السلام للجميع :


قامت قيامة العرب ولم تقعد عندما نشر الاعلام الغربى صور صدام وهو تحت الفحص الطبى مستسلما لانامل الطبيب التى لم تترك شبرا فى جسد الرفيق الا وتحسسته وجسته وفتشت فيه ونقبت لعل تجد سيبلا الى اسلحة الدمار السابق فى ملجأها الاخير ..

وقامت قبلها قيامة العرب وايضا لم تقعد عندما نشر الاعلام صور القبض على صدام وكيف تم سحبه من الحفرة التى كانت ملجأه ومخبأه ساعة الشدة ..

ولاتزال قيامة العرب قائمة لم تقعد بعد واخذت هذه المرة بعدا لغويا وفكريا جديدا فصرنا نسمع كلمات مثل القانون الدولى ومعاهدة جينيف وجنوى ولاهاى وجزر القمر والسيادة والحصانة والعدالة وغيرها من مختلف المصطلحات الغريبة عن ثقافة العرب فيما يخص سقوط او اسقاط الحكومات ..

فقد تعودنا منذ تاريخنا الاول ان الحكومات لاتسقط بسبل اختيارية او ديمقراطية وانما بسبل اخرى فمن القتل بالشباشب والقباقيب الى سمل العيون وقطع الرقاب والخازوق والشنق والسم والرمى بالرصاص والسحل فى الشوارع والتمثيل بجثث الزعامات والرموز العربية ... ولم يكن ليشكو احد او يتشكى والكل راض .
فكيف حدث هذا التحول الغريب فجأة وصار العرب حكماء يتحدثون عن حقوق الانسان وكانهم هم من اشرفوا على ولادة الفكرة وصياغة الميثاق ويتحدثون عن القانون وكانما حمورابى قد بعث من جديد ببذلة ارمانى يتحدث فصيح اللغات ويحاجج باخر الصيحات فى بنود القانون الدولي ... وكل هذا لان صدام لم يعامل كما يفترض ان يعامل اى رئيس عربى قد اسقط واطيح به ..

فاين السحل وان الضرب واين الاعدامات المتتالية والتمثيل بالجثث ؟ كيف اختفت هذه المشاهد وهل يعقل ان يظل رئيس عربى رهين الاعتقال طيلة هذه المدة دونما تعذيب على الاقل ... ها بل طالت مدة الحبس واستطالت والانكى والادهى والاشد والامر ان لديه هيئة دفاع قانونية عربية فى اغلبها وان كان هناك ايضا محامون من جنسيات اخرى ...وهم جاهزون للدفاع عن حبيبهم حتى اخر ريشة .

فبعد السقوط المريع لبغداد
كانت مشاهد السحل مقصورة فقط على بضعة تماثيل للرفيق.
وكل عمليات الضرب والتعذيب لم تنل سوى صوره وجدارياته التى كانت يصطبح عليها المواطن العراقى ويمسى والذى ولو كان يدرى انها فى يوم من الايام ستكون نهبا للايدى والاقدام ومبصقة للصغير والكبير لطالب بالمزيد والمزيد منها ليتسنى له ان يعبر عن ما يحمله من حب وتقدير للرفيق القائد !!

مالذى جرى لثقافة السحل؟
هى ثقافة برسم الجمود لا التلاشى حيث تنتظر اللحظة المناسبة للخروج والعودة المظفرة ...
احد الزملاء هنا كانت اجمل احلامه واشدها رومانسية .خروج الاحتلال وعودة صدام والبعث ورؤية الروؤس تتساقط والسحل شغال على ودنه ..

يا سلام

رغم انك تجده فى زاوية اخرى رجلا حكيم هادئا ...الا ان ثقافة السحل مغروسة فى اعماقه مثلما هى مغروسة فى اعماقنا جميعا .

.ولااخفيكم كم من الخيالات التى داعبتنى بمشهد صدام معلقا من خصيتيه فى احد ميادين بغداد حيث الغادى يبصق والقادم يبصق قبل ان يحال الى شياطين الاسفلت لتقوم بمسح الشوارع بجثته الكريمة ثم يلقى الى احد مقالب الزبالة حيث مكانه الطبيعى ...


لقد ضايقتنى وازعجتنى هذه الخيالات اذ كيف يبلغ الانسان هذه الدرجة من التوحش والسادية ؟

فثقافة السحل لاتزال تداعب مخيلتى فى كل يوم اسمع فيه تصايح هؤلاء وشفقتهم الغريبة على الرفيق القائد صدام رغم انه لم يجلب على شعبه سوى الدمار والخراب ورغم ان العراق لم يكن يوما واحة الديمقراطية الغناء وكانت كل انجازاته حروبه مع ايران وغزو الكويت كاحد اهم الانجازات العربية والانسانية فى تاريخ المنطقة الحديث ...
وبالطبع هى انجازات هامة كان للسحل دور كبير وربما لهذا السبب تصامم هؤلاء المتصايحون عن المشهد حيث انه مشهد عربى صميم
اعدامات فى شوارع الكويت والتعئيب والخطف والاغتصابات والسرقة وكل ما له علاقة بتبعات سقوط الانظمة العربية ...

فهل من سبيل للنجاه ؟

لا اعرف اذا كان الفرصة سانحة اليوم للخروج من ذاك الثوب القبيح والايمان حقيقة بالقانون وبالانسان .
فقد اختلطت الامور بشكل يجعلنى عاجزا على ان افكك افكارى وافصلها بشكل تام عن الاحداث المعاصرة فكيف لى ان احترم القانون الذى تدوسه دول كبرى فى كل يوم وكيف لى ان اؤمن بعدالة وهناك معتقلون فى الولايات المتحدة قد امتدت فترات اعتقالهم الى ثلاث واربعة سنوات دون توجيه تهم اليهم هذا عدا عن تعرضهم الى شتى انواع التعذيب النفسى والجسدى.

كيف اؤمن بعدالة تطبق بتمييز عرقي فاضح ويطلب منى الاخر ان اكون عقلانيا ومنطقيا ومنصف !!

كيف لى ان اؤمن بمنظومة دولية لاهم لها سوى مخالفة مبادئها التى تدعى الايمان بها لمجرد التنكيل بنا وبمعتقداتنا ؟

لا ادرى على وجه الخصوص كيف لى ان اوازن بين ثقافة السحل الاصيلة فى داخلى وبين ثقافة القانون الدخيلة على ؟


سيبقى هذا السؤال معلقا حتى ترضى امريكا


وانى لها ترضى





تحياتى


والى لقاء قريب.....