بسم الله الرحمن الرحيم

مبدئياً خطابي موجه إلى القراء ورواد المنتدى - بياناً لوجهة نظري ورداً على ما تردد من افتراءات ليس لصاحبها من بينة سوى خياله (علماً أنني أقع في نفس الخطأ أحياناً وأترك العنان لخيالي)

الحج هو الفريضة الخامسة في الاسلام - ولو لم يكن فيه سوى أنه طاعة لله الذي نؤمن به ورسوله الذي نصدقه لكان ذلك كل خير ولكن فيه الكثير من الفوائد العملية لمن يقوم به ولبقية المسلمين

في الحج - لا نتوجه إلى حجر أو بناء أو لون - ولا نسافر لنقابل شخصاً ما - ولكننا نطيع بذلك الله ورسوله

كثير من الناس وخاصة الأغنياء قد حصن نفسه في برج عاجي لا يرى منه بقية الناس ولا يريد أن يراهم - وربما نظم حياته وتوافق مع بيئته وحصل له اكتفاء أو لنقل موائمة مع بيئته الصغيرة - وربما قد جلس خلف مكتب ما في مكان ما - أو في منطقة زراعية أو صناعية واعتاد على روتين معين - هذا الشخص إن كان مسلماً فقد يكون يصلي الأوقات الخمس ويصوم ويتصدق بالصدقة المفروضة ويظن أن كل شيء على ما يرام - لا يعرف هذا الإنسان أن هنالك أجناساً وألواناً غيره وربما لا يكترث بهم ولا بأحوالهم

الحج يجبره على نقيض ذلك - أن يخرج من بلده ومكانه الوثير وأن يذهب إلى مكان ما في الصحراء البعيدة ويتحمل المشاق ويلبس ما يشبه الكفن ويزاحم خلقاً من خلق الله لا يعرفهم ولم يرهم في حياته ويصبر على أذاهم بل ويتعرف إليهم ويقبلهم على أنهم إخوة في الدين

مالكم تذكرون النفقات المترتبة على الحج وكأن الحكومة المصرية تدفعها من الخزينة وتقتطعها من ميزانية التعليم؟ الحكومة لا تنفق قرشاً بل الحجاج هم الذين ينفقون مالهم - ولمجرد أن هذه الأرقام مرت في ديوان ما تحت أنف موظف شحيح لا يؤمن بشيء مما يؤمن به الحجاج صار يريد أن يحاسبهم ويعدها عليهم؟ صار يريد أن يصادر هذه الأموال ويضعها في خزينة الدولة؟ أو على الأقل يضع ضريبة ما عليهم كأن التكلفة الأصلية غير كافية بنظره؟

ومن أخبركم أن الحكومة السعودية تستفيد قرشاً أو يدخل في خزينتها مليم مما تدفعون؟ الحكومة السعودية مضطرة لتقنين عدد الحجاج لأن الأماكن المقدسة تضيق عنهم إذا تجاوز عددهم 4 ملايين رغم التسهيلات الهائلة والبنى الإنشائية الكبرى.

وأسعار النقل وتذاكر الطيران نفس الأسعار في الأيام الأخرى ومعدلها منخفض عموماً

يبقى إيجار الفنادق والمواصلات وتشرف عليها الشركات السياحية وحملات الحج التي هي حصراً شركات خاصة صغيرة ومتوسطة لا تدفع أي ضرائب للدولة بل يملكها أفراد في أغلب الأحيان - فالمستفيد من ذلك هم أهل مكة والمدينة وأهل الحجاز بصورة عامة

هناك وزارة الحج التي تشرف على الموسم وتراقب الأسعار ولا تسمح بارتفاعها عن بقية أيام السنة أو بقية مناطق المملكة والتي تشرف على نظافة الأماكن المقدسة وملائمتها صحياً وهناك من يوزع الماء النظيف والأغذية بالملايين مجاناً إكراماً لإخوته الحجاج

وكلام كهذا لا يستطيع أن يفهمه من لم يذهب إلى الحج ولا من يقيس انفاق الحجاج وكأنه من بيت أبيه

على العموم - طرح هذا الموضوع يفيد في بيان تساؤلات في ذهن طارحه - نحتاج للإجابة عنها وبيان الأمر كما هو

لن تجد أحداً في السعودية يقول لك نحن نتكلف ونخسر بسبب الحج ولا نستفيد منه رغم أن المعادلة المالية معكوسة حقاً وصدقاً ويعلم ذلك من ذهب إلى الحج - ولكن سيقولون لك أهلاً بضيوف الرحمن ويشرفنا خدمتكم - أصغر مثال أذكره هو سلوك الشرطة المنظمة للحج وأدبها وحسن مساعدتها - والله لم أر في حياتي شرطة بهذا الأدب وصدق الخدمة وحسن الأخلاق ووالله أتمنى أن أقبل رأس هؤلاء الناس من احترامي ومحبتي وشكري لهم