كنت أكتب قبلا عن الليبرالية ( ونسميها هكذا مجازا ) أنها لا تعرف حقيبة من ستحمل ، واليوم أضيف : ولا تعرف أيضا في مخدع أي عاشق ستنام .. لكنها بكل الحالات تثبت أنها (( عاهرة )) قطاع عام تمنح قبلتها لمن يشتهيها .

ليس العيب بالليبرالية ، لكن في واقع الحال فقد أثبتت التجربة بعد التجربة أن " المفكر " إبن مجتمعه وليس ابن الفكر الذي ينتمي إليه ، أو الذي يعتقد أنه ينتمي اليه ، أو الذي (( يتبجح )) بأنه ينتمي إليه .. فالإسلامي السوري لا يشبه المصري لا يشبه السعودة ولا يشبه الأمريكي ، والليبرالي السوري لا يشبه المصري لا يشبه السعودي ولا يشبه الأمريكي أيضا .. فالزعيم السياسي لليبرالية الأمريكية جون كيري الذي لم يخجل في أن يعبر عن نفسه بأنه (( كاثوليكي محافظ )) وينتمي إلى أسرة كاثوليكية محافظة ، سوف يتردد آلاف المرات في اعلان هكذا موقف لو كان ليبراليا عربيا .. هذا على الرغم من أن الليبرالية العربية ( أو التي تعتقد بأنها ليبرالية ) ليست أكثر من ملجأ لشذاذ الآفاق والمنبوذين والطائفيين وأصحاب الحاجات الخاصة والأحلام الضيقة ، وليست أكثر من شعار قذر على جدار أكثر قذارة صار مع الوقت جدارا يتبول عليه من يشاء بإسم الحرية والليبرالية .

وسوف لن أخرج عن حدود هذا النادي الذي يسوق لنفسه على أنه ( وكرا ) لليبرالية العربية .. فقبل عامين وقبل سقوط بغداد ، وفي رصد سريع لمواقف أصحاب الإتجاهات والأفكار من الحرب ، فإننا سنكتشف أن أكثرهم تطرفا في تأييدهم للحرب ونتائجها كيفما كانت هم (( الطائفيون والشعوبيون )) وأصحاب الحاجات الضيقة .

على أن نتائج الحرب لم تشذ عن أحلامهم ، فقد جاءت بالفعل شعوبية وطائفية تماما كما حلموا بها ... لكنها – بكل تأكيد – لم تأت لا ليبرالية ولا طائفية ، بل أدخلت العراق في فوضى أمنية وطائفية سوف لن تنتهي إلا كما انتهى إليه لبنان .. وقتل في عامين أكثر من 100 ألف عراقي مات معظمهم بأسلحة أمريكية " ذكية " .. إذا : لم يكن الإنسان ولا الليبرالية ولا الديموقراطية في أولويات الليبرالية والعربية !!.

الآن .. يعتقد - مجرد اعتقاد - أن تحالفا ما ستعقده أمريكا مع الإسلاميين السنة على نحو ما تم سابقا في أفغانستان .. وألأمر – باعتقادي – ليس جديدا ولا غريبا .
وقتها كانت الآية معكوسة قليلا ، وكانت أمريكا تسوق للاسلام السني على أنه اسلام السلام والوئام ، وتسوق للاسلام الشيعي على أنه منبع الإرهاب والتطرف كما عبر عن ذلك جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكي اليميني المتطرف في حينها .

ولو صح هذا الإعتقاد ولست أراه إلا صحيحا وها قد بدأت دلائله بالظهور .. فأين ستقف الليبرالية العربية حبيبة الأقليات وعدوة الثيوقراط الديني ؟
هل ستعود لهز أردافها أمام الحملة الأمريكية على سوريا – مثلا – كما هزت أردافها أمام خيول الله التي تحارب الشيوعية في أفغانستان وعمائم التظلم التاريخي واللطميات في العراق ؟.
هل ستعود للتبجح بحقوق الأغلبية المهدرة في سوريا تماما كتبجحها بحقوق الأغلبية الشيعية في العراق ؟
وماذا عن الأقليات ؟
هل ستسكت – كما سكتت صاغرة – عن حقوق الأقليات العراقية التي وجدت نفسها خارج المنظمومة تماما ؟
وهل ستعود للتباكي على حقوق المرأة بعد أن آل الأمر للعمائم ؟!

أين تقف الليبرالية العربية فعلا ، وهل هي تعبير صحيح عن الليبرالية أم أنها مجرد (( حمار )) لا يعرف حقيبة من سيحمل ، وعاهرة قطاع عام لا تعرف من مخدع من ستخرج ؟

لا بل ..
هل نحن نتحدث عن ليبرالية فعلا ؟؟!!

كنا نقول ان الدين والسياسة تحالف قذر .. وسنقول الآن أن الأكثر قذارة هو تحالف الدين .. والسياسية .. والليبرالية !!.

:wr: