السلام عليكم

لم يطلب ابن الزبير الأمر لنفسه حين كان الحسين في الحجاز، ولم يطلبه لنفسه إلا بعد أن قتل الحسين في طفوف كربلاء.

ابن الزبير هو أولى الناس بالخلافة بعد الحسين، لأنه دعا لنفسه، وطلب الأمر من أهله، فأعطوه إياه.
الخلافة ليست محصورة في آل بيت رسول الله، ولم يطلبها أحد منهم بهذه الحجة، وليست وراثة، وليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملكا.
الخلافة هي أمر المسلمين، يقدمون من يريدون إماما للصلاة، ويقدمون من يريدون خليفة للمسلمين.
الخلافة هي الوكالة الشرعية عن الأمة بالسياسة، ومعلوم أنه ما من وكالة قسرية، ولا تعقد الوكالة قسرا.

ابن الزبير أخطأ حين افتأت على إمام زمانه علي بن أبي طالب، وقام للطلب بدم المقتول ظلما وعدوانا وبغيا دون المرور عن طريق ولي الأمر.
إلا أننا ما رأينا ابن الزبير قد مال إلى معاوية بعد مقتل أبيه في وادي السباع غيلة وغدرا، ورأينا أن عليا وهو صاحب الأمر قد عفا عنه، ثم إن ابن الزبير لم يبدر منه أي نزاع زمن علي.

ثم رأينا ابن الزبير والحسين في أخريات أيام معاوية مقترنين، يأتيان سوية لمجلس معاوية، فيتحدث ابن الزبير باسمه وباسم الحسين رافضا بيعة يزيد، ويهددان سوية، ويحذر معاوية يزيد من كليهما، ثم يأتيهما الداعي إلى مجلس الوليد والي المدينة ليجدهما في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتسامران، فيشير أحدهما على الآخر، يشير ابن الزبير على الحسين أن الأمر إنما هو للبيعة فليحذر، ويهربان إلى مكة سوية، ثم يخرج الحسين من مكة إلى العراق، ونجد بعض الروايات في ثقل الحسين على ابن الزبير، لله نحتسب أمرنا، وماذا قال ابن الزبير ليظن القوم أن الحسين ثقيل عليه؟ وهل يطمع ابن الزبير بالأمر والحسين حي؟ أبمكة كان أم بالعراق؟
ثم أتى خبر مقتل ابن بنت محمد -إنا لله وإنا إليه راجعون- فطلب ابن الزبير الأمر من أهله، وأعطوه إياه في الحرمين، ثم سير المستبد إليه الجيش فهلك قبل تمام أمره، ثم إن ابن الزبير قد أخذ بيعة الحرمين والشام والعراقين وخراسان ومصر، دون إكراه أو إلجاء، ما خلا الفاسق الخارج حسان بن بحدل الكلبي عامل يزيد على جند الأردن من الشام، والذي أتى بمروان وبنيه وأجلسهم على عرش دمشق قسرا وقهرا.

هل سمعت في سيرة ابن الزبير أنه جموع للأموال بغير حق؟ أم أنه سكير عربيد؟ أم أنه فاسق مارق؟

خروجه على علي هو الخطأ الوحيد المعدود عليه، وبين هذا وولاية ابن الزبير عهد طويل لم يعرف عن ابن الزبير شيء.


مخطئ كل من خرج على ابن الزبير، أو خذله، أو امتنع عن بيعته، أو باع أخاه في العراق، مثل ما أخطأ من خرج على علي أو خذله أو امتنع عن بيعته أو باع ابنه في العراق.

توهين ابن الزبير قوى بني أمية، وشدد أزرهم، وأجلب على الناس حجاجهم.

اللهم ارحم الحسين وابن الزبير واحشرهما شهيدين متآخيين، فما علمناهما إلا شركاء في الثورة على المستبد.

وصل اللهم على النبي الأمي محمد وآله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.