بمكيدة من قتل عمر بن الخطاب ؟ يا طالب الثارات
من كتاب (الامام الحسين ) للشيخ عبدالله العلايلي ابرز علماء اهل السنة واعلمهم في لبنان ابان السبعينات .
يقول الشيخ العلايلي في ص 27 من كتاب حياة الحسين (ع)ما حرفيته :(وبهذا يفسر تشجيع حياة المجون في المدينة بلد الرسول الاعظم صلوات الله عليه ,من جانب الامويين الى حد الاباحية فقد كان خاضعا لسياسة مقصودة وقد اثبت في موضوع لي عن حياة عمر بن ابي ربيعة وشعره ان الامويين استأجروا طوائف من المغنين والمخنثين من بينهم ابن ابي ربيعة لاجل ان يمسحوا عاصمتي الدين مكة والمدينة بمسحة لا تليق بهما ولا تجعلهما صالحتين للزعامة الدينية وبذلك يكون لهما مركز ثانوي في محيط الحركة الاسلامية ,ولقد نجحوا كثيرا .حتى قال الاصمعي دخلت المدينة فما وجدت فيها الا المخنثين ورجلا يضع الاخبار ).
من هو هذا الرجل ولماذا اخفاه الاصمعي ؟
وبعد ان يستعرض حال المدينة في عصر بني امية يقول في صفحة 31 ما نصه :
الحزب الاموي كاد للنبي (ص)ولدعوته وعرفنا كيف اسلم زعيم الاموية ابو سفيان وعرفنا كيف لم يبق للامويين اي مقام اعتباري في محيط الاسلام الذي كان ظهوره فوزا وغلبة للهاشميين فعملوا في ظل الدين على التمهيد لانفسهم والاستئثار بالسلطة وقد وجدوا في ولاية يزيد ابن ابي سفيان وولاية معاوية من بعده على الشام ,خطوة اولى يستطيعون ان يثبتوا اقدامهم من بعدها ووجدوا فرصة سانحة للقيام بعمل خطير ,ففكروا باغتيال عمر بن الخطاب الخليفة الصالح .وكذلك اغتالوه بيد فارسي يبرد حفيظته ويشفي غليله ,وما كانوا يجدون ابدا من يقوم بعمل اجرامي من هذا النوع موجها الى شخص الخليفة عمر سوى هذا الفارسي بطبيعة الحال .
ومن ثم يظهر ان اغتيال عمر لم يكن بفكرة فارسية ابدا.
وانما هو اقرب الظنون من حيث كانت الفتوح الكبيرة في فارس في عهد عمر ,ومن حيث تم هذا القتل بيد الفارسي .
بيد انه يعلل بعض اطراف القضية ويترك مواضع هامة فيها تحتاج الى تعليل وتحمل على التساؤل من مثل :لماذا اجتهد المغيرة بادخال هذا الفارسي المدينة مع علمه بمنع عمر من ذلك ؟
وبماذا نفسر هذه المصادفة في ان يكون قاتل عمر غلام المغيرة الذي هو اموي الرأي والهوى ؟
الى اشياء كثيرة لا يتسع الموضوع لها ,وانما اقول (والقول للشيخ العلايلي ):في جملة ما اود اثباته ان قتل عمر لم يكن وليدة فكرة فارسية مدبرة وانما كان وليد فكرة موضعية خالصة واموية بحتة .
فقد كان هناك حزب اموي سري ينضوي تحت لوائه عدد عديد وهذا ما يفسر لين عثمان الشديد مع فئة بعينها وطائفة من الناس مخصوصة ,ولا اظن شيئا مما توهمه المؤرخون حقيقيا من ان هذا راجع الى طبيعة اللين عنده مع اهله وذوي قرابته وانما الحقيقة انه لم يكن يميل لينا ولا ضعفا ولكن حزبية فقط.
انتهت فقرة الشيخ العلايلي .
ولا بد من ربط الاحداث التاريخية ببعضها البعض كي لا نضيع السياق العام للاحداث وذلك بتحليلها بدأ من السقيفة وتعيين الولاة .
ان سلمنا جدلا بأن ما حدث في السقيفة بعد وفاة الرسول الاكرم (صل)كان شرعيا ,وان لم يكن هناك ما يدل على شرعيته شرعا وعقلا , فلماذا ابتدأابو بكر يتعيين الولاة وامراء الجند من بني امية وحزبهم اولا فاختار سعيد ابن العاص الذي عارض عمر ابن الخطاب توليته لانه كما صرح بميله الى علي (ع)وتأخر عن بيعة ابي بكر شهرين فما كان من ابي بكر الا عزله وتعيين يزيد بن ابي سفيان مكانه وانتدب مع يزيد اخاه معاوية وسهيل بن عمرو . ثم عين بعد ذلك عمر بن العاص على فلسطين واختار الوليد بن ابي معيط على الاردن واختار خالد ابن الوليد على الجند كله وعينه اميرا على فتوح العراق .
راحع الكامل في التاريخ ج2ص402-403-405-406-421-
والبداية والنهاية ج7
السؤال ؟
ماذا كان لعمر من دور في تعيين هؤلاء
ولماذا رضي ابو سفيان على هذا التعيين
لماذا استبعد الانصار عن التعيين
لماذا خالف ابو بكر سنة النبي (ص)في عدم تعيين الطلقاء وابنائهم
لماذا حصرت قيادة جيوش المسلمين ببني امية ورجالهم دون غيرهم فيما ابعد الانصار .
وغيب بني هاشم بالكلية عن اي موضوع يخص امر التعيينات عدا عن سلب حقهم الطبيعي .
ولماذا قتل سعد ابن عبادة وكيف قتل ومن قتله بعد اعتراضاته على تعيينات ابي بكر وعمر .
قالوا قتلته الجن وهو يبول !!!
هذه الاسئلة ليس لها الا جواب واحد, واذا اضفنا الى ذلك كله غصب فدك من فاطمة (ع).
لان افضل حلف يمكن ان يواجه بني هاشم في حال قيامهم للمطالبة بحقهم هو حلف بني امية وهذه الحقيقة ادركها عمر قبل ابو بكر لهذا ابعد كل من له علاقة ببني هاشم وبعلي (ع)تحديدا عن قيادات الجيش في عهد ابي بكر وعمر ناهيك عن عهد عثمان .
وربما كانت رسالة معاوية الى محمد ابن ابي بكر خير كاشف عن سياسة الاحتواء والاغتصاب التي اتبعت في عهد ابي بكر وعمر الى عهد عثمان ,وهذا هو نص الرسالة كما اثبتها المسعودي في مروج الذهب ج2 ص315-316
(من معاوية بن صخر الى الزاري على ابيه محمد ابن ابي بكر اما بعد فقد اتاني كتابك تذكر ما الله واهله في عظمته وقدرته وسلطانه ,وما اصفى به رسول الله(صل) مع كلام كثير لك فيه تضعيف ,ولابيك فيه تعنيف ,ذكرت فيه فضل ابن ابي طالب ,وقديم سوابقه وقرابته الى رسول الله (صل),ومواساته اياه في كل هول وخوف فكان احتجاجك عليّ وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك .
فاحمد ربا صرف هذا الفضل عنك وجعله لغيرك .
فقد كنا وابوك فينا نعرف فضل ابن ابي طالب وحقه لازما لنا مبرورا علينا .
فلما اختار الله لنبيه (صل)ما عنده واتم وعده واظهر دعوته فابلج حجنه وقبضه اليه (صل).
كان ابوك والفاروق اول من ابتزه حقه وخالفه على امره على ذلك اتفقا واتسقا ,ثم انهما دعواه الى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما فهما به الهموم وارادا به العظيم .(اي بعلي ابن ابي طالب ).
ثم انه بايع لهما واسلم لهما واقاما لا يشركانه في امرهما ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما الله ثم قام ثالثهما عثمان فهدي بهديهما وسار بسيرهما, فعبته انت وصاحبك حتى طمع فيه الاقاصي من اهل المعاصي فطلبتما له الغوائل واظهرتما عداوتكما حتى بلغتما مناكما .
فان يك ما نحن عليه صوابا فابوك استبد به ونحن شركاؤه , ولولا ما فعل ابوك من قبل ما خالفنا ابن ابي طالب ولسلمنا اليه .
ولكنا رأينا اباك فعل ذلك به من قبلنا فاخذنا بمثله .
فعب اباك بما بدا لك او دع ,والسلام على من اناب )
هذه الرسالة من معاوية مهما قيل فيها من حيل للدفاع واكتساب القضية لكنها كاشفة عن حقيقة جوهرية لخلافة ابي بكر وعمر القائمة على اغتصاب الحق من اهله وهي سابقة سهلت الى يومنا هذا لكل صاحب مطمع طمعه تحت شعار الشورى والديمقراطية واجتماع الجماعة ليس بالمزاحمة بل بالمواثبة والمعالنة وانتزاع الحق من اهله بأي وسيلة من الوسائل التي كانت ايضا سببا لقتل عمر بعد ذلك بدسيسة ومؤامرة من بني امية استعمل خلالها واستغل حقد غلام المغيرة على عمر ابن الخطاب
واضافة الى ذلك فالرسالة كاشفة عن ادانة معاوية لعثمان في اغتصاب الحق فلم يعدهناك مبرر من معاوية ليقول لمحمد ابن ابي بكر (فعبته انت وصاحبك )لانه لم تعد له صفة الادانة بل صفة الجزاء .
