغلب اقطار الوطن العربي .. والحاصل الآن أن فريقا في المجتمع هو الذى يحاصر السلطة ويحاكمها وليس العكس.
نبهوني إلى أن رئيس البرلمان اللبناني يقف في صف المعارضة ، واعتبرت ذلك خبرا مثيرا وغير مألوف بدوره.. حيث المستقر في اذهاننا أنه من كبار موظفي السلطة الذين يتولون تأمينها وتسويغ سياساتها.. واقترحوا علي أن انتظر خطاب السيد حسن نصر الله يوم الجمعة ، لكي اتعرف اكثر على حقيقة المشهد، واتأكد من أن الحاصل علم وليس حلما.
رابطت بجوار التليفزيون ، الذي طافت كاميراته بارجاء الميدانيين، وأظهرت لنا صور التجمعات المختلفة التي رفعت اعلامها المميزة ، من عناصر حزب الله وأمل إلى التيار الوطني الحر، إلى المردة وانصار طلال ارسلان ، وجميعهم ينشدون ويهتفون وسط قرع الطبول والموسيقات الحماسية.. إلى أن ظهر « السيد» على شاشة التليفزيون، فران الصمت على المكان فجأة ، وأنشدت اليه الآذان والعيون .. وإذ وجدت أنه بكلامه قلب الطاولة على الحكومة ووضعها عارية في القفص هي ومن يقفون وراءها ، فإنني ضربت كفا بكف وقلت : ليس هذا ملعوبا اذًا ، وليس هؤلاء مخبرين أو شرطة !

( 4 )
ايا كان رأينا في قواعد اللعبة السياسية في لبنان وخلفياتها ، إلا أننا يجب أن نعترف بأن الصراع والتجاذب هناك له وجه حضاري جدير بالاحترام .. يكفي فيه أن يكون بوسع المجتمع أن يتظاهر سلميا في الشارع ، فيمكن من ذلك، بل وتحرسه الشرطة ولا تقمعه، إلى الحد الذي يسمح لكل فرد بأن يعود إلى بيته سالما .. ويظل يعامل باعتباره مواطنا محترما، وليس متهما أو مجرما.. صحيح أن المشهد اللبناني يعكس خللا في العلاقة بين السلطة والمجتمع ، بمقتضاه تبدو السلطة ضعيفة وهشة للغاية في مواجهة مجتمع تعاظمت قوته.. وهو أمر غير صحي من المنظور السياسي لأن التوازن بين قوة الطرفين من شروط استقرار الوطن وتعزيز عافيته ، إلا أن ذلك يظل من خصوصيات ـ وربما من ضروريات ـ الوضع اللبناني المقعد ، الذي حكمته التركيبة الاجتماعية واثرت فيه الاعتبارات التاريخية والاقليمية، وهى خصوصية ينبغي ألا تلغى اهمية المشهد الحضاري الذي رأيناه في الاعتصام الأخير.. صحيح أيضا أنني اشعر بالنفور والامتعاض حين اطالع في الصحف تصريحات القادة الاسرائيليين والامريكيين الداعية إلى التضامن والمساندة مع الحكومة اللبنانية في ازمتها الراهنة، كما أنني استغرب وقوف بعض الانظمة العربية في نفس المربع، إلا أن ذلك يتعلق بالتقييم السياسي للمشهد وليس السلوك الحضاري.. والأول مدان بامتياز، في حين أن الثاني لا ينبغي أن يقلل من شأنه أو يختلف حول احترامه.
لست اشك في أن ثمة اطرافا تسعى لتفجير الموقف في لبنان واشعال نار الفتنة على ارضه ، إلا أنني ازعم أن مجتمعا يتوافر له ذلك السلوك الحضاري الذي نحن بصدده ، يستحق طبقة سياسية افضل.. ولابد أن نشهد له أنه على ضعفه ورغم عبث الآخرين فيه استطاع أن يقدم لنا نموذجين مقدرين للغاية ، الأول على صعيد الصمود والمقاومة التي لقنت اسرائيل درسا لم يفيقوا من اصدائه بعد، ووجهت للجميع رسالة بليغة مست وترا حساسا في الضمير العربي. والثاني في فقه الاختلاف الحضاري وأسلوب التعبير السلمي عنه.. وتلك ايضا رسالة بليغة اتمنى أن تصل إلى اسماع المعنيين بالأمر في العالم العربي، الذين يخافون من الشارع ويصرون على الاستئثار به وحرمان الجماهير من حقهم في الخروج اليه واستنشاق هوائه.
وبينما كنت اتابع المشهد اللبناني قرأت في احدى الصحف المصرية يوم الجمعة الماضي أن عمال شركة المحلة الكبرى للغزل والنسيج اعلنوا إضرابا عن العمل بسبب مشكلة بينهم وبين ادارة الشركة ، وأن الادارة استدعت 50 سيارة أمن مركزي للسيطرة على المتظاهرين.. عندئذ قلت : هل صرنا حقا محصنين ضد التعلم من دروس غيرنا، ورافضين لاستلام أي رسالة تحقق الوفاق والتصالح بين السلطة والمجتمع؟.


12-12-2006, 12:31 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الشارع بتاعي..لا بتاعي لا لا بتاعي أنا..لابتاعك ولا بتاعه بتاعي أنا. - بواسطة ربما - 12-12-2006, 12:31 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من يملك نص خطاب نصر الله تبع النزول إلى الشارع خلال ساعات؟ ليلين 5 1,194 11-26-2006, 08:52 PM
آخر رد: ليلين
  من حرك الشارع السوري واللبناني؟ أهو الانتصار للرسول صلى الله عليه وآله وسلم حقا؟!! إسماعيل أحمد 41 6,511 02-18-2006, 06:18 PM
آخر رد: Awarfie
  الشارع السوري شارع غير مسييس وبليد وخامل وجبان بسام الخوري 2 558 05-28-2005, 01:01 PM
آخر رد: بسام الخوري
  الشارع الثاني في لبنان.. جقل 4 819 03-08-2005, 02:52 PM
آخر رد: جقل
  هل يقبل الشارع الاسلامى تصحيح مفاهيمة والاعتراف علنا بالخطأ والتوبة عن تكراره وتبنى الديموقراطية ؟؟ امام عادل 26 3,437 01-29-2005, 10:39 PM
آخر رد: Awarfie

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS