ان المسيحيين في نهايات حكم تركيا للعرب، كانوا قد بدأوا يمارسون دوراً طليعياً في الحياة السياسية العربية، لم يقيض لأي طائفة أخرى ‏أن تقوم به، وقد تمثل هذا الدور بالمحافظة على اللغة العربية أيام هجمة التتريك ، حفظوا كتب التراث العربي في الأديرة، فتحوا المعاهد ‏لتدريس اللغة العربية في كل مكان لا تصله القبضة التركية

منذ منتصف القرن الثامن عشر توالى على مسرح الدعوة دعاة ومريدون، وقد قيض للمسيحيين دون سواهم أن يكونوا البادئين بإطلاق تلك ‏الدعوة لليقظة القومية، وهكذا تجسد اتجاه الدعوة للعروبة في ذلك الوقت فكراً على يد نجيب عازوري وشكري غانم، وكان شعراء الأقلية ‏المسيحية سباقين إلى ذكر الجنس العربي كما في قصيدة إبراهيم اليازجي <<تنبهوا واستفيقوا أيها العرب>>، وهو المطلع الذي صدر به ‏جورج انطونيوس كتابه <<يقظة العرب>>، وها هو ناصيف اليازجي يتقدم لينشئ الجامعة الثقافية للمشروع الاستقلالي اللاحق ويضع ‏قاموساً جامعاً للغة العربية، وما من شك في أن خزانة التراث العربي مليئة بأسماء رواد مسيحيين؛

وأسس جورج انطونيوس جمعية عرفت باسم القحطانية تيمناً باسم قحطان، ورأى جورجي زيدان أن أهلية العرب كبشر لا إسلامهم هي ما ‏يتيح لهم دخول الحضارة، ولاحقاً سوف يفتي مارون عبود في العلمانية شعراً <<سنرقى عندما تربى المدارس على عدد الجوامع ‏والكنائس>>، والى حين أتيح للمسيحيين العرب أن ينتزعوا لأنفسهم كرسياً بطركياً لإنطاكية وسائر المشرق مستقلين عن اليونان، مما ‏عزز ذاتية عربية مشرقية ومستقلة، ترى هل كانت دعوة المسيحيين للعروبة هروباً من إمبراطورية عثمانية أو من إسلام اضطروا ‏مرغمين للعيش في ظله <<أهل ذمة>> طيلة القرون التي حكم بها الإسلام هذا العالم
________________________

بتصرف عن

المسيحيون العرب: الضرورة والدور

هاني حلاوي
السفير 30/9/2004

انتهى
******

للمسيحي العربي دور مهم بل و مهم جدا بالتأكيد على انتمائه للمسيحية و العروبة في نفس الوقت على الأقل بالنسبة لي و من على شاكلتي من معارضي الحلول الشمولية.

إن عزل المسيحين عن العروبة هو قضاء على هذه الهوية الثقافية بين الشمولية الإسلامية من الداخل و النظرة للعرب ككيان ديني واحد من الخارج.

لعب المسيحي العربي دور رياديا في اليسار العربي على مر التاريخ الحديث و أمامه دور هام في الفترة القادمة المشكلة لتاريخ حملة الهوية الثقافية العربية التي لا يجب أن تنحصر في فترة "الفتوحات" الإسلامية.

العالم اليوم يشكل مرحلة ما بعد الحداثة التي لم نعرفها, في ظل صراع ما بين الحضارة و القوة و نرفض نحن إلا أن نكون في موقع الضحية أو المتفرج.

المثقف العربي أمام ثلات خيارات (و من يملك غيرها فليسعفنا):

1. الهجرة (إما للحضارة أو القوة) و الانسلاخ عن الهوية الثقافية الذاتية

2. الانعزال وسط مجتمع لا يحمل المثقف و لا المثقف يحمله

3. الغرق في الركود الثقافي الآسن الذي يفيض في مشرقنا

عندما يصرخ السيحي و يقول هذه ثقافتي و هذه أمتي فانه يحرك المجموع العفن المتكدس بوتيرة متزايدة على أية محولة للنهوض.

عندما يقول المسيحي فلسطين عربية, يتناقض ما في ذهن من شب و لم يعرف جورج حبش عن المسيحيين ووجوب عدم مبادءتهم بالسلام

لست داعيا للقومية العربية, فأنا ضد الخطاب القومي بقدر الديني, لكننا يجب أن نكون أصحاب ثقافة و هوية و إلا تحولنا لمسوخ. و في اعتقادي أن للمسيحي العربي دور هام (و ليس كل الدور) في الحفاظ على الهوية و الاستمرار في تشكيلها