نحن ننتظر العالم النحرير، الحبر الخطير، سابق الأولين ومعجز الآخرين، الحجة العلامة، الفذ الفهامة، منقذ الأمة، وكاشف الغمة، سائق العجائب ومفسر الغرائب، ذو اليد الطولى، والقدر المعلى، والنجم المجلى، فريد عصره، ووحيد دهره، والآت بما لم تستطعه الأوائل.

يأتي أينشتاين بنظرية جديدة، فيقف علماء الفيزياء صاغرين مذهولين مقرين بأحقية نظريته أن تتربع على فيزياء القرن العشرين، طاردة فيزياء نيوتن إلى موقع العامة والوصافة على أحسن حال، فيصر صديقي الذي لم ينجح يوما في مادة الفيزياء في المدرسة ولا الجامعة إلا بشق الأنفس، يصر أن فيزياء أينشتاين ليست إلا تخبيص وتهجيص، ائتفكها أينشتين في ساعة سهرية بعد العشية مع صحن مهلبية.

يكتسب محمد علي كلاي لقب بطل العالم في الملاكمة، فتصطك أقدام كبار الملاكمين، ويتدافعون لتبجيل الرجل والاعتراف به مرجعا في الملاكمة، ويصر صديقي النحيف الهزيل الذي لم يرفع يوما أكثر من عظامه البادية من خلال جلده أنه لو قيض له أن يصارع محمد علي كلاي لبطش به ولجعله عبرة ونكالا!

ويقر الزمخشري بعجزه وهو العلامة عن سورة الكوثر، ويقر الوليد بن المغيرة بأن القرآن أخرسه فصاحة وهو فصيح قريش وخطيبها، ونأتي ونحن المولدون المستعجمون الذين لم نقرأ أكثر من مقررات المدرسة في النحو والصرف ونجحنا بهما على مضض وكراهة، هذا إن كنا نجحنا، نأتي لنعلم الزمخشري فنون اللغة، وننقد لغة الوليد بن المغيرة الذي عجز وقاتل مع عجزه.

سبحان الله!

نفهم أن يكره إنسان ما أنزل الله، لكن لا نفهم أن يخوض امرؤ في ما لا يعرفه!