عندما يثار موضوع الاتصالات السرية بين العراق وإسرائيل، علينا أن نتذكر ما كشفته الدكتورة ميلوري الأكاديمية الأمريكية المتخصصة في شؤون العراق والعالم العربي عن اتصالات مشابهة في أواسط الثمانينات، أي خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث أبدى نظام البعث استعداده لتغيير عباءته السياسية.

كما يجب أن لا يغيب عن بالنا ان نشرة (كورني ريبورت) البريطانية كانت هي الأخرى قد كشفت عن رسالة سرية بعث بها صدام إلى القادة الإسرائيليين يطلب فيها السماح للسفن العراقية المحملة بالسلاح بالرسو في ميناء حيفا أو ميناء النافورة.

علينا ان نتذكر أيضا أن نزار حمدون الذي كان سفيرا للعراق في أمريكا كيف بادر منذ توليه مهامه في واشنطن عام 1982 بإجراء اتصالات منتظمة مع مسؤولين إسرائيليين وشخصيات يهودية نافذة، وقد أثمرت هذه الاتصالات عن عقد لقاء عام 1988 بين وزير الطاقة الإسرائيلي وقتها موشيه شاحال ومسؤول حكومي عراقي كبير لبحث العلاقات الثنائية.

وهناك من يرجع بهذه الاتصالات بين نظام صدام واسرائيل إلى عام 1968، أي منذ الانقلاب العسكري الذي جاء بحزب البعث الى السلطة، حيث ذكر ان المقدم سعدون غيدان قبل تسلمه وزارة الداخلية، قام بالاتصال بالملحق الجوي الإسرائيلي في لندن، وطلب منه دعم وصول النظام للحكم لقاء وعد بسحب القوات العراقية من الأردن. وقد وقع سحبت هذه القوات بالفعل عام 1970.

ان كل هذه الاتصالات وغيرها مما لم يكشف عنها بعد، تدحض المزاعم والشعارات الصاخبة التي ظل يطرق بها صدام آذاننا صباح مساء، وطوال أكثر من 35 عاما من الزمن، عن تحرير فلسطين من الماء إلى الماء !!

وهل نجدنا بحاجة للقول ان اغتيال الكثير من القادة الفلسطينيين في نهاية سبعينات القرن الماضي مثل عز الدين قلق ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس وسعيد حمامي ممثلها في لندن وغيرهما من رموز النضال الفلسطيني في الخارج تم بأيدي المخابرات العراقية وليس على أيدي الموساد.