عادة ما يبدأ الملحدون تسويق نظرتهم للحياة والكون بالتمسح بأهداب العقلانية وإقحام العقل والحواس البشرية لمحاكمة معتقدات المؤمنين ’ فيثيرون اسئلة تقودهم إلى استنتاج عدم عقلانية فكرة وجود الله سبحانه .

طبعا استهلال الملحدين جدلهم استهلال خاطيء ولذا كانت النتائج التي يصلون إليها باطلة !!إنها تثير اسئلة اكثر من ان تصل لإجابات .
فالأمور العقدية الفطرية كوجود الرب لا يمكن إخضاعها لقوانين العقل ذاك انها أمور روحية لايمكن تفسيرها بمنطق الحواس ولكن يأبى الملاحدة إلا إعمال العقل في أمور ليست من اختصاص العقل !!

فالمؤمن لا يحتاج إلى نظريات فيزيائية أو تنظيرات عقلية لإدراك وجود الله سبحانه (مع ملاحظة انه يمكن ذلك وبشكل منطقي) لكن يبقى الإيمان أمرا غير خاضع لقوانين العقل .

والإيمان مع ذلك هو أقدم العلوم التجريبة على الإطلاق !!!...فبالتجرية البشرية المتواترة الإيمان بوجود الله يبعث على الطمأنينة والسكينة والدين يسد فراغا لا يمكن لأي ماديات سده ...فبالتجربة لإايمان بالدين فطرة بشرية . وإذا نظرنا للأمر من هذا المنطلق (منطلق العلم التجريبي) سنجد ملايين الشهود على مر العصور على صحة نظرية وجود الرب ونظرية فطرية التدين .لكن يأبى الملحد إلا تكذيب كل هؤلاء الشهود لأنه لم يدرك وجود الله بعقله أو بحواسه !!


ومن المتناقضات التي يقع فيها الملاحدة ممارستهم لأمور روحية لايمكن لهم قياسها بالعقل فالحب والانجذاب لشخص معين والكراهية والغيرة والضيق والهم والسعادة والفرح والخوف كلها ممارسات ميتافيزيقية لاتخضع لقوانين العقل ...لكن يتوقف الملحد عن ممارسة الدين كأحد الأمور الروحية التي قد (لا) يمكن إدراكها بالعقل ويعوض ذلك باعتناق دين الإلحاد !!! فهو كإنسان لا يستطيع أن يبقى بلا معتقد .

والملاحدة هم أكثر من يوجه الاسئلة لغيرهم وأكثر من يخضعون معتقدات غيرهم للنقد لكنهم لا يمتلكون إجابات محددة عن سبب اعتناقهم للإلحاد إلا عن طريق نفي المنطق عن معتقدات غيرهم فمشروعية الإلحاد تقوم أساسا على نزع المشروعية والمنطق عن غيره فهو الطريق الاسهل لعدم قدرة العقل على التعاطي مع الروح .والملحد يحاول قسرا اخضاع روحه لاحكام العقل .. ويقوم بقمع فطرة الايمان بوجود الله بقوانين العقل بينما لايمارس هذا القمع على بقية ممارساته الغريزية الفطرية أو حتى مشاعره التي لايمكنه حتى هو تفسيرها بالعقل .


المشكلة ان الملحد يعاني من ترهل في الجانب المادي يقابله ضمور في الجانب الروحي ...ومع ذلك يظل الجانب الروحي يمارس دوره حتى عند الملحد الذي قد يشعر بانجذاب غريب لشخص معين دون ان يدرك بحواسه او عقله سر هذا الانجذاب وقد يشعر هذا الملحد بحزن لايمكن ايضا تفسيره لا بالعقل ولا بالمنطق ...لكن تبقى حقيقة وجود الله كشعور فطري (ممارسة روحية مثلها مثل الحب ) تبقى غير مقبولة من الملحد .

وقد أثبتت التجارب البشرية المتواترة ان الانسان في لحظة ما عند الشعور بالعجز وعندما توصد كل الأبواب في وجهه وتتقطع به السبل ويشارف على الهلاك تنطق فطرته باسم الرب سبحانه فالمسلم ينادي الله والمسيحي يدعو يسوع والهندوس ينادون بوذا وحتى الملحد يشعر بالنداء في اعماق روحه وقد ينطق به لسانه بلا شعور وقد يبقى النداء حبيس روحه يجول مستصرخا فطرته كبشر فالإنسان لم يخترع الحب ولا الدين .

والله تعالى أعلم