لنفترض أنك عملت بين شعوب بدائية في أفريقيا وكنت أنثروبولوجي تمتلك مهارة علمية وعملية تتابع أنساقهم الإجتماعية وتأثير النزعات البيولوجية على تكوين الثقافة ..ثم تنظر كيف تعمل الثقافة على صياغة الوجدان والنسق الإجتماعي والنسق الإقتصادي ونسق القرابة فيما بينهم ولنفترض أنك ذات صباح مشرق ودافئ خرجت من كوخك وخرقت تنبيهاتهم وتحذيراتهم لك بعدم الخروج في أوساط الغابة بين الحشائش المرتفعة وفجأة وبدون سابق توقع وجدت نفسك أمام أسد هصور ..فماذا ستتوقع ردة فعل هذا الحيوان تجاهك ؟ أولا سوف ينظر إليك بل سوف يعتبرك حيوان وكل الحيوانات تتمثل الإنسان وكأنه واحد منهم أي أنه حيوان مثلهم تماماً ..والحيوان غرائزي أو هو تتكون دوافعه كلها من دوافع بيولوجية (فطرية) وليس لدية أدني معرفة بالدوافع الإجتماعية**المكتسبة التي تعلّمها الإنسان وأستدخلها من الثقافة المحيطة به .. سوف يتعامل معك هذا الأسد أما بوضعك مهاجم للحمى ويتصدى للدفاع بالهجوم عليك وأما أن يعتبرك وجبة مناسبة لمعدته الفارغة وتكون مجرد وليمة لهذا الاسد !

وكا رأيت آنفا الحيوانات لا تتعامل معك إلا من زواية دوافعها الفطرية ..

السلوكية أو النظرية السلوكية تتعامل معك ومع مشكلاتك النفسية وكأنك إنسان بلا عقل أي أنك حيوان مدفوع بدوافع فطرية ولا وجود لتأثير المجتمع والثقافة ولا أعتداد بالتنشئة الإجتماعية ولعلكم قرأتم عن بافلوف وتجاربه على الكلب ومن بعده واطسن اللعين الذي زرع الخوف المرضي في قلب طفل صغير ضحت به والدته الممرضة لكي يجري واطسن تجاربه عليه ولم ترأف به إلا بعد أن أستدخل الخوف في نفسه من كل الحيوانات ذات الفراء وحين حاول واطسن معالجته من الخوف رفضت والدته بحجة أن خزعبلات واطسن تكفي ولم يعد هناك مجال للعب بطفلها وفلذة كبدها ..


* موضوع كتبته قديما

** منبع الإنسانية