الأنتخابات اللبنانية....الكثير من النقاط على الحروف..



أنتهى الماراثون الديمقراطي في لبنان و أنتى معه آخر "ويك أند" أنتخابي و من المفروض أن يكون المشهد هذا الصباح مختلفا عن مشاهد الصباحات الكثيرة التي سبقته.و يحق لكل "جماعة" أنتخابية أن "تقرش" الفاتورة لتقارن بين حساب "الحقلة" و حساب "البيدر".ولا يجب أن يأخذ الأمر منها وقتا كثيرا لتضيعة لأن الجولة التالية أصبحت حقيقة بأنتهاء الأولى , و أذا كان "النضال" في الجولة الأولى يتجلى في "تزييت" الماكينة الأنتخابية لتتمكن من "حصاد" الأصوات فأن "النضال" في الجولة الثانية سيكون مباشرة من تحت القبة و من فوق منصة التشريع.و أحب هنا أن أقرأ قليلا مما حصل.

تواجد الطائفة كان حاضرا و الخطاب الطائفي كان موجودا ولو أختلفت لهجته ولكنه حمل ذات التأثير العاطفي, و تلمس ذات الأحساس عند الناخب . أنعكس هذا بشكل واضح في تقدم الرموز الطائفية و" شدوا" معهم من ارادوا تحت مسمى كالح دعوه "القائمة" . تسمية من هذا النوع لا تقوم لها قائمة بأعتبارها مجرد تمشيط لحى نحو الأسفل فحسب.فتحالف العماد عون مع فرنجية في الشمال و تحالف عون مع المر في الوسط لا يمكن أن يخرج من أطار الأتفاق المسيحي المسيحي , رغم أني أعتبر أن توجه العماد عون وطني خالص ولكن حقل الأستقطاب الطائفي أكبر بكثير من طاقته الوطنيه فوجد نفسة بأرادة أو بغيرها مشدود ليكرس نفسة زعيما مسيحيا مارونيا على وجه الدقه و هو كان يخوض الأنتخابات بعين واحدة لأن عينه الثانية كانت ترقب منافسيه على منصب الرئيس الذين كانوا يتساقطون واحدا بعد الآخر. وهو نجح الى حد بعيد في تكريس نفسة زعيما مارونيا و كأن هذه الأنتخابات كانت الفصل الختامي لما سمي "بحرب الإلغاء" , ولن ألوم العماد على سلوكه .فماذا تنفع وطنيته أمام نص صريح يقول أن الرئيس يجب أن يكون طائفيا ولا أتوقع أن يكون العماد ملكيا أكثر من الملك.

تحالف جنبلاط و القوات اللبنانية تبدو "الفشخره" الأنتخابية واضحة فيه نظرا للأرث المخزي الذي يحمله هذين الفصيلين من بقايا الحرب الأهلية.و جنبلاط يعرف أن المسيحيين الذين سينجحون على قائمته سيتوقفون عن أعتبار نفسهم على قائمته بعد ظهور الأنتخابات مباشرة و للأسباب الطائفية نفسها و هو فضل القوات ليعادل الخصومة التي أظهرها له العماد في لحظة وصوله من منفاه.و ليبدو أكثر وطنية و أنفتاحا على المصالحه الوطنية و حلفا من هذا النوع سيؤمن له شيئا من هذا و لكن جنبلاط لم "تظبط"ححسبته كما يريد فنام يوم الأحد على مقولته الأثيره "ليرحل لحود" ليستيقظ يوم الأثنين على مقولة أخرى مختلفة "لحنا" و تو زيعا" مما يوحي أن مستشارية المقربين "علي حمادة" و يحيى العريضي" " شاطرين بصف الحكي" ليس ألا "و ربما يجب عليه أن يفكر بجديه بتغييرهما ا.طبعا لم ينته المولد حزينا بالكامل بالنسبة لجنبلاط فهو على الأقل وجه "صفعة" مؤلمه لغريمه الأرسلاني طلال بعد أن تغلب عليه في لقاء "الدربي" في الجولة الثالثة.و ربما ساهم تلفزيون المستقبل الذي تحول الى مجرد "بوق مناحة و أستفزاز" في سقوطه بعد أن بث قبل يومين من أنتخابات الجبل خطابا لطلال يقول فيه بكل فخر بأنه جندي في جيش الأسد.و بما أن الأسد و جيشه اصبحا خارج أعتبارات الجميع أصبح طلال "أوت" أيضا.تشكيك أخير أريد أن ابديه بشأن تواجد القوات اللبنانية كقوه سياسية و هذه القوات كانت أحدى إفرازات الحرب الأهلية المباشرة بأهدافها و سلوكها و لا يوجد مبرر واحد لتبقى بشكلها و اسمها القديم.الطريف أن حصولها على بعض المقاعد كان بفضل اصوات المسلمين من دروز الجبل و سنة الشمال و هي مفارقة لا تخفف من الزخم الطائفي الكبير الذي رافق الأنتخابات من أولها الى أخرها.

تيار المستقبل خاض انتخاباته و هو يلوك "نفس العلكة".و بنفس "موتور" ذو رتم محدد يحمل في طياته الكثير من أرث الأنتقام العربي . و النظرة أحادية الأتجاه التي تتلخص في المبدأ التالي : "لست معي فأنت قتلت الحريري" أعتمد في نجاحه الملحوظ على الطوفان العاطفي الذي ترافق مع أغتيال الحريري و ماكينه أنتخابية مهولة ا قوامها ألاف الأشخاص و ملايين الدولارات.و هذا التيار بالذات أوجد للسنة كيان سياسي داخل مجموعة الكيانات الأخرى و هي مهمة "سافلة" قام بها هذا التيار و قد كان أكبر فخر لسنة لبنان أنهم و الى حد بعيد كانوا خارج اطار الحرب اللبنانية و ليس لهم حزب أو حركة تجمعهم.و تحالف تيار الحريري مع حزب الله هو تحصيل لحاصل فلو خاض مرشيهم الأنتخابات على قوائم منفصلة لحصلنا على نفس النتيجة و هذا ما يعرفه الطرفان فتحالف أعلامي قبل الأنتخابات أفضل من لا شيء.و يبدو أن منصب رئيس الوزراء محسوم لصالح آل الحريري أو أحد من يسير بركابهم كتنيجة أنتخابية في مقام و كتعويض مادي من أغتيال الحريري في مقام آخر.و تأكد بعد هذه الأنتخابات أن "بيت" الحريري أضيف الى البيوتات السياسية الموجوده و قد أعتمد على سياسة التوريث و هي تقليد مأثور في كل المنطقة و لا يقتصر على آل الأسد فقط.

الشيعة بوجهها المتمثل بحزب الله ووجهها الآخر المتمثل بحركة أمل بدت كالماء الراكد أو كاللاعب الحيادي و هي ضامنه لمواقعها السابقة فلم تصد اي فصيل أراد الدخول في أحلاف معها فكانوا حلفاء جنبلاط و المستقبل في مكان و حلفاء عون في مكان آخر و حلفاء انفسهم في كل الأمكنه.ولكن حملتهم شابها توجس و خوف من تبعات القرارا 1559 و ظهور بوادر كثيره تدل على أن المسيحيين برمتهم ينوون المضي قدما في تنفيذ القرار و الخاص بنزع سلاح حزب الله و ربما تساعد مثل هذه النظره الى تعميق فرز الطائفة و العودة بالأمور الى الوراء كثيرا.و يبدو موقع رئيس البرلمان محسوم الى الرئيس الحالي نبيه بري.

خرج الرئيس لحود جذلا من هذا المولد و بدا فرحه واضحا عندما أدلى بصوته وهو يرتدي "تي شيرت" أخضر اللون من أنتاج الشركة الفرنسية "لاكوست" وقد علت سحنه أثار أحمرار مما تخلفة حرارة الشمس وربما كان يستمتع بحمام شمسي في اليوم الذي سبق الأنتخابات ولم يستطع أن يكتم ابتسامته العريضه و هو يؤكد "بالفم المليان" بأنه سيبقى في منصبه الى آخر لحظه.و قد اضيف عبارة صغيرة "أذا سمح له العماد عون" و يبدو أن عون سيسمح له وربما تكون فرصته الذهبيه ليتربع على عرش الرئاسة طوال فترة مجلس النواب القادم وهو لا يعرف ما ستفرز الأيام ولكنه على الأقل يضمن لنفسه المرور من المجلس الحالي ولو بعد ثلاث سنوات.

أن صح تدخل رجال امن سوريين في الأنتخابات فهي حتما ستكون ذات نتائج محدودة جدا و في مناطق ضيقة و لا يمكن أن تؤثر على المسار العام و النتيجة النهائية لها.و لكن المؤكد أن الأتهامات المتبادلة بشراء الصوات ليس ليست مجرد أتهامات و قد تكون استخدمت على نطاق واسع و أن لم يكن بشكل مباشر.و الشيء الملفت للنظر أستخدام أسلوب دعائي قل نظيره في كل أنتخابات الدنيا. و هو القفص الزجاجي المضاد للرصاص.

أذا كان من المؤكد بقاء بري كرئيس للبرلمان و من شبه المؤكد ذهاب منصب رئيس الوزراء الى سعد الحريري أو أحد أعوانه فإن منصب الرئيس قد يبقى بحوزه لحود الى أن ينتهي موعد التمديد, فمن غير المؤكد أن ثلاثة أرباع البرلمان ستصوت على أقصائه و هذا ما يدركة جنبلاط لذلك تراجع عن اصراره على رحيله و هو أصرار يعكس مزاج ذاتي خاص بجنبلاط وليس له علاقه بالمزاج الوطني الذي يدعيه . الترويكا المقترحه للحكم في الفتره المقبله " بري,الحريري,لحود" هي ذات الترويكا التي حكمت لبنان خلال السنوات الخمس السابقه مما يعطي عنوانا لسياسة المرحلة القادمة يقول " تيتي تيتي".فلم يبدر عن كل الهيلمان الذي حصل تغيير يذكر و أذا ما اضفنا أليه نتيجة التحقيق الهامة و التي تقول أن الأنفجار الذي أودى بالحريري جرى بسياره مفخخة الأمر الذي لا يمكن فصله عن نتيجة الأنتخابات فكل هذه المعطيات ستقود اللبناني مرة أخرى للوقع في حضن جديد و قد يكون حضنا قديما.