إن دور معاداة الشيطان الأكبر هو دور ايراني قديم قدم الثورة الإسلامية في ايران، هو دور بدأ قبل حرب الخليج الأولى وقبل أن يصبح العراق والولايات المتحدة خصمان بأمد بعيد جدا..

إن الشيعة في العراق لهم ثأر قديم مع صدام حسين، وطبيعي أن يفرحوا بسقوطه، فمحاولات اسقاطه ومحاولات اغتياله من قبل المعارضة العراقية الخالصة بدأت أيضا قبل حرب الخليج الأولى وقبل التدخل الأمريكي بأمد بعيد جدا .. كنت اسمع في طفولتي أن صدام لم يك يمشي في مكان عام إلا وهو يلبس تحت ثيابه درعا واقيا من الرصاص.. صديق عراقي اخبرني ذات مرة أن الرجل كان عاجزا جنسيا لأن رصاصة اصابت اعضاءه الجنسية اثناء محاولة اغتيال.. فإذا كان الأمريكي يستغل طغيان صدام كحصان طروادة أو كعدو بديل للوجود الأمريكي في المنطقة، مثلما يستعمل الإسلام كعدو بديل للشيوعية كي يشغل الناس عن طغيان الرأسمالية والعولمة الأمريكية فهذا ليس ذنب المعارضة العراقية التي كانت تحارب وتعارض صدام منذ كان صدام حليفا للولايات المتحدة.. ان تقاطع مصالحها مع مصالح أمريكية لا يكفي لاتهامها بالعمالة لأمريكة بل ان في هذا تجنٍّ وتحميل الامور أكثر مما تحتمل.

شيعة العرب أيضا ليسوا بهذا الولاء لإيران فهناك المشاعر القومية وقد قال لي أكثر من عراقي أنه يفضل أن يزوج أخته لأنذل رجل عراقي عن أن يسمح بزواجها من ايراني، السبب؟ يقولون أنهم عاملوا الإيرانيين كإخوة حين أتوا الى العراق بينما أساء الايرانيون معاملتهم حين انعكس الوضع وكثير من الشيعة يعتبر الايرانيين شعبا مغرورا بقوميته ورث كسرى اللذي كان ينظر للعرب على انهم بدو ليس لديهم حضارة ويقول هؤلاء الشيعة ان الايرانيين لم يستحقوا ان يولد الخميني بينهم فولاؤهم للثورة الاسلامية هو ولاء أديولوجي ولكن انتماءهم القومي هو للعرب ولأوطانهم..

وأرى أن اتهام كل من يتمسك بالأديولوجيات أنه يتاجر بها بينما لا يفكر إلا في مصالحه هو اتهام رخيص نسبيا ويقول بطريقة غير مباشرة أن عالمنا تحكمه الماديات بطبيعته وأنه لا يمكن أن تقوم أي قيم إلا على أساس نفعي .

كون ايران تحمي العراق كي تحمي نفسها لأنها تعرف أن دورها هو التالي هو كلام سبق أن قلته بنفسك وحتى لو كانت الأمريكي لا يحتاج كما تقول تسهيلات من ايران وعنده الحليف الدائم في الخليج فهو يريده.. الأمريكي إذا أحاط بك من الشمال والجنوب والشرق فسيظل يطمع في الغرب الى أبد الآبدين.. فما حاجة أمريكة للنفط العربي والمخزون الأمريكي من النفط والثروات الأخرى يتجاوز بكثير النفط العربي؟ هذا يدل على أن الظلم يعيش حالة رعب دائمة من السقوط.. وما حاجة امريكة الى دعم دول صغيرة مثل الكويت وقطر اذا حصلت على دعم دول كالسعودية ومصر؟ مع ذلك تجد هذه الدول تعرض دعمها وتقدمه.. وهو ما لم تفعله ايران، على الأقل ليس بشكل علني فاضح مخزٍ كما فعل العرب، فإذا بليتم بالمعاصي فاستتروا..

وسواء كان الامريكي يريد البقاء في العراق أو يريد الخروج منها فإن مبدأ فرق تسد يظل ساريا فالحرب الأهلية والخلافات الداخلية واشعال حرب الطوائف يشغل العراقيين عن مقاومة الأمريكي وقد قال محمد علي كلاي أن الملاكمة هي لعبة يتفرج فيها البيض على رجلين أسودين يضرب بعضهما بعضا، فمصلحة الامريكي في اشعال حرب داخلية عراقية أوضح من مصلحة الإيراني فيها الإيراني هنا يلعب دور وحش الغابة المستعد لأكلك إن كان أكلك هوسبيله الوحيد للبقاء وعلى هذا أصنف التصريح الذي أوردته للمسؤول السياسي الإيراني، فالايراني أقرب إلي من الاسرائيلي حيث أن الاسرائيلي يعتمد في بقائه على عداوة الولايات المتحدة معي، أما الإيراني فيعتمد في بقائه على انشغال الأمريكي بي، كما أن هناك اتجاه قومي في ايران يضع مصلحة ايران أولا، وهذا من حقهم، ايران أولا.. البعد الإسلامي والمقدسات الإسلامية ثانيا، ثم يأتي باقي العالم، لا أستطيع أن ألوم الإيراني المزنوق بقضية الملف النووي انه يرتاح لانشغال الامريكان عنه بالعرب.. أي طالب لم يذاكر جيدا سيشعر بالراحة لو أن الأستاذ صدمته سيارة وغاب يوم الامتحان الشفوي، ليس لديه بالضروروة موقف او عداوة شخصية مع المدرس لكن مصائب قوم لقوم أحيانا فوائد.. هذه هي طبيعة الحياة وهذا يخلف كليا عن طبيعة عداوتنا مع اسرائيل أو أمريكة ولا يجيز لك أن تعتبر الإيراني عدوا بديلا لهما فهذا تحميل لتضارب المصالح القومية العربية مع المصالح القومية الإيرانية أكثر مما تحتمل لأنه ضد امريكة واسرائيل يظل العربي والايراني في خندق واحد والا اصبح العربي عدو نفسه.