ومع كل جرى مع عمر ابن الخطاب ادرك قبل اغتياله خطورة الحزب الاموي فحاول ان يظهر ودا تجاه علي بن ابي طالب (ع)من خلال تعيين واستعمال عمار وسلمان على الكوفة والمدائن رغم دعوتهم الى امامة علي (ع)جهرة .
لكن مشكلة ابن الخطاب هي علمه ان علي (ع)لم ينسى حقه الاساسي والشرعي بالخلافة مما ابقى الحظر قائما على بني هاشم ,مع محاولات عمر استمالة علي (ع)الى حزبه التي ظهرت هذه المحاولات في طيات كلامه , كقوله اقضانا علي ,ووالله لولا سيفه لما قام عمود الاسلام وهو بعد اقضى الامة وذو سابقتها وذو شرفها .
وعندما طولب عمر بعد كلامه هذا , بقول احدهم (فما منعكم عنه )اي توليته قال :التمس لذلك ما رءاه عذرا ولم يجحد حقه.
حتى ان عمر احيانا كثيرة كان يأمر اصحاب المسائل بالرجوع الى علي (ع) رغم خلاف علي (ع) مع عمر على كثير من القضايا الشرعية والسياسية والمالية والادارية .
هذه الظاهرة في سياسة عمر تجاه الامام علي (ع)قبل مقتله هي السبب الرئيسي والوحيد الذي ادى الى اغتياله بتدبير من بني امية وتواطىء المغيرة وكعب الاحبار اذ طنوا انه سينقل الخلافة الى علي (ع).
والراجح ان عمر اوصى بشورة الستة مع علمه انها صائرة الى عثمان وذلك حفظا لاهل بيته من مكر بني امية وهو الذي كان يسمع ابو سفيان يردد ويقول (يا بني امية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به ابو سفيان ما زلت ارجوها لكم ولتصيرن الى صبيانكم وراثة )وكلمة (ما زلت ارجوها لكم,ولتصيرن الى صبيامكم ) تدل دلالة واضحة على وجود (اللوبي الاموي ) وعمله تحت سر الخفاء والا فبأي سبب كان يرجو الخلافة ابو سفيان لبني امية, وهم ليسوا بأهل سابقة في الاسلام وليس لديهم سوى عدائهم الدائم لرسول الله (ص)وبني عبد المطلب عموما اضافة الى فشل عمر في تشكيل جبهة سياسية عريضة له خاصة اذ لم يكن لديه من الخلص الا ابو موسى الاشعري ,حتى شريح القاضي رغم قربه من عمر كان مع مصالحه ويتبع (سياسة مع الواقف)والتيارات الاخرى موزعة بين بني امية وبني هاشم تيار طلحة وعائشة والزبير وهذا ما يفسر فتك بني امية بالانصار وذلك لقربهم من تيار بني هاشم الذي هو تيار الرسول (صل)بالاصل الذي كان يضم ايضا بعض كبار الصحابة وعمل في دائرة الضوء واجتهد في تقويم الاعوجاج في سياسة الخلفاء مما ترك اثارا مؤلمة على بعض افراده كأبو ذر وعمار والمقداد وحجر وجابر الانصاري وابو ايوب وسلمان .
اما تيار طلحة والزبير فقد قام على عصبية شخصية بسبب ما منيا به من فشل في الانتخاب وكان يضم في صفوفه الناقمين على سياسة عثمان وغطاءه الوحيد كان السيدة عائشة . ولكن مشكلة هذا التيار انه استغل عداءه لعلي (ع)لحساب التيار الاموي بطريقة غبية جدا .
واذا عرفنا ان المغيرة بن شعبة كان مع بني امية قلبا وقالبا وعرفنا ان قاتل عمر هو غلامه احضره من المدائن رغم معارضة عمر تتوضح لدينا قضية مترتبة الحلقات متوالية الوقائع ادت الى اغتيال عمر ابن الخطاب بمكيدة بني امية .
خصوصا وان المغيرة يؤكد بعد ذلك لمعاوية اخلاصه عندما ولاه فذكره بأنه قد جربه في امر اعظم من الولاية في المدينة قبل ذلك لكن المغيرة لم يفصح عن هذا الامر العظيم .
وهل هناك امر اعظم من قتل عمر عند المغيرة ومعاوية !!!
|