الغالي جعفر علي (f)(f)(f) ، دائما تخجلنا بثناءك الذي لا نستحق ، فلك كل الود .


أهلا بالزميل العزيز رحمة العاملي (f)

أشكرك على موضوعيتك ، ومقاربتك للموضوع بدون تصنيفي في أي خانة ، او موقع محسوب عليه .. أنت ترى أنني التفت إلى اللحظة التي انتهى فيها صدام ، ولا آخذ في تصوري سيرة صدام ، وحكم صدام الذي استمر أكثر من ثلاثين عاما ، وهذا التصور - الذي استنتجته - قد يكون صحيح نسبيا ، ولكن موقفي هذا ليس موقف متعصب يقف مع الشهيد صدام حسين انطلاقا من الفراغ ، بدون إن تكون له مقدمات يُبنى عليها .

صدام بالنسبة لي ديكتاتور عربي - من طينة الحكام العرب جميعا الذين يحكمون الآن - ، له تاريخ دموي لا يمكن إنكاره ! .. و أعي واستوعب تماما لكل هذا الحقد والغضب المتفجر ضده من قبل فئيات في الشعب العراقي انه ليس صادر من فراغ ، أو لا يوجد ما يبرره .. بكل تأكيد هؤلاء - المظلومين - تعرضوا لظلم وقهر يعبرون عنه بكل هذا الحقد والكره ، هذا لا أشك فيه ، ولا يمكن لأي عاقل إن ينفيه ، أن مظالمهم مشروعة ، وقصصهم ليست أفك يفترى .. مع التقرير ان الشهيد صدام حسين لا يمكن ان يتغير رائي فيه كحاكم ديكتاتور مستبد ، وهو في ذلك لا يختلف عن بقية اقرانه الحكام العرب ! .. إلى هنا - يا عزيزي - سوف تجدنا متفقان ، ولعل أحدا - حتى المؤيدين لصدام بالمطلق - لا يختلف معنا في هذا الرأي ، والتوصيف ! .. لكن الكلام اللاحق لهذا الرأي هو الذي نختلف عليه ، وهو سبب المأساة التي يعيشها العراق والمنطقة الآن ، وهو السبب الرئيسي في تفجر النعرة المذهبية ، والطائفية ، في العراق والمنطقة .

استهداف أمريكا للعراق لم يكن من اجل كون العراق يحكم من قبل حاكم مستبد ، وليس من اجل إزاحة ديكتاتور ، و ( إراحة ) الشعب العراقي منه ! .. بل إن هذا الاستهداف يأتي نتيجة لاستغلال وانتهاز رخيص لاعتداء الحادي عشر من سبتمبر من أجل تحقيق أهداف إستراتيجية ، وتوسعية ، هنا ، يصبح صدام مستهدفا بنفس القدر المستهدف به أي عراقي بسيط سنيا كان أم شيعيا ! .. الموقف الحقيقي يقتضي إن يكون صدام ، وعامة العراقيين جنودا لتحقيق هدف بسيط ، وهو مقاومة المحتل ، لكن الذي حدث إن هذا المحتل كان يتمسح بجرائم صدام من اجل كسب طائفة معينة ، وقد نجح في ذلك .

أنا لست متفق مع الشهيد صدام في كل ما فعل ، لكن في المقابل لن أرضى بمحاسبته ، ومن ثم اغتياله ، و( أعدامه ) بواسطة الآخر المحتل ، فالمفترض إن الشهيد صدام جندي مقاوم يصطف مع كل عراقي ( حقيقي ) في مقاومة هذا الآخر المحتل الذي يستهدف باحتلاله الجميع ! .. لكن النتيجة التي حدثت لهذا الاختلاف بين طوائف الشعب العراقي هو سقوط نظام صدام ، لكن بسقوطه هذا فان العراق كدولة ووطن مستقل قد سقط معه ! .. فهل ترضيك ، وتحوز على إعجابك هذه النتيجة ، والقسمة ؟! ..

أذا كان صدام أجرم طوال ثلاثين عاما - كما يُقال ويُزعم - ، فانه للأسف ذهب ضحية قصاص آخرين غير أولئك الضحايا المفترض انه أجرم في حقهم ! .. أم انك قد تصدق إن الذي اعدم صدام هو الشعب العراقي ، والحكومة العراقية ؟!.. الذي اغتال الشهيد صدام هو الذي اسقط العراق تحت حرابه - ببعض الأدوات - ، والشعب العراقي ليس له أي دور في اغتياله إطلاقا ، فهل ترضى بمثل هذا الاغتيال كشيعي لبناني يصطف ويساند حزب الله ( المقاوم ) ..

فالتخنث الفكري الذي تزعم إن البعض مصاب به ، هو هنا حصرا ، ان يقف البعض مع حزب الله مخونا ومزايدا على كل من ينتقده ، لأنه حركة مقاومة مقدسة عن كل عيب وزلل ، لكنه في المقابل يرتضي اغتيال الشهيد صدام عبر الاحتلال الأمريكي للعراق ، - و بالتالي يستكثر على صدام إن يكون شهيد ، أو مقاوم لاحتلال يستهدف بلده - أي كان طبيعة حكمه - .

نعم يا زميلي الصورة الكاملة تقول إن صدام ديكتاتور - مثله مثل الحكام العرب الآخرين - ، لكن تكملة هذه الصورة ترينا انه قد سقط ، واغتيل عبر الحراب الأمريكية الملعونة ، وكانت الأداة فئة من الشعب العراقي تمسحت أمريكا بعواطفهم ، وأطلقت لقواهم المفترسة العنان ! .. وهو بهذا المنظور يظل بالنسبة لي شهيدا ، تُغفر له كل ذنوبه التي قام بها ، لأنه - ببساطة - لم يحاكم عليها